الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لا شك أن التواصل أولا وأخيرا هو أساس التوازن النفسي وأساس الاندماج الاجتماعي للفرد، وهو الأساس الذي تقوم عليه طرق الانتماء إلى ثقافة ما، ونحن لا يمكن أن نفعل شيء لا يتضمن جزئية تواصلية إلى الحد الذي دفع العلماء إلى القول باستحالة عدم التواصل. فالظواهر الإنسانية في كليتها لا يمكن أن توجد خارج رغبة الكائن البشري في التواصل مع غيره بشكل مباشر أو غير مباشر، فمجموع ما ينتجه الإنسان عبر لغته وأشيائه وجسده وإيماءاته وطقوسه يندرج ضمن سيرورة تواصلية متعددة المظاهر والوجود. والمعاق بصريا يشعر أن شيئا ما قد طرأ على سهولة اتصاله بالآخرين ولكنه لا يتبين بوضوح ما الذي اعترض سهولة اتصاله بالآخرين وربما يلقي باللائمة على نفسه متوهما حدوث شيء آخر بالإضافة إلى إعاقته بحيث جعله غريبا، وربما يلقي باللائمة على الآخرين على أنهم حمقى وأغبياء والمبصرون الذين يحول التحدث معهم هم أيضا لا يعرفون حقيقة ما حدث. وفقدان الكفيف للعديد من المهارات التواصلية لا ينتبه إليه الشخص المبصر العادي ولكن الذي ينتبه إليه هو أن هناك اختلافا يحسه في الطريقة التي يتكلم بها الكفيف وبالتالي سينصرف وهو يحس بشيء ناقص وهذا الغموض حول الشيء الناقص من شأنه أن يعوق بشكل أخطر سوية الحديث وفي هذا ما يجعل هذا الفقدان أكثر أهمية. ويتفق هذا مع ما لاحظه الباحثان النفسيان ستيفن نويكي ، ومارشال ديوك في كتابهما ” معاونة الطفل الذي يحتاج للمعونة ” : ان مشاكل التواصل غير اللفظي تكون في الغالب سببا في عجز الطفل عن التفاعل الاجتماعي بصورة أكبر حتى لو كان قادرا على أن يتبادل الحديث مع الآخرين بالفعل، وقد كتبا قائلين ان أخطاء التواصل اللفظي عند الطفل سوف تقود الآخرين إلى التفكير في أن الطفل الذي يخطئ هو هو طفل غير متعلم أو ليس ذكيا، وعلى جانب آخر فإن أخطاء التواصل غير اللفظي عند الطفل عادة ما تجعل الآخرين يصفونها على أنها مخيفة وغريبة، وحين يقترف شخص ما خطأ في التواصل اللفظي فإننا من خلال ذلك الخطأ نحكم على قدراته الفكرية وفي المقابل حين يخطئ فيما يخص التواصل غير اللفظي فإننا نكون أكثر ميلا للحكم على عدم استقراره العقلي ، وفكرة قبول أن نكون بجوار شخص غير متعلم تختلف عن فكرة قبول أن نتواجد بالقرب من شخص غير مستقر ذهنيا. |