الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص وفي نهاية المطاف آن لنا أن نحطَّ الرحال بعد رحلة شاقة ، أضنت جوادنا ؛ لبعد السفر غير أن الزاد الذي تزودنا به كان قوامه الصبر على الطلب ، والجد في البحث ، والتنقيب في تراثنا الحافل ، متوشحاً – في كثير من الأحيان – بما يردده المحدثون من نظريات لغوية . تَبَيَّنَ لي بوضوح عُمقُ جذورها في تراثنا بشكل عام ،وعند الخفاجي بشكل خاص .ويمكننا أن نجمل ما توصل إليه البحث من نتائج فيما يلي : أولاً : الشهاب الخفاجي : 1- قدم البحث ترجمة وافية للخفاجي اعتماداً على عدد غير قليل من المصادر ؛ حيث تابعت الخفاجي في أطوار حياته المختلفة . 2- وقدمت إحصاءً لجميع كتب الخفاجي ومؤلفاته . ، وتَبَيَّنَ أن أهم مؤلفاته اللغوية لم تحظ حتى الآن بالتحقيق العلمي ، نسأل الله أن يعيننا على إنجاز بعض ذلك في المستقبل . 3- أظهر البحث أثر الخفاجي وكتابه فيمن جاء بعده من العلماء والأدباء. ثانياً : فيما يخص الدراسة اللغوية : 1- إثبات أنَّ الاقتراض اللغوي بين اللغات لا مفر منه على مر الأزمان. 2- وضع حدود واضحة بين مصطلحات ثلاثة تتردد في الدرس اللغوي عند القدماء والمحدثين ، هي المعرب والأعجمي والدخيل وحررنا كلاً منها ، وأبرزنا موقف الخفاجي منها ، وأن كلاً منها كان واضحاً عنده لا يختلط بغيره ، ولعله بذلك يمتاز ممن سبقه من اللغويين العرب. 3- أثبت البحث أن الخفاجي له موقف متميز من المعرب ، وأنه يرى امتداد التعريب لما بعد عصور الاحتجاج بشرط التنبيه على أنه عُرِّب على يد المولدين وأنه مقيس على منهج العرب في التعريب ، فنجد مصطلح المعرب المولد ، والمعرب العامي أو مما عربه المولدون ، وعربته العامة ، يتكرر في كتابه كثيراً . 4- أثبت البحث أن الخفاجي يُعد أول من جمَّع هذا العدد من المُوَلَّد في كتابٍ ، باعتبار أن المولد نوع من الدخيل الذي طرأ على اللغة ، مثله في ذلك مثل العرب فكلاهما ليس من كلام العرب. 5- أثبت البحث موقف الخفاجي من بعض قضايا التعريب ، مثل : تغيير المعرب ، والمعرب في القرآن ، والمعرب في الحديث ، وفي الشعر القديم ، والمعرب بعد زمن الفصاحة . 6- تفرَّد البحث بعمل دراسة إحصائية تحليلية لمداخل كتاب شفاء الغليل ، مع توضيح النتائج على رسوم بيانية ؛ بحيث اتضحت مادة الكتاب ، ومجالاتها ، ومدى تركيز الخفاجي على كل مجال منها ، ودلالة ذلك . 7- وفيما يخص الظواهر الصوتية : أ) أثبت البحث إمكان تفسير تحول بعض الأصوات الأعجمية إلى أقربها من الأصوات العربية ؛ عن طريق ما أقره المحدثون من التطور التاريخي للأصوات والخفاجي – وإن لم يقل بفكرة التطور التاريخي للأصوات – قد أكَّد على وجوب تحول الأصوات الأعجمية إلى العربية ، وهو في ذلك متابع لمن سبقه من القدماء . ب) وأظهر البحث تنبه الخفاجي إلى العلاقة الصوتية بين الأصوات ، ودورها في حدوث الإبدال ، وهو ما درسه المحدثون تحت ما عرف بالمماثلة والمخالفة الصوتية ، وقد وجدنا عدداً غير قليل من الأمثلة التي ذكرها الخفاجي وأمكن تفسيرها بهذين القانونين ، وهو إن لم يصرح بمنطوق المصطلح إلا انه قدم تعليلات واضحة لحدوث المماثلة والمخالفة ، أهما تخفيف اللفظ . ج) استحدثت الدراسة مصطلحاً جديداً لتفسير الإبدال الذي لا يعتمد على تبادل التأثير بين الأصوات في الكلمة ، ذلك المصطلح هو الإبدال للتعريب . د) قدم البحث رؤيا تفسيرية جديدة لتعريب الهاء المتطرفة في آخر الكلمة الأعجمية ، مستمدة مما قاله الخفاجي – متابعاً سيبويه – في ذلك . 8- وفيما يتصل بالظواهر الدلالية: أ) تنبه الخفاجي إلى تغيرات المعنى في المفردات واستخدم اصطلاحات توازي ما عرف عند المحدثين بـ (التضييق الدلالي والتوسع الدلالي والانتقال الدلالي) كما أثبت البحث موقف الخفاجي من الترادف ، وإقراره به ، ودور التعريب في إيجاد المترادف وكذلك المشترك اللفظي . ب) أبرز البحث موقف الخفاجي من المشترك بين اللغات ، فيما أطلق عليه (توافق اللغات) متابعاً من سبقه . ج) أثبت البحث أن هناك عددًا كبيرًا من الكلمات في شفاء الغليل تعد من المشترك السامي ، ولم يتنبه الخفاجي إلى ذلك ؛ فنسب بعضها – كغيره من القدماء – إلى العربية ، وبعضها إلى المولد ، والبعض الآخر إلى المعرب . د) ومن قضايا الدلالة في التراكيب : - التعبير الاصطلاحي ؛ والتفريق بينه وبين التعبير السياقي ، مع عمل معجم للتعبيرات الاصطلاحية في شفاء الغليل ، وتحليل بعض النماذج من تلك المصطلحات تحليلاً تركيبياً. 9- وفيما يتصل بالظواهر الصرفية : أ) حقق البحث موقف الخفاجي من الاشتقاق من الكلمات المعربة ؛ حيث يرى أن العرب تتصرف في الكلمات المعربة كتصرفها في الكلمات العربية ، كما أنه يرفض – متابعاً أغلب القدماء – ادعاء أصول عربية لبعض الكلمات المعربة . ب) وأثبت البحث موقف الخفاجي من سماعية المعرب ، فما عُرِّب على نهج العربية (قياساً) بعد عصور الاحتجاج يُعدُّ مولداً ، وأطلق عليه : (المعرب المولد) . ج) أثبت البحث أن مفهوم المحدثين للنحت هو نفسه عند الخفاجي ، كما أكد أن النحت عنده قياسي ، يسير مع اللغة على مر العصور ، وعَدَّدَ دواعي النحت عنده ؛ حيث يتفق أغلبها مع ما ذكره المحدثون ، كما وجدنا أن الأمثلة التي ذكرها الخفاجي للنحت تندرج تحت صور النحت (المنحوت) عند المحدثين . - ومما تفرد به الخفاجي أنه تنبه إلى أن الاسم المعرب قد يدخل إلى العربية منحوتاً من مركب في الأعجمية ، وذكر أمثلة لذلك. د) عدد البحث أمثلة كثيرة لوقوع القلب المكاني في شفاء الغليل في الكلمات المعربة وأثبت موقف الخفاجي من القلب المكاني من خلال أمثلته التي ذكرها. ثالثاً : التحقيق : من النتائج التي توصل إليها البحث فيما يخص تحقيق كتاب ”شفاء الغليل” ما يلي: 1- ضبط المتن وإزالة مواطن الغموض والاضطرابات – وهي كثيرة – وذلك من خلال الرجوع إلى مخطوطات الكتاب ؛ والمقابلة بينها . 2- تأكد لدينا أن جميع طبعات الكتاب لم يرجع أصحابها إلى أي مخطوطة للكتاب وإنما اعتمدوا جميعًا على (ط بدر) 1325هـ . 3- أكمل مخطوطة للكتاب في مصر هي مخطوطة دار الكتب (ك) . أما باقي المخطوطات فإن بها خرمين كبيرين الأول في حرف الألف والثاني يشمل حرف الباء كاملاً . 4- إضافة أكثر من خمسين مادة لغوية جديدة – من خلال المقابلة بين المخطوطات للكتاب – منها ثلاث وعشرون مادة في حرف الهمزة ، والباقي موزعة على سائر حروف الكتاب . وهذه المواد لم تثبت في أي نسخة من نسخ الكتاب . 5- إتباع منهج صارم في التحقيق ، يعتمد على الاستقصاء في تخريج النصوص ، وتأصيل المواد المختلفة من مصادر اللغة التراثية ومن كتب المحدثين وذلك في هامش التحقيق ، وهو الذي يلي المتن مباشرة . 6- يعد كتاب (شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل) مصدراً غنياً من المصادر التي تعطينا صورة جيدة لتطور المفردات حتى العصور المتأخرة ، فيما يمكن أن ندرجه تحت ما عرف باللحن أو الانحراف اللغوي . 7- لم يكن تأصيل الكلمات المعربة الهدف الأول للخفاجي ؛ فجاء كلامه عن المعرب ترديداً لكلام من سبقوه ، إلا في بعض المواد التي أدلى فيها بدلوه . 8- يعطينا الكتاب صورة جيدة لبعض البيئات العربية ؛ من خلال ذلك العدد الكبير الذي ذكره الخفاجي من التعبيرات الاصطلاحية التي انتشرت في تلك البيئات ، وذلك يدخل ضمن ما يعرف الآن بعلم اللغة الاجتماعي . وبعد ... فإنني في نهاية الكلام لا يسعني إلا أن أكرر ما بدأت به من تقديم خالص الشكر والعرفان لأستاذي الجليلين ، الأستاذ الدكتور/ رمضان عبدالتواب – رحمه الله تعالى – والأستاذ الدكتور / محمد إبراهيم عبادة ، بارك الله لتلاميذه فيه ، وجزاه عنهم خير الجزاء . والشكر موصول إلى إخوان ، وقفوا معي في هذا البحث وقفة صادقة ، قَلَّمَا نجدها في هذا الزمان ؛ أخي الدكتور/ منير جمعة والدكتور / عبد الرحمن يوسف والدكتور/ خالــد فهمي ، والدكتور/ أحمد النجمي ، والدكتور / إيهــاب النجمي ، وفريق الفجـــر للطباعة والإخراج الفني فجزاهم الله خيراً . وفي الختام لا أبرئ نفسي من الخطأ والزلل ، فإن أصبت فذلك فضل الله ، وإن كانت الأخرى فمن نفسي ، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل . وفوق كل ذي علم عليم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . |