![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص تعتبر الصعلكة ظاهرة إنسانية ، ولم تكن حكرا على واحد من الشعوب . ففي أوروبا سوف نجد شعراء التربادور وشعراء الغجر الرحالين ، بل وسوف نجد أدب الصعاليك يدرسه المهتمون بالأدب الأوروبي . كذلك نجد في السياق العربي تيارات شعرية تبدأ من شعراء الصعاليك فيما قبل الإسلام ، وصعاليك العصر الأموي الذين خرجوا عن سلطة الدولة الأموية ، ثم صعاليك العصر العباسي الذين عبروا عن تمردهم على التقاليد الاجتماعية والأخلاقية كنمط من التعبير عن صعلكة المدينة الحرة من التقاليد الجماعية ، حتى صعاليك العصر الحديث . وهناك ارتباط بين الصعاليك وقضية التهميش الاجتماعي كيفما توضح الدراسات السابقة على البحث . إذ يمثل شعر الصعاليك الرؤية الضدية للرؤية المركزية لشعراء المعلقات . ولقد اتجهت الدراسة الحالية لبحث شعر الصعاليك نظرا لتراوح الدراسات السابقة بين الدرس الأدبي الصرف للنصوص ، أو الموازاة الحرفية بين النص وواقع إنتاجه . وللوقوف بوضوح على أبعاد الدراسة ، فإن الباحث وضع مجموعة من التساؤلات ، شملت على : كيف تجلى التهميش الاجتماعي في واقع عرب قبل الإسلام ، وكيف عانت منه جماعة الصعاليك ؟ كيف عبَّر شعراء الصعاليك عن قضية التهميش الاجتماعي نصيا ؟ وما الوسائل الفنية المصاحبة لهذا التعبير الفني ؟ وقد استعدت هذه الأسئلة البحث في الأهداف التالية : أولا : التعرف على البنية الاجتماعية والاجتماعية لمجتمع الدراسة وموقع جماعة الصعاليك فيه . ثانيا : الوصول لرؤى العالم الشعري التي يكشف عنها التحليل الجمالي والفكري للنصوص قيد البحث . ثالثا : إدراك مدى قدرة هذه الرؤى على التعبير عن التهميش الاجتماعي الذي عانته الجماعة . وتحقيقا لأهداف الدراسة ، فقد استعان الباحث على المستوى النظري بالبنيوية التوليدية لتكون عونا له على التحليل السوسيولوجي للنصوص . أما على المستوى المنهجي ، فقد استخدم الباحث المنهج التاريخي بالنظر في البنية الاجتماعية والاقتصادية لمجتمع الدراسة وتحليلها تحليلا تاريخيا ، واستعان بالمنهج الوصفي ، لدراسة النص وتحليله باستخدام أداة تحليل المضمون . كذلك استخدم الباحث أداة دراسة الحالة ، من أجل التعرف على السيرة الذاتية لشعراء الدراسة . وتوصلت الدراسة لعدد من النتائج ، وهي : أولا : أن جماعة الصعاليك عاشت مأزق التهميش الاجتماعي ، في هيئة تبادل سلبي ، يتشكل في هجران الأهل والشعور بالغربة ، والشعور بالحرمان الاقتصادي الناجم عن التباين الطبقي ، والحرمان الجنسي . ثانيا : أن الشعراء الصعاليك استطاعوا التعبير عبر مركب معاني مكون من : الغربة ، التباين الطبقي ، ورفض الوصل الجنسي ، عن قضية التهميش بمستوياتها المختلفة ، مع الاعتبار بأن كل مكون مشتبك بغيره . ثالثا : هناك حضور لرؤى العالم على المستوى الجمالي . فمن أجل أن يمثل الشاعر الصعلوك مكون الغربة ، لجأ إلى اصطناع المجاز كدينامية توفر التقارب بين الإنسان والوحش ، والحرص على الوصف الدقيق لمكونات الأشياء ، وفي ذلك أمثلة كثيرة . رابعا : اعتبار قصيدة الصعاليك قصيدة فرعية مضادة ، فهي جماليا تستفيد من الثقافة النصية الجاهلية لتنجز خطابا نقيضا يرمي لرفض السيطرة بكل صورها . |