الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لقد كان الأدب العبرى / الصهيونى - ولا يزال - من أهم الأسلحة النظرية التى يعتمد عليها الكيان الصهيونى فى غرس القيم الصهيونية وتجذيرها فى عقلية الإنسان اليهودى فى محاولة عنصرية لتمجيد الشخصية اليهودية ودعم وجودها القانونى والأخلاقى. ومن ثم فقد كرس الأدباء اليهود مضامين إبداعاتهم الفنية والأدبية لخدمة الصهيونية السياسية بكافة الوسائل الضرورية سلبا وإيجابا, فأما تحقيق هذه الوسائل ”إيجابيا” فيتم من خلال الترويج للفكر الصهيونى وتبرير سياساته, وأما الأسلوب ”السلبى” فى أداء الأدب العبرى لخدمة الأهداف الصهيونية فيتحقق من خلال نقد ”الذات الصهيونية” فى محاولة - واعية أو غير واعية - للتغيير. ومن هذه الآليات التى تدور فى إطار نقد الذات الصهيونية هى كشف المفارقة الناتجة عن التباين بين الأحلام الصهيونية والواقع اليهودى فى فلسطين الذى ولد ظاهرة ”الإغتراب”. ويمكن القول إن الإغتراب يعنى إخفاء للعجز, وتبريرا للقصور, وهروبا من مواجهه الواقع والحقيقة, فحينما عادت الصهيونية باليهود إلى فلسطين زادت من حدة الإغتراب فى الحياة اليهودية, بحيث لم يجد اليهودى نفسه فى الأرض الجديدة, فقد الإرتباط بجذورة الأوربية بما فيها من ثقافات, ولم يستطع أن يضرب بجذورة فى الأرض الجديدة, فتولدت لديه حالة من الإغتراب, عبر عنها أحد الأدباء اليهود الذين نزحوا إلى فلسطين جسدى فى فلسطين منذ عشر سنوات, ولكنى مكتئب, وإننى حتى الآن لم أحضر إلى فلسطين, ومازلت فى الطريق. ولما كانت دراسة ظاهرة الإغتراب فى الحياة اليهودية تسهم فى فهم العقلية اليهودية, فقد آثرنا أن يكون موضوع بحثنا هذا فى الأدب العبرى الحديث. ومن بين الأعمال الأدبية الحديثة التى تجلت فيها ظاهرة ”الإغتراب” فى الحياة اليهودية هى رواية ”أيام وليالى” لناتان بسترتسكى, وهو كاتب وناقد يعد من أبرز أدباء الهجرة الثالثة واقعية فى تناول وضع اليهود فى فلسطين, فقد عاش بنفسه تجربة العمل الزراعى فى الكيبوتس, وتعد روايته ”أيام وليالى” التى نشرت فى عام 1926م هى الإنطباع الحقيقى الأول فى تصوير مجتمع الكيبوتس. |