![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لا شك أن إسهام المسلمين فى تقديم المعرفة وتشييد صرح الحضارة الإنسانية يعتبر من أهم الحقائق التى شهد بها المنصفون من المؤرخين والمستشرقين والعلماء المعنيين بالكشف عن تراث القدماء والمهتمين بالتحليل العلمى والموضوعى لحركة التاريخ الإنسانى على مختلف العصور, إلا أن هذا الإسهام الحضارى للمسلمين فى مختلف فروع المعرفة فى قوبل - ولا يزال يقابل - بالجمود والنكران من جانب أصحاب النزعات العنصرية والتعصيبية, على الرغم من أن الحضارة الإسلامية بغير شك - وكما أثبت ذلك الكثير من المؤرخين والمستشرقين - تعتبر حضارة زاهرة مهدن بكل المقاييس الطريق للنهضة الأوربية الحديثة والحضارة التقنية المعاصرة. ونستطيع أن نقول أن ما تحقق على أيدى علماء المسلمين فى شتى الميادين وخاصة ميدان العلوم لا يكاد يصدق, ولم يحدث قط فى تاريخ الإنسانية أن تمكن قوم من العلم هذا التمكن السريع والذى يعد بمثابة المعجزة - على حد قول جورج سارتون عندما وصف دور العلماء المسلمين فى تطور العلوم - التى ساهمت فى تطور وتقدم الإنسانية كلها, يزيد على ذلك المستشرق العالم ”سيدبو” عندما وصف دور علماء المسلمين بقوله ”إن أفكارهم القيمة وإبتكاراتهم النفيسة تشهد بأنهم أساتذة أهل أوربا فى مختلف فروع المعرفة”, وها هو العالم ”كاربنسكى” يقول ”أن العلوم الحديثة قد دلت على عظم ديننا للعلماء المسلمين الذين نشروا نور العلم حينما كانت أوربا غارقة فى ظلمات القرون الوسطى وأن المسلمين لم يتقصروا على نقل علوم الإغريق بل زادوا عليها وأسهموا فيها بإضافات هامة”. ومن هنا وبعد كل هذا تأتى أهمية دراسة علوم علماء المسلمين التى وصلت لدينا ولعل آثارنا الخالدة والتى مازالت باقية لدينا شاهدة بمنتهى الوضوح على هذا التقدم, فهى تعتبر بغير شك دليل مادى لا أحد يستطيع نكرانه بأى حال من الأحوال. وقد جاءت دراسة منشآت الطواحين - كما سبق وأن ذكرنا - محاولة للتعمق فى تاريخ علوم علماء المسلمين من خلال الآثار. ولقد كشفت دراسة الطواحين عن مدى إرتباط هذا التطور العظيم إرتباطا وثيقا بالشريعة الإسلامية, فقد وضعت لنا الشريعة الإسلامية ضوابط ومعايير دقيقة لابد من غ إتباعها عند إنشاء هذة المنشآت, بل نستطيع أن نؤكد أن السبب فى التقدم العلمى لعلماء المسلمين هو إرتباطهم الوثيق بالدين الإسلامى الحنيف, فنستطيع القول أن علماء المسلمين إستطاعوا صياغة علمهم وإستخدامه الإستخدام الأمثل طاعة الله عز وجل ثم خدمة الناس وهو ما يميز الحضارة الإسلامية عن غيرها من الحضارات الأخرى. |