الفهرس يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام
 |  | from | 203 |  |  |
| | | from | 203 | | |
المستخلص
الالتزام هو أحد قضايا الأدب و النقد الكبرى ، التي تتصل بجوهر العمل الأدبي . و الدعوة إلى الالتزام تعني مشاركة الفنان في قضايا قومه وإضاءة الطريق لهم ، لأن الأديب الحق لا يمكن أن يعيش بضميرين ، ضمير مع نفسه و ضمير مع الناس ، و إنما يواجه الأديب الحق نفسه و مجتمعه بضمير واحد لأنه يحس أن مشكلاته لا تنفصل عن مشكلات الناس ، بل ربما كانت مشكلات الناس بالنسبة إليه هي محور مشكلاته .
و ينهض هذا البحث على رصد العناصر التي التزم بها القصاص التركي طارق بوغرا في قصصه القصيرة على المستويين الموضوعي و الفني ، انطلاقا من الاعتراف بانتماء طارق بوغرا للأدباء الواقعيين الاشتراكيين ، وبأهمية الدور الذي أسهم به هذا القصاص في تكميل بناء الفن القصص التركي الحديث و المعاصر ، إذ برز طارق بوغرا بوصفه أحد كُتاب القصة القصيرة التركية مع مطلع النصف الأول من الخمسينات ، حيث سجلت أعماله القصصية اسمه ضمن كبار كتاب القصة القصيرة التركية ، و ذلك لالتزامه بقضايا وطنه ، و لاقصاره فنه في تناول مشكلات مجتمعه .
و في سبيل تحقيق الهدف المتقدم ذكره ، اتبع الباحث في هذا البحث المنهج التكاملي لكي يفيد من أكثر من منهج بما يناسب القضية التي يحاول الباحث تحليلها حتى يقف على مدى الالتزام الموضوعي و الفني في القصص القصيرة لطارق بوغرا موضوع الدراسة ، و تقديمها في قالب نقدي يجمع بين تناول كل من الشكل والمضمون .
وفي ضوء هذا المنهج قسمنا الدراسة إلى مقدمة و مدخل و خمسة مباحث و خاتمة :
تناولت المقدمة أهمية موضوع البحث ، و أسباب اختياره ، و المنهج المتبع . و أشتمل المدخل على التعريف بمفهوم الالتزام ، و الإشارة إلى تاريخ ظهوره في الساحة الأدبية ، و هل الالتزام يحد من حرية المبدع و يعيب إنتاجه من الناحية الفنية .
أما المبحث الأول : جاء يحمل عنوان طارق بوغرا أديبا ملتزما مستعرضا مصادر تكوينه الأدبي .
و في المبحث الثاني المعنون بـ طارق بوغرا أديبا ملتزما بقضايا الأسرة ، استعرضنا كيف حظيت الأسرة باهتمام بالغ في حياة طارق بوغرا ، و في أعماله القصصية . فقد تناول العديد من القضايا الخاصة بالعلاقات الأسرية داخل المجتمع التركي ومن أهم هذه القضايا ، علاقة الرجل بالمرأة بعد الزواج و تطرق إلى المشكلات التي من شأنها أن تقوض هذه المؤسسة . كما ناقش إشكالية منح المرأة حرية اختيار الزوج ، والزواج دون سابق معرفة .
أما المبحث الثالث فجاء يحمل عنوان طارق بوغرا أديبا ملتزما بمعان إيمانية و قيم أخلاقية ، و ناقش هذا المبحث كيف كان طارق بوغرا حريصا في حياته على أن تنطلق سلوكياته من منظومة تحكمها المبادىء و القيم ، و كيف جاء إنتاجه القصصي يناقش معان إيمانية استشعر أن أبناء مجتمعه يعانون من لبس في فهمها .
و يحاول المبحث الرابع الذي يحمل عنوان طارق بوغرا أديبا ملتزما بقضايا فكرية ، الوقوف على المرتكزات الفكرية لدى طارق بوغرا ، و القضايا الفكرية التي كان مهموما بها ، و رؤيته للعالم . و جاء في مقدمة هذه القضايا الفكرية ثنائية المدينة و الاغتراب ، و هي من القضايا الاجتماعية النفسية التي يعاني منها الإنسان المعاصر ، فكيف عبر عنها طارق بوغرا ، و هو واحدا من أبناء قرى الأناضول ، هاله ما لاقاه في المدينة . و من القضايا الفكرية التي استعرضها الباحث في هذا المبحث قضية الحب و المعرفة . و كيف أن الحب الإنساني هو السبيل الذي يكشف للمحب جوانب روحانية تقربه من المحبوب الحق و هو الذات الإلهية . و ناقش المبحث فكرة العالمية و الإعلاء من قيمة الإنسان ، و هي من القضايا التي افرد لها بوغرا مساحة في خطابه القصصي لإيمانه بأن العرقيات و العصبيات تنمي الكراهية و الضغائن بين بني الإنسان ، و أن الحب و التآلف هما السبيلان لإنقاذ الإنسان في عصر تسوده المادية و القسوة ، و في ضوء هذا المعنى يناقش قضية أن الإنسان بفطرته يميل إلى الانصهار و الاجتماع باعتباره حيوان اجتماعي .
و استعرض المبحث الخامس كون طارق بوغرا أديبا ملتزما فنيا و أسلوبيا ، و قد وضح من خلال المبحث التقنيات الفنية التي التزم بها طارق بوغرا و التي وسم بها خطابه القصصي ، و كيف أنه اتخذ من عنصر اللون عنصرا دالا على التحولات النفسية التي شهدتها قصصه . و ألقى هذا المبحث الضوء على التزامه بنمط محدد في الأسلوب الإملائي ، إلى جانب ذلك كيف أولى اهتماما بالعنوان ، لإيمانه بدوره في عملية التلقي .
وجاءت الخاتمة مشتملة على أهم ما توصلنا إليه من نتائج ، ومنها ما يلي:
• أن هناك مجموعة من العوامل تضافرت في تشكيل شخصية طارق بوغرا الإنسان و الأديب ، من بينها أسرته التي راعت موهبته ، و أساتذته و تبنيهم موهبته ، و عمله بالصحافة .
• عكست القصص القصيرة لطارق بوغرا ، نتاج خبرة شخصية و ملاحظات و تأملات أديب مرهف الحس يعرف قيمة المؤسسة الأولى التي تتلقف الطفل و هي الأسرة ، فعرض و ناقش أهم مشكلات الأسرة التركية .
• كان طارق بوغرا مؤمنا بأن من مهام الأديب أن يرسي خطابه الأدبي معان إيمانية و قيم الأخلاقية و إبرازها للمجتمع حتى يفيد الناس منها ؛ لأنه إذا لم يفعل الأديب هذا الأمر ؛ فلا قيمة للأدب و سيظل معزولا و منشغلا بأموره الخاصة ، ولا يمكن أن يؤدي رسالته المهمة.
• انشغل طارق بوغرا بمجموعة من القضايا الفكرية التي كانت تؤرقه في واقعه ، و كان الإنسان المعاصر محورها .
• جاءت قصص طارق بوغرا ، بجانب التزامه الفكري ، تحمل سمة الالتزام الفني والأسلوبي .