Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
إعادة تقييم أعمال فيليب لاركن في ضوء آرائه النقدية /
الناشر
وسام فتحي عبد الرءوف حسن،
المؤلف
حسن، وسام فتحي عبد الرءوف
الموضوع
الأدب الإنجليزي تاريخ ونقد
تاريخ النشر
2001 .
عدد الصفحات
191 ص.
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 222

from 222

المستخلص

يعتبر العديد من النقاد والقراء العاديين فيليب لاركن أحد أهم الشعراء المعاصرين فى إنجلترا وبخاصة فى الفترة التى تلت الحرب العالمية الثانية وكذلك يعد لاركن أحد أهم أعضاء المجموعة الأدبية التى سادت خلال الخمسينات من هذا القرن والتى عادة ما يطلق عليها اسم ”الحركة”. وتعتمد شهرة فيليب لاركن كشاعر بصورة أساسية على أربعة دواوين قصيرة نشرت تباعاً بعد الحرب العالمية الثانية بمعدل ديوان كل عقد.
وتعالج قصائد لاركن موضوعات تختص بالحياة فى الدينة، ويتسم شعره بالجراءة فى اختيار الموضوعات، واستخدامه المتميز للتراكيب والألفاظ والصور البلاغية. ولقد استطاع لاركن أن يوظف اللغة اليومية والألفاظ العلمية فى كتابته للشعر حيث أنه كان من الداعين لجعل لغة الشعر أقرب ما يمكن للغة التخاطب اليومى البسيطة والواضحة. وشعر لاركن بصورة عامة يهدف لتجسيد الخبرة الحية بصورة مباشرة ودائمة لقرائه. واستخدام اللغة البسيطة فى شعر لاركن لا يتيح له فقط أن يجذب عدداً أكبر من القراء بل يوفر له أداة مباشرة لنقل معانيه المحددة بأمانة ووضوح ودقة لجمهوره أيضاً.
ولقد أصبح من الممكن صياغة أراء لاركن النقدية فى صورة محددة نتيجة لنشر مختارات من خطاباته عام 1992 وكذلك نشر سيرة حياته عام 1993، وهكذا فقد توافرت معلومات لم تكن معروفة من قبل حول العديد من القضايا التى أثارت الجدل حول لاركن، وكذلك تعكس قصائد لاركن الكاملة (1988) حقيقة أن لاركن كان أكثر إنتاجاً كشاعر مما يظن عادة. وتظهر الدراسة الدقيقة لانتاج لاركن الشامل أهميته ليس كشاعر فقط بل كروائى جدير وككاتب صحفى وناقد أدبى يتسم فكره بالتميز والاتساق.
ويهدف شعر لاركن لصياغة ملاحظاته وأراءه حول الخبرات اليومية العادية فى صورة قصيدة تمثل أداة لفظية عالية الحرفية تحفظ هذه الآراء المتميزة بصورة دائمة لمن يرغب فى قراءتها، وهو يرى أن الشعر هو عملية إعادة خلق تتسم بالمهارة والحرفية لمشاعره الخاصة لدى قراءه عند قراءاتهم لشعره.
ويرى لاركن أن الشعر يمكن أن يؤدى عدة وظائف : أولها هى وظيفة ذاتية ذات طابع شخصى تتمثل فى أن كتابة الشعر تخلص الكاتب من ضغوط نفسية معينة. وشعر لاركن الناضج ما هو إلا تعبير عن خبرات ذات معان خاصة للأركن كإنسان. أما الوظيفة الثانية فهى وظيفة جمالية. حيث يرى لاركن من خلالها أن الشعر ما هو إلا عملية إعادة خلق لرؤية الشعرية يتشابه إلى حد كبير مع مفهوم الرومانسيين عنها حيث أن الرؤية كانت تعبر عن التواصل مع ربة الشعر التى تلهم الكاتب موضوعاته. وبعد ذلك أصبحت الرؤية الشعرية بمثابة ”عامل حفاز” يساعده على صياغة أفكاره الخاصة فى صورة قصائد. وكذلك أصبحت تعبر عن حالة تشبه الحلم تهيئ للكاتب الجو الملائم لكتابة الشعر. أما فى مراحل نضجه فقد حول لاركن مفهوم الرؤية الشعرية لديه من النطاق الرومانسى إلى صيغة أقرب إلى مفهوم ”الكشف” الذى نقله جويس من السياق الدينى المسيحى إلى الأدب.
والوظيفة الثالثة للشعر تتمثل فى دوره كأداة لحفظ الخبرات الإنسانية. وتتمثل الوظيفة الرابعة فى تقديم الخبرات العادية اليومية بصورة جديدة تعكس قدرة لاركن الفريدة على تحليل هذه الخبرات وإدراك عناصر عادة ما يغفل القارئ ملاحظتها.
أما الوظيفة الخامسة فتختص بدور الشعر كمصدر إمتاع لكل من الكاتب والقارئ. ويرى لاركن أن متعة الكاتب تنتج من إحساسه بتحقيق الذات من خلال كتابته للشعر. وكذلك فهى تنتج من فهم القراء له. ويؤكد لاركن على أهمية أن يتوجه الكاتب للجمهور الذى يقرأ الشعر كوسيلة للترفيه والمتعة.
أما الوظيفة السادسة فتكمن فى قدرة الكاتب على خلق مشاعره الخاصة التى أدت لكتابة القصيدة لدى قرائه عند قراءتها ويلاحظ أن الوظائف الثلاث الأولى ترتبط بالمحتوى الخبرى للشاعر بينما الثلاث الأخيرة ترتبط بحرفية عملية كتابة الشعر من حيث البناء.
ورغم اهتمام لاركن بالأوزان والقوافى فى شعره إلى أن المحتوى الخبرى للقصيدة هو دائماً فى المرتبة الأولى لديه، فهو يرى أن العناصر الشكلية للشعر تكتسب أهميتها من خلال دورها فى جعل القصيدة أكثر كفاءة كأداة دائمة لحفظ خبرات الشاعر الخاصة.
ويعد ارتباط لاركن بمجموعة ”الحركة” أحد أهم العناصر التى ناقشتها هذه الرسالة. وكأحد شعراء هذه ”الحركة” فقد هاجم لاركن الشعر المعقد الذى ساد خلال العشرينات، وكذلك هاجم الشعراء ذوى الاهتمامات السياسية الذين كتبوا الشعر خلال الثلاثينات ، وكذلك عارض الشعر الذاتى اللاعقلانى الذى ساد لغة الشعر فى الأربعينات من القرن العشرين. بالرغم من تصنيفه كأحد شعراء ”الحركة” إلا أن لاركن لم يشارك هذه المجموعة توجهاتها نحو القراء. وبالإضافة لذلك فإن عداءه للحركة المعاصرة قد استمر حتى نهاية حياته ولم يرتبط فقط بالفترة التى سادت فيها ”الحركة”.
اشتهر لاركن كشاعر بعد نشر ديوانه ”الأقل انخداعاً” عام 1955 ومما تكشف عن هذه الرسالة أن لاركن كان يرى فى أن يصبح روائياً وليس شاعراً وأنه قضى سنوات عديدة فى بداية حياته محاولاً أن يحقق النجاح ككاتب للرواية. ولذا نجد أنه فى المرحلة السابقة لعام 1955 كانت كتابات لاركن الروائية أكثر نضجا من محاولاته الشعرية الأولى. ولم ينجح لاركن كشاعر إلا عندما أقر بإخفاقه كروائى ونجد أن قصائده الناضجة تتخذ شكل الأقصوصة ذات الطابع الذاتى. وكذلك فإن عددا كبيراً من قصائده تأخذ شكل المونولوج الدرامى بصور متعددة متخذا فى أكثرها شخصية الإنسان العادى. وتدور قصائده الناضجة عادة حول فكرة أو شعور ناتج من موقف محدد تحاول القصيدة تحليله إلى أبسط عناصره وتعكسه من مختلف الزوايا حتى تصل فى خاتمتها إلى نهاية غير متوقعة. وهكذا نجد أن المرحلة التى مر بها لاركن كروائى قد لعبت دوراً كبيراً فى تطور أسلوبه كشاعر فلكل من قصتيه ”جيل” ، ”فتاة فى الشتاء” تدوران حول ميل الإنسان لخلق أوهام خادعة تعين على التعايش مع إحباطات الحياة.
ويبين لاركن وجهة نظر تشاؤمية نحو الحياة ويرى أن إحباط الأمل ذاتيا هى الوسائل الملائمة لحماية الذات. وقد بنى لاركن روايتيه مثلهما فى ذلك مثل العديد من قصائده اللاحقة على خبراته الشخصية، فنجد أنهما تدوران حول فترتين مختلفتين فى حياة لاركن حيث تمثل كل منهما مرحلة من مراحل نموه النفسى من البراءة وحتى النضج ويحدث النضج من وجهة نظر لاركن كنتيجة للمعاناة وكذلك من خلال الاستكشاف الذى للنفس.
وتظهر دراسة إنتاج لاركن الأدبى أنه كاتب ذو توجه متشائم نحو الحياة حيث يكتسبه الجانب المظلم منها ونجده أكثر قدرة على التعبير عنه. وأكثر التيمات تكراراً فى شعر لاركن وبخاصة فى نهاية حياته هى الخوف من الموت، التقدم فى العمر الإصابة بالأمراض المفضية للموت، أما فى قصائده اللاحقة فازداد تعبيره عن الوحدة القاتلة وعجلة الزمن التى لا يمكن الوقوف أمامها وكذلك تحول خوفه من الموت إلى خوف مرضى مزمن. وتكمن مأساة لاركن فى أنه يمثل معاناة الإنسان المعاصر الذى حرر نفسه من كافة الأوهام وبخاصة تلك الأوهام التى ظنها مرتبطة بالدين إلا أنه بعد أن تحرر منها وجد نفسه مكبلاً بخوفه الدائم من مرور الوقت ومن الموت، وهكذا فقدت الحياة معناها بالنسبة إليه.