Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
المَقَامَاتُ: البِنْيَةُ وَالنَّسَقُ الثَّقَافِيُّ
” مَقَامَاتُ الْحَرِيْرِي ” نَمُوْذَجًا
المؤلف
عبد النّبي إبراهيم محمّد,علي
هيئة الاعداد
باحث / علي عبد النّبي إبراهيم محمّد
مشرف / محمّد يونس عبد العال
مشرف / عبد النّاصر حسن محمّد
الموضوع
مقامات الحريري ( النّصّ والتّلقِّي .
تاريخ النشر
2009.
عدد الصفحات
385.p؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
اللغة واللسانيات
تاريخ الإجازة
1/1/2009
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - اللغة العربية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 385

from 385

المستخلص

إنَّ دراسةَ السّردِ العربيِّ - قديمِه وحديثِهِ - لنْ يقفَ عندَ حدِّ تنتهِي معَهُ عطاءاتُهُ، أو مداخلُهُ البحثيَّةُ، وسيبقَى ذلكَ الجنسُ منَ الأدبِ مُتاحًا للدَّرسِ، إنْ كانَ بمناهجَ تقليديَّةٍ أو حديثَةٍ، وستبقَى الدِّراساتُ مستمرةً برؤاهَا المختلفَةِ كلَّمَا كانَ للعقلِ العربيِّ حبٌّ لهذَا التُّراثِ الضَّخمِ الَّذِي لمْ يُوفَّ حقَّهُ إلى الآنَ علَى الرَّغمِ من البُحوثِ المتكاثرةِ فيهِ.
إنّنِي في دراستِي هذهِ جعلتُ من أحدِ نتاجاتِ ثقافتِنَا العربيَّةِ مادَّةً للدراسةِ والبحثِ، وهوُ السَّردُ القديمُ، واستخلَصُتُ من ذلكَ الجنسَ الأدبيَّ الغزيرَ في نتاجِهِ المقاماتِ، واستصفَيتُ من تلكَ المقاماتِ مقاماتِ الحريريِّ؛ لمَا لهَا منْ خُصوصِيَّةٍ في ثقافتِنَا العربيَّةِ الإسلاميَّةِ، وقدْ آثرْتُ – علَى صعوبةِ المسلَكِ – أنْ أجعلَ أدواتِيَ البحثيَّةَ - لقراءةِ هذَا النَّصِّ وفكِّ شفراتِهِ - أدواتٍ نقديَّةً حديثةً؛ لكونِ المقاماتِ مدوّنةً حضاريَّةً اجتمعَتْ فيهَا مكوناتٌ عديدةٌ، منَها مَا هُوَ سردِيٌّ، ومنهَا مَا هوَ بلاغِيٌّ، ومنهَا مَا هُوَ ثقَافِيٌّ.
فكانَ لِزامًا عليَّ – والحالُ هذهِ – أنْ أنتقِيَ من الأدواتِ البحثيَّةِ مَا يُيَسِّرُ عليَّ مقاربةَ مقاماتِ الحريريِّ بصورةٍ تكشفُ عن مكونَاتِ هذَا النَّصِّ ومحدداتِهِ الثَّقافيَّةِ، وأنساقِهِ المضمرةِ فيهِ، وجمالياتِهِ الفنيَّةِ، فكانَ أنْ استعنْتُ بثلاثةِ مناهجَ للبحثِ أولُهَا البنيويَةُ؛ للكشفِ عن البِنَى والأنساقِ المتحكمَةِ في مدونَةِ الحريرِيِّ ( المقاماتِ )، وثانيهَا النَّقدُ الثَّقافِيُّ؛ للكشفِ عن المُحددَاتِ والبِنَى المضمرَةِ الّتِي تؤطِّرُ هذهِ المقاماتِ، وثالثِهَا: نقدُ الخِطابِ للوقوفِ على البنيةِ الخَطابيَّةِ في المقاماتِ، وطرائقِ القولِ، ووظائفِهِ الحِجاجيَّةِ في المقامَاتِ، وقدْ درستُ المقاماتِ بوصفِهَا نصًّا ثقافيًّا يتنزَّلُ ضمنَ مَا هوَ ثقافيٌّ لمجتمعٍ مَا، فكانتْ أداةُ النَّقْدِ الثَّقافِيِّ هِيَ الأَوْلَى بالكشفِ عن هذَا الجانبِ من مقاماتِ الحريريِّ.
ودرستُهَا بوصفِهَا دالاًّ، فكشفتُ عن بنيتِهَا النَّصيَّةِ في ضوْءِ مُعطياتِ النِّظريِّةِ البنيويَّةِ، ثُمَّ كشفتُ عن بنيتِهَا الخَطابيَّةِ في ضوءِ نظرياتِ تحليلِ الخِطَابِ، ونظريَّةِ الحِجَاجِ في البَلاغَةِ الجَديدَةِ.
وبعدَ تطبيقِ هذهِ الأدواتِ على مقاماتِ الحريرِيَّ، تبيَّنَ لي – من خلالِ البحثِ – أنَّ هَذَا النَّصَّ لَهُ منَ المداخلِ العديدَةِ مَا لاَ يستطيعُ بحثٌ لَهُ أُطرُهُ ومحدداتُهُ ومساحتُهُ أنْ يلُمَّ بكلِ هذهِ المداخلِ، فإنْ كنتُ لمْ أتعمَّقَ في بحثِ كثيرٍ منْ تلكَ المداخلِ فَلقَد نَبَّهْتَ إليهَا، بوصفِهَا مداخلَ بحثيَّةً لمَنْ أرادَ أنْ يَلِجَ منْ خلالِهَا ليقرأَ المقاماتِ قراءةً مغايرةً.
وحينُ نعودُ إلى بدايَةِ هذَا البحثِ سنَرَى ذلكَ التَّنافسَ الجَدَلِي بينَ مَا هُوَ شعريٌّ ومَا هوَ نثريٌّ، فَتأتِي المقاماتُ لتجعلَ منَ النَّثريَّ شِعريًّا، وَتُحوِّلُ السَّردَ إلى بناءٍ شِعريٍّ ( علَى طريقَةِ جَاكبسونَ )، هذهِ الشعريَّةُ تَمنَحُ النَّصَّ مقوماتٍ جديدةً تُحوِّلُهُ إلى نَصٍّ لاَ يَعترِفُ بالحدودِ الفاصلَةِ بينَ مَا هوَ نثريٌّ وَمَا هُوَ شِعرِيٌّ.
ومنْ خلالِ هذهِ الرؤيَةِ وَلجتُ إلى مقاماتِ الحريرِيِّ، فدرستُهَا علَى مستوَى البنيةِ والخطابِ.
وَقدْ تَبيَّنَ لِي منْ خلالِ البحثِ أنَّ هذَا النَّصَّ قدْ تَجاوَزَ الأنواعَ الأدبيَّةَ السَّائدَةَ في عصرِهِ؛ لأنَّهُ نَصَّ خرجَ بالصُّورَةِ منْ حَيِّزِ الجملةِ إلى حيِّزِ النَّصِّ عبرَ بنيةٍ تكادُ تكونُ قارَّةً في كلِّ مقاماتِ الحريرِيِّ، وجعلَ الحدثَ والصورَةَ متداخلينِ بل مُتناسجينِ، والفصلُ بينَهُما ضربَ منَ التَّعَسُّفِ والادِّعاءِ.