Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
جسد المرأة في الخطاب النّسوي :
المؤلف
زكريـا، ميـس صبيـح خليـل.
هيئة الاعداد
باحث / ميـس صبيـح خليـل زكريـا
مشرف / عليــاء علــي شكــري
مشرف / ساميــة قــدري ونيــس
مناقش / عليــاء علــي شكــري
الموضوع
الاجتماع- علم.
تاريخ النشر
2014.
عدد الصفحات
378ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
العلوم الاجتماعية (متفرقات)
تاريخ الإجازة
1/1/2014
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - قسـم اجتـماع
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

المستخلص

شغٍَلت دراسات المرأة حيّزاً من اهتمام الباحثين في مجالات العلم المختلفة، حيث حظيت قضايا المرأة في الآونة الأخيرة باهتمام عالمي؛ فأصبحت بُؤرة اهتمام عدّة مؤتمرات عالميّة تهدف لنشر الوعي بأوضاع المرأة والعمل على تحسينها. وقد سعى الخطاب النسوي إلى تناول قضايا مرحلة ما بعد الحداثة، بمعنى تأثير هذه المرحلة على أوضاع وقضايا النساء، وأبرز هذه القضايا ما يتعلق بأجساد النساء واستخدامها بطريقة تعكس أهداف هذه المرحلة، والتي أُطلق عليها ”المجتمع الاستهلاكي” الذي أصبح الجسد فيه – ولا سيّما جسد المرأة – موضوعاً أساسياً للإستهلاك. وتساوقاً مع الاهتمام بالمرأة وقضاياها، شغلت قضيّة الجسد الإنساني وما يرتبط به من قضايا المُفكرين والباحثين والفنانين واللاهوتيّين والعلماء عَبر العصور.
وشهِدت دراسات الجسد – ولا سيّما الدّراسات السوسيولوجيّة – اهتماماً مُتزايداً بالجسد والقضايا المُرتبطة به وتمثيلاته في الحياة اليوميّة واكتساحه لميادين وممارسات كانت غير معروفة، وأصبح موضوعاً لتفضيل الخطاب الجماعي ومرصداً للأحاسيس ومكاناً مميزاً للرفاهية وحسن المظهر؛ من حيث الشكل وبناء الجسم والأزياء والتجميل والحِميَة الغذائيّة ... الخ. فقد كان الجسد موضوع ”التابو” الأول، لذا اختلفت نظرة البشريّة له عَبر العصور وتناولته العديد من العلوم، كعلم البيولوجيا وعلم الفسيولوجيا وعلم الطب والفلسفة والعلوم اللاهوتيّة وعلم سُلالة الجسد الحديث والفلسفة الميكانيكيّة لحركة الجسد.
وإذا كان الاهتمام بالجسد الإنساني قد لاقى هذا الاهتمام البالغ، فإن جسد المرأة قد حظي بمزيد من الاهتمام، خاصة مع نمو التيار النّسوي الذي أصبح ظاهرة دوليّة أوجدت تُراثاً جديداً وغزيراً عن النساء ومختلف جوانب حياتهنّ وخبراتهنّ، وهي في أغلبها ترتبط بجسد المرأة – خاصة قضيّة قهر الجسد – في ظل الهيمنة الذكوريّة. ولقد رأت النسويّات أن الاهتمام بالتنظير للجسد يتعلق بالمرأة على وجه الخصوص باعتبار أن جنسها هو الجنس الذي عهد الربط بينه وبين الجسد، فبدون دراسات الجسد لا يمكن أن تتبلور نظريّة نسويّة، ولا يمكن أن يتواجد جسد حديث، والسبب هو أن جسد المرأة نص مفتوح على كل الاحتمالات المُمكنة للتأويل، ومن ثم تتعدّد القراءات لهذا الجسد.
وتضيف الدراسة أن عَلاقة الناس بأجسادهم تعكس نمط عَلاقتهم بالأشياء المحيطة بهم، كما أنها تُحدّد نمط عَلاقاتهم الاجتماعيّة، وينسحب هذا بطبيعة الحال على الأزياء بصفة عامة وأزياء النساء بصفة خاصة. فإن المظهر الخارجي يُمثّل أحد مُحدّدات المكانة الاجتماعيّة، كما أنه يُعتبر مصدراً لتحديد الوضع القِيَمي للشخص، فمظهر الشخص هو الذي يمنح الآخرين انطباعاً بأنهم يواجهون موقفاً رسميّاً أو غير رسمي. بالإضافة إلى ما تُشغله الأزياء من عالم خاص له عَلاقة بالألوان والتصاميم وعالم من الجمال الأخّاذ، حيث تتهافت النساء لاختيار أجمل هذه الأزياء وأحلاها بما يتناسب وأذواقهنّ وفي حدود احتياجاتهنّ. حيث أنّ هناك عَلاقة وطيدة بين الأزياء والجسد منذ الأزل، فقد بدأت الإشارة إلى الأزياء منذ بدء الخليقة حين أشارت الكتب السماويّة. فالزيّ هو أحد لغات قراءة الجسد، كما أنه مرآة لقراءة التاريخ، ومن خلاله يمكن فهم الأبنية والمعاني والأفكار والهويّات، فالثياب هي اللحظة التي يصبح فيها المحسوس دالاً، وبالتالي حاملاً لعَلاقات خاصة ينقلها الجسد كوعاء معرفي إلى اللباس. ولهذا كان الزيّ في مختلف المجتمعات القديمة وسيلة للتعبير عن بعض الظروف والأوضاع الاجتماعيّة، كالمهنة والطبقة والانتماء الديني والمجال الجغرافي.
وانطلاقا مما سبق؛ فإن دراسة العَلاقة بين الجسد والزيّ من ناحية والعَلاقة بينهما (الزيّ والجسد) وبين الهويّة من ناحية أخرى قد لاقت اهتماماً خاصاً، وذلك بسبب الدور الذي لعبته ثقافة الاستهلاك الغربيّة إزاء الجسد، فقد اعتبرها البعض خيانة للجسد وسبباً رئيسيّاً في فقدانه لهويّته، خاصة بعد أن تحول الجسد في سياق هذه الثقافة إلى آليّة إعلانيّة للترويج للشركات المُتعدّدة الجنسيّة لاختراق السوق ونشر مُنتجاتها، وخاصة من الأزياء وأدوات التجميل، والتي تُعدّ من الصور الظاهريّة التي تعبر عن حالة الحِراك الاجتماعي التي شهدتها مجتمعات ما بعد الحداثة.
أولاً: مُشكلة الدّراسة
تحدّدت مشكلة البحث في محاولة رصد التغيّر الذي أحدثته الأزياء في شخصيّة المرأة، وما يتبعه من تأثير على تصورها لجسدها من خلال التغيّر التاريخي لنمط الأزياء في عالم مُتغيّر اقتحمته عوامل الانفتاح والعولمة والثقافة الاستهلاكيّة في ظل مجتمع أبوي منذ الأزل، مما جعلها تعيش نوعاً من التناقض الاجتماعي، ومناقشة ذلك ضمن الخطاب النّسوي الذي أسهم بشكل واضح في العديد من الدّراسات المُتعلقة بالمرأة انطلاقاً من مفهوم النوع، بالإضافة إلى الكشف عن الدور الذي تلعبه الأزياء في تغير صورة جسد المرأة لدى المجتمع.
ثانياً: أهداف الدّراسة
في ضوء مشكلة البحث والقضايا النظريّة هدفت هذه الدراسة إلى:
1-إبراز الدور الذي لعبه الخطاب النّسوي في رسم ملامح جسد المرأة وفقاً للثقافة السائدة.
2- الكشف عن الدور الذي تلعبه الأزياء في تغيير تصور المرأة لجسدها.
3- الكشف عن الدور الذي تلعبه الأزياء في تغير نظرة المجتمع إلى جسد المرأة.
ثالثاً: تساؤُلات الدّراسة
تحاول الدراسة الإجابة عن التساؤل العام التالي:
كيف غيّرت الأزياء من صورة الجسد بالنسبة للمرأة من ناحية، وبالنسبة للمجتمع من الناحية الأخرى؟
وسعياً لتحقيق هذه الأهداف، سعت الدراسة إلى الإجابة عن تساؤلات فرعيّة أخرى؛ مثل:
1- كيف تناول الخطاب النسوي جسد المرأة وا يتعلق به من قضايا؟
2- كيف أثَّر التغيّر الاجتماعي والثقافي على تحوّل الاهتمام بالأزياء وإبراز قيمتها وتغيّر ثقافتها؟
3- ما دور العوامل الاجتماعيّة والثقافيّة والدينيّة في تشكيل صورة الجسد والتحكم به وحجبه وتحديد نمط أزيائه في ظل السلطة الأبويّة، وكيف تفاعلت المرأة مع ذلك؟ وإلى أي مدى يتحكم المجتمع في جسد المرأة ساعياً إلى حجبه وإخفائه؟
4- إلى أي مدى انعكست تأثيرات الحداثة وما بعد الحداثة من خلال ما أفرزته من ثقافة استهلاكيّة من خلال الإعلام وتأثير العولمة على تغيير نمط العَلاقة بالجسد و تشظّي هويّة المرأة وتفتُّتها من خلال أنماط الأزياء الحديثة ؟
5- ما أهميّة الأزياء في فهم جسد المرأة والمجتمع؟ وما تأثيرها في تغيير صورة الجسد لدى المرأة والمجتمع؟
6-ما هي أبعاد اتّباع الموضة لدى المرأة؟
رابعاً: مفاهيم الدّراسة
تضمّنت الدّراسة توضيحاً لمفهوم الجسد Body وما يتعلق به من مفاهيم مثل صورة الجسد Body image والتعريف الإجرائي لها، بالإضافة إلى مفهوم الخطابDiscourse والمفاهيم المرتبطة به؛ مثل مفهوم الخطاب النسوي Feminist Discourse ومفهوم الخطاب الجسدي Discourse .Body كما سعت هذه الدّراسة إلى التعرف على هذه المفاهيم الأساسيّة التي تضمّنتها وحاولت الوصول إلى مفهوم خاص بالبحث فيما يخص كُلا منها.
خامساً: التُراث البحثي للدّراسة
تناول التراث البحثي للدّراسة الدراسات السابقة التي تعرّضت لموضوع الأزياء ودورها في تغيير العَلاقة بجسد المرأة من قريب أو من بعيد. وبما أن هذه الدراسة تهدف إلى معرفة دور الأزياء في تغيير العَلاقة بالجسد، فإننا لا يُمكننا أن نتجاهل الدراسات التي اهتمت بالجسد بشكل عام، ومن ثم بجسد المرأة على وجه الخصوص، بالإضافة الى جسد الرجل، والتطرق إلى بعض الأبحاث التي اهتمت بدراسة الأزياء في مختلف الميادين، حتى نصل إلى جوهر البحث وهي الدراسات التي عُنيت بدراسة العَلاقة بين الزيّ والجسد. ومن هنا أمكننا تصنيف هذه الدّراسات إلى عدة محاور، فقد تضمن المحور الأول الدراسات الخاصة بالجسد، بينما تضمن المحور الثاني الدراسات الخاصة بجسد المرأة، أما المِحور الثالث فتضمن الدراسات الخاصة بجسد الرجل، كما تضمن المحور الرابع الدراسات الخاصة بالأزياء، وجاء المحور الرابع ليُمثّل الدراسات الخاصة بعَلاقة الزيّ بالجسد.
وقد لوحظ – خلال فترة الاطلاع – نُدرة الدّراسات العربيّة المُتعلّقة بالجسد بصفة عامة، وبالعَلاقة بينه وبين الزيّ بصفة خاصة. فإن الدّراسات الموجودة هي دراسات حديثة جداً تسير على أولى خطى هذا الاهتمام والتي لا يزيد عمرها عن عامين، فالدّراسات الغربيّة للجسد قد فاقت الدّراسات العربيّة رغم ظهور بوادر للاهتمام بالجسد في الآونة الأخيرة، ولعل هذا هو السبب الرئيس في اختيار موضوع الدّراسة.
سادساً: الإطار النظري المُوَجِّه للدّراسة
انطلقت هذه الدّراسة من قضايا الاتّجاه النّسوي Feminism خاصة ما يتعلق منها بقضايا الجسد، وذلك سعياً للوصول إلى رسم صورة واقعيّة للعَلاقة بين المرأة وجسدها وكيفيّة تصور المجتمع لهذا الجسد من خلال تطوّر الأزياء؛ في محاولة لتفكيك النمط الثابت الذي يتعارض مع حريّة المرأة وتأثير ذلك على مكانتها وشخصيتها في المجتمع. كما ركّزت الدراسة على الاتجاهات النّسويّة فيما بعد الحداثة Post-Modernization، والتي أُطلق عليها ”ما بعد النّسويّة”Post-Feminism ، والتي منحت اهتماماً بالغاً بجسد المرأة وما يرتبط به من قضايا. وقد أمكننا الاطّلاع على العديد من الدراسات الخاصة بالجسد بشكل عام وجسد المرأة على وجه الخصوص، ودراسات خاصة بجسد الرجل، وأخرى خاصة بالأزياء، والقليل من الدراسات التي تطرّقت الى عَلاقة الزيّ بالجسد.
وقد ناقشت نظريّة علم الاجتماع والاهتمام بالجسد عن طريق تتبّع تطور الاهتمام بالجسد في الفكر السوسيولوجي الذي اعتُبر مدخلاً لدراسة الجسد، وتمّ التطرّق إلى موضوع النسويّة وجسد المرأة وذلك من خلال إعطاء لمحة عن مراحل تطور الفكر النسوي (من النسويّة إلى ما بعد النسويّة) والمدارس الفكريّة للنسويّة التي ظهرت في الموجة الثانية من النسويّة باعتبارها من أهم الحركات التي برزت في عصر ما بعد الحداثة والتي تطورت فيما بعد لتصبح نظريّة ذات أفكار محددة دخلت في المجال الأكاديمي، وإعطاء لمحة عن أهم مفاهيم النظريّة النسويّة ورؤيتها الخاصة لبعض القضايا ولا سيما المُتعلّقة بجسد المرأة وأهميّته في الخطاب النسوي.
سابعاً: الإطار المنهجيّ للدّراسة
اعتمدت هذه الدراسة على مادة علميّة ثانويّة مُنتقاة من عيّنة قصديّة غير عشوائيّة مختارة من عدد من الدراسات والمقالات التي أُجريت على الأزياء في عَلاقتها بالجسد؛ سواء من حيث حماية الجسد من العوامل البيئيّة (الطقس) أو من حيث إبراز الجسد وإبراز هويّته أو مُتعته وما إلى ذلك من الأسباب التي تربط بين الأزياء والجسد. كما اعتمدت الباحثة على منهج التحليل الكيفي لهذه الدراسات؛ حيث تقدم قراءة تحليليّة تأويليّة لهذه المادة العلميّة.
وقد روعي في الدراسات والمقالات المختارة التركيز على عَلاقة الأزياء بالجسد بشكل مباشر، بالإضافة إلى بعض الدراسات إلي تطرقت إلى هذه العَلاقة من خلال تركيزها على دراسات الجسد وأخرى على دراسات الأزياء. فقد تمت قراءة 150 دراسة ومقال؛ منهم 66 دراسة عربيّة و60 دراسة أجنبيّة و24 مقالاً من المقالات الموجودة في بعض المجلات النسويّة المُهتمة بأزياء المرأة وجسدها، وتم التوصل إلى ثلاثة موضوعات رئيسة تضمنتها هذه المقالات والدراسات فيما يتعلق بعَلاقة الأزياء بالجسد مُتضمنة موضوعات فرعيّة أخرى، فصُنّفت هذه الموضوعات كالآتي:
-موضوع بعنوان الجسد والتغيّر الاجتماعي والثقافي الذي تضمّن المواضيع الفرعيّة التالية: تأثير العوامل الاجتماعيّة والثقافيّة على صورة الجسد؛ والذي يشتمل على الموضوعيْن التالييْن: التوقعات الثقافيّة حوْل صورة الجسد، وهيْمنة جسد الرجل وتشكيل هويّته. بالإضافة إلى موضوع صورة الجسد في إطار الحداثة وما بعد الحداثة.
-موضوع بعنوان الأزياء والتغيّر الاجتماعي والثقافي وما تفرّع عنه من الموضوعات التالية: تحوّل الاهتمام بالأزياء في إطار الحداثة وما بعد الحداثة، وقيمة الملابس وظائفها ودلالاتها وتغير ثقافتها، والتطور التاريخي للأزياء عبر العصور.
-موضوع بعنوان الأزياء وتغيّر العَلاقة بالجسد، حيث تضمن العناوين الفرعيّة التالية: أهميّة الأزياء في فهم المجتمع للجسد وتغيير صورته لدى المرأة والمجتمع، أبعاد اتّباع الموضة لدى المرأة، تحكم المجتمع في جسد المرأة: حَجْب الجسد.
ثامناًً: أهم نتائج الدّراسة
باستقراء التراث البحثي والمادة الإعلاميّة الثانويّة المُتوافرة حول قضيّة الدراسة، أمكن للباحثة قراءتها وتحليلها تحليلاً كيفياًّ مُستخدمة في ذلك بعض آليات التحليل الكيفي التي تعتمد على الفهم التأويلي أو قراءة النصوص قراءة تأويليّة وهو الأمر الذي تتطلبه هذه النوعيّة من التحليلات. وقد توصلت الباحثة إلى مجموعة النتائج يمكن ايجازها فيما يلي:
-تُعد العَلاقة بين الأزياء والجسد عَلاقة تاريخيّة بدأت مع بداية الحياة الإنسانيّة، حيث ارتبطت الأزياء بالتكيّف مع البيئة وتشكيل الهويّة الثقافيّة، إلا أن العَلاقة بين الأزياء والجسد اتخذت مسارات مختلفة ولا سيما في مرحلتي الحداثة وما بعد الحداثة.
-استطاعت الحداثة أن تُحوّل جسد المرأة بفعل آليات السوق إلى سلعة قابلة للإنتاج والاستهلاك من خلال الثقافة الاستهلاكيّة consumer culture، ولم يعد الأمر مُقتصراً على تحديد الأزياء لهويّة المرأة الأنثويّة.
-لعبت الأزياء في مرحلة ما بعد الحداثة – والتي اصطُلح على تسميتها بالعَولمَة – دوراً هاماً لا في تشييء جسد المرأة فحسب، بل في نزع الجسد هويّته من خلال الأزياء والإكسسوارات وأدوات التجميل وغيرها من الأدوات التي من شأنها ربط جسد المرأة بآليات السوق، ومن ثم تنامي خطاب للتمييز الاجتماعي بين من لديهم القُدرة على الاستهلاك ومن لا يملكون هذه القُدرة، فظهر صراع قويّ بين التقاليد والحداثة – خاصة فيما يتعلق بأزياء النساء، حيث عملت الخطابات التقليديّة المحافظة على مُقاومة الحداثة بكل مُعطياتها بما فيها الأزياء، فانتشرت على أثر ذلك الأزياء التقليديّة المستمدة أساساً من التراث الإسلامي.
-لعبت حركات الإحياء الديني خلال فترة الحداثة وما بعد الحداثة دوراً في تغيير عَلاقة النساء مع أجسادهنّ، حيث أدى انتشار الحجاب إلى نظرة خاصة من الفتاة إلى جسدها باعتباره مصدراً للشهوة والغَواية ومن ثم عليهنّ تغطيته أو حجبه.
-إن تغيّر العَلاقة بالجسد التي أوجدها التيار الديني المحافظ لم تكن لصالح التقاليد بقدر ما كانت لصالح آليات السوق وتكريس فريد من الاستهلاك، فالجسد حتى وإن كان مُغطى فهو مُستهلَكاً أيضا بل وأصبح مُستهلِكاً.
-لم تقتصر علامة الأزياء بالجسد على النساء فقط، بل إن عَلاقة الرجل مع جسده من خلال الأزياء قد تغيرت أيضا. فقد خلقت الحداثة للجسد الذكوري احتياجات ومتطلبات مثل الجسد الأنثوي وزادت ثقافته الاستهلاكيّة وعملت شركات الموضة على الاهتمام بالرجال مثل النساء.
-ارتبطت هذه العَلاقة بين الجسد والأزياء بالمناخ السياسي – الاجتماعي الاقتصادي السائد في حِقبة معينة، ومن ثم فإن احتياجات الجسد وطرق اتباعها ترتبط بهذه الأوضاع ارتباطاً وثيقاً.
-يلعب الجسد دوراً في تحديد أدوار النساء وأدوار الرجال، وهو موجود ثقافي وجزء من الثقافة ويخضع لضوابط اجتماعيّة وثقافيّة، فإن حقيقة وضع المرأة مُشتملا على قيمة جسدها يكمن في أنه يتشكل يوميّاً من مُعتقدات هذه الثقافة.
-كما أكّدت النّسويات على أهميّة الجسد الاجتماعيّة والثقافيّة التي جعلته يُشكِّل قُطباً مهمّاً في التحليل الأكاديمي. واستحالة اختزال هويّاتنا وعَلاقاتنا الجسديّة إلى عوامل ”طبيعيّة” أو ”بيولوجيّة، كما وجدنا أن سبب إهمال دراسات الجسد من الناحية الاجتماعيّة هو التركيز على دراسة الناحية البيولوجيّة.
-نجد أن جسد المرأة محكوم بالثياب ومُنصاع لها سواء كان زيّاً محتشماً أقرته العادات والتقاليد والدين أو زيّاً عاديّاً يكشف جسدها كله أو جزءاً منه مُنصاعاً لصرخات الموضة أو إحساس المرأة بأنوثتها التي تمثل سجناً آخر لجسد المرأة في نوع من العبوديّة.
-يلعب الدين دوراً مهمّاً في تغيير عَلاقة الأزياء بالجسد، وخاصة أن الثقافة الإسلاميّة بما تحمله من ضوابط تعكس موقفها من الثقافة الحديثة إما بالرفض أو بالتوفيق بين الثقافتين، وهي الصورة التي تم التعبير عنها بمقولة ”حديثة لكن محتشمة”. وهنا يتحول الحجاب إلى علامة دائمة Semiotic، كلما زاد زمن ارتدائه كبرت دلالاته وارتفعت درجة التشبّث به، ويتحول إلى ”هويّة”، وطالما أنه يُمثل هويّة اجتماعيّة تصبح له قيمة اجتماعيّة رمزيّة كبيرة أكثر منها دينيّة؛ مهما تكن الدرجة التي تلعبها ذاتيّة الواحدة منهنّ في اختيار الحجاب المناسب لها حسب ذوقها الشخصي.
-فظهر النمط التوفيقي في الملابس الذي يحاول الاستفادة من الحداثة وفي الوقت نفسه يحرص على الحشمة.
-استطاعت الحداثة أن تُحوّل جسد المرأة بفعل آليات السوق إلى سلعة قابلة للإنتاج والاستهلاك من خلال الثقافة الاستهلاكيّة consumer culture، ولم يعد الأمر مقتصراً على تحديد الأزياء لهويّة المرأة الأنثويّة، مع الالتفات إلى دور الوسائط الإعلاميّة في تأكيد الصفات التي تلصق بشخصيّة المرأة.
-لم تقتصر عَلاقة الأزياء بالجسد على النساء فقط، بل إن عَلاقة الرجل مع جسده من خلال الأزياء قد تغيرت أيضا. فقد خلقت الحداثة للجسد الذكوري احتياجات ومُتطلبات مثل الجسد الأنثوي وزادت ثقافته الاستهلاكيّة وعملت شركات الموضة على الاهتمام بالرجال مثل النساء، فاهتم الرجال بتجميل أجسادهم أيضا.
-ترتبط العَلاقة بين الجسد والأزياء بالمناخ السياسي – الاجتماعي الاقتصادي السائد في حِقبة معينة. فالزيّ هو العامل الرئيس الذي تتحول الهويّة من خلاله، حيث أن جسد المرأة يُعبّر عن هويّتها وهويّة المجتمع وواقعه في مختلف الأوضاع والظروف، فالعبء يقع على المرأة لتمثيل مُتغيّرات الثقافة التقليديّة الماديّة والرمزيّة على حد سواء.
-تستمد الأزياء أهميتها من اعتبارات علميّة ونفعيّة وترتبط بمرجعيّة ثقافيّة اعتقاديّة، وتتأثر بالتغيّرات الأخرى التاريخيّة والتكنولوجيّة والاجتماعيّة وقوة وضعف التيارات الدينيّة التي تطرأ على أي مرحلة من مراحل تطوّر المجتمعات.
-قد يكون سبب ابتعاد الغرب عن المُراوغة في الثياب والسير في خطوط مستقيمة – إما التَّعرّي أو الاحتشام – اهتمامهم بالمُراوغة السياسيّة.
-تتّبع النساء الموضة سعياً إلى الثورة والانقلاب على الضوابط الاجتماعيّة عن طريق ملابسهنّ لتحقيق صورة مُرضية عن أنفسهنّ والإحساس بالمُتعة عن