الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص يكاد يجمع الباحثون في الأدب العبري للقرون الوسطى أن الأندلس شهدت _آنذاك_ أزهى عصور الأدب العبري ازدهاراً، وحتى الآن يعد اليهود أدب تلك المرحلة العصر الذهبي للأدب العبري، ولا غرو فإن معظم النتاجات الأدبية شعرا/نثرا خرجت من رحم الأدب العربي، وتأثير البيئة الأندلسية الإسلامية، وما ضمنه الإسلام من حقوق وحسن معاملة لأهل الذمة، في سياسة انتهجها معظم حكام المسلمين آنذاك، وأكبر معطيات ذلك ما بقي إلى الآن من نتاج وتراث أدبي يشهد عليه القاصي والداني.إن البحث في التأثيرات العربية والإسلامية على المؤلفات العبرية واليهودية تصدت له دراسات عديدة بلغات مختلفة ولا يزال الباحثون يكتشفون مدى تأثير العرب وثقافتهم على اليهود ومؤلفاتهم في تلك الفترة. وقد لوحظ أن معظم هذه الدراسات أولت الشعر اهتماما كبيرا مقارنة بالنثر الفني المتمثل في فن المقامات، غير أن الجدير بالذكر هنا أن المقامة العبرية حظيت بالعديد من الدراسات في الفترة الأخيرة؛ ولاسيما الدراسات التي تبحث في مدى تأثرها بالأدب العربي بشكل عام والمقامات العربية بشكل خاص.وقد توصلت معظم هذه الدراسات إلى نتيجة مهمة، تؤكد تأثير الأدب العربي على المقامات العبرية في الأندلس. هذا، وقد أثبت الباحثون أن المقامات العربية المشرقية للهمذاني والحريري كانت المعين الرئيس، الذي نهل منه المقاميون اليهود مواد مقاماتهم وأفكارها، حتى وصل الأمر إلى وجود نصوص كاملة نقلها المقاميون اليهود إلى مقاماتهم،مع إجراء بعض التغييرات الطفيفة، وادعائهم أنها من قريحتهم، هذا بالإضافة إلى مصادر عربية أخرى توصل الباحثون إلى تأثيرها على المقامات العبرية. كل ذلك يدعو إلى مزيد من البحث عن المصادر الأصلية التي اعتمد عليها اليهود في مقاماتهم؛ ولاسيما المصادر العربية التي وجدت في الأندلس في الفترة نفسها، الأمر الذي يدعو إلى البحث في المقامات العربية بالأندلس.لقد فطن شموئيل شتيرن هذا الاتجاه؛ وبالفعل لقد توصل إلى مصادر أخرى تكمن في المقامة العربية الأندلسية، وأثبت أن الحريزي – رائد المقامة العبرية_ كتب مقامته العاشرة معتمدا على نصوص وأفكار من مقامة ابن الشهيد الأندلسي، ومن بعده نبه بعض الباحثين إلى أهمية البحث في المقامات العربية الأندلسية مصدرا للمقامات العبرية، لكن الفكرة لم تحظ بعناية وتدقيق، خاصةً أن معظم المقامات العربية الأندلسية كانت حبيسة المخطوطات.ومن هذا المنطلق تبلورت فكرة الاتجاه إلى إجراء دراسة مقارنة بين المقامات العربية والعبرية في الأندلس، ساعد على ذلك عدة تطورات طرأت على حقل المقامات العربية الأندلسية؛ كان أهمها توفر بعض نسخ المقامات العربية المحققة حديثًا؛ ومن بينها مقامات السرقسطى اللزومية، التي تعد الأكثر والأشهر بين المقامات الأندلسية. واستقر الأمر لدى الباحث على اتخاذ صورة المجتمع مجالاً للبحث؛ وذلك من حيث كونها فكرة رئيسة يمكن الاعتماد عليها في إجراء مقارنة بين المقامتين العربية والعبرية في الأندلس.أهمية الدراسة تأتي أهمية الدراسة من منطلق تركيزها على فترة من أهم فترات الأدب العبري في العصور الوسطى؛ بحثًا عن نقاط التلاقي والاختلاف بين النثرين العربي والعبري في الأندلس، متمثلا في فن المقامات؛ وذلك من خلال تسليط الضوء على صورة المجتمع في المقامتين العربية والعبرية؛ باعتبارها تمثل انعكاسا فعليا للصورة المترسخة في ذهن المقامي، سواء أكانت صورة مجتمعه أم مجتمع آخر يرتبط به. |