![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص دخلت العلاقات المصرية البريطانية بعد التوقيع على اتفاقية الجلاء فى أكتوبر 1954 مرحلةً جديدة ، حاول فيها الطرفان بناء نوعٍ جديد من العلاقة،يقوم على التعاون بين الأنداد والمصالح المتبادلة ، ولكن لم تستمر الأجواء صافية ، فقد أحست بريطانيا أنه بفقدانها لمصر فقدت مفتاح الشرق الأوسط ، ولذلك سعت إلى الحصول على شكلٍ جديدٍ من أشكال النفوذ والهيمنة يُعيد إليها مكانتها التى فقدتها فى المنطقة ، ويُرجع إليها نفوذها الاستعمارى القديم ، ولكن اصطدمت هذه الأمانى البريطانية بحجر عَثرة وهو مصر ، والتى رسمت لنفسها خلال هذه المرحلة سياسةً حيادية كمنهجٍ وأساسٍ لسياستها الخارجية ، وهو ما لا يتفق مع الأهداف البريطانية ، مما خلق مجالًا جديدًا للتصادم بين الجانبين ، تشكلت ملامحه وبدأت فى الظهور عقب رفض مصر الانخراط فى سياسة الأحلاف العسكرية ، التى حاولت من خلالها الدول الغربية تطويق المنطقة وإعادة فرض سيطرتها عليها ، فكانت مناهضة مصر لهذه السياسة الغربية بداية ما شكل ”دراما السويس” ، التى اكتملت حلقاتها بتوقيع مصر على صفقة الأسلحة التشيكية ، ورفضها مشروع تسوية النزاع العربى الإسرائيلى ، وأخيرًا تأميم شركة قناة السويس ؛ ردًا على الإهانة التى وجهت لها بسحب العرض المقدم لتمويل السد العالى . والجدير بالذكر أن هناك العديد من البحوث والمؤلفات تناولت دراسة هذه الفترة ، أما هذه الدراسة المقدمة فقد اعتمدت على تناول المسألة من وجهة أخرى ، وهى وجهة النظر البريطانية متمثلةً فى برلمانها بغرفتيه : العموم House of Commons ، واللوردات House of Lords ، والذى لعب دورًا حيويًا ومؤثرًا فى الأحداث ، ولا سيما مجلس العموم ، حيث مثّلت مناقشاته الأساس الذى ارتكزت عليه هذه الدراسة ؛ وذلك لطبيعة ما يختص به ، فله الحق فى مراقبة السلطة التنفيذية ونقدها ،وكذلك الإشراف على السياسة الخارجية للدولة وتقييمها ، وقد شكّلت كثرة ما تحويه مضابطه من مناقشات خلال هذه الفترة صعوبة بالغة ؛ لذا كان من الضرورى التركيز على ما يخص القضايا محل الدراسة ، وعلى العكس فقد جاء مجلس اللوردات بإسهامات ضعيفة ؛ نظرًا لطبيعة عمل هذا المجلس والاختصاصات المخولة له ، فلم يكن يهتم بالشأن الخارجى ، وبدأت الدراسة بعام 1954 وامتدت حتى عام 1957،ومثّل التاريخ الأول تداعيات التوقيع على اتفاقية الجلاء داخل البرلمان ، ومثّل الثانى نهاية أزمة السويس والإطاحة بحكومة إيدن فى يناير من العام نفسه. |