Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
مشروع ريكور التأويلى وموقفه من الذاتية =
المؤلف
عمران, عبد الله على.
هيئة الاعداد
باحث / عبد الله على عمران
مشرف / عبد الوهاب السيد جعفر
مشرف / أشرف حسن منصور.
مشرف / أشرف حسن منصور.
الموضوع
الفلسفة الحديثة. الفلسفة الغربية.
تاريخ النشر
2015.
عدد الصفحات
190 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
فلسفة
تاريخ الإجازة
10/11/2015
مكان الإجازة
جامعة الاسكندريه - كلية الاداب - الفلسفة
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 196

from 196

المستخلص

إن طبيعة الفكر الفلسفي المتمردة، لا تسمح له بأن يهدأ، أو أن يدعي حسم أي جدل فلسفي، و ذلك لكونه في حالة ارتياب و هدم دائمتين. و هذه السمات تحول بطبيعة الحال دون تشييد ما يمكن أن يطلق عليه (مشاريع) فلسفية، و لعل ذلك ما يدفع الفلاسفة أو من يكتبون عن الفلسفة إلى تحاشي استخدام مصطلح (مشروع) لوصف أي نتاج فلسفي. إلا أن هذا لا يجعلنا نبخس الآخرين أشيائهم، و نحجر على حقهم في استخدام هذا المصطلح، بما أنهم يملكون مبررات -لا تقل وجاهة- تسوغ لهم استخدامه، حيث يرون، أن تداخل القضايا و الإشكاليات، و تنوعها في نتاج فيلسوف ما، و هو ما يضطره إلى استخدام مناهج عدة، للتعامل مع تلك القضايا، و غالبا ما يكون ذلك على شكل تطور فكري، يمر به نتاج الفيلسوف، كل هذه الأسباب مجتمعة، تجعل ذلك النتاج، يظهر على هيئة مشروع فلسفي.
و هذا يسمح من حيث المبدأ، بالتعامل مع نتاج ريكور، على أنه مشروع هيرمينوطيقي، لاسيما و أنه قد جمع فيه بين هيرمينوطيقا اللاهوت و الأدب، من جهة، و قضايا الإرادة و الوجود، من جهة أخرى، كما استعان بالمنهج الفينومينولوجي، و منهج التحليل النفسي. و هذا التنوع و التداخل يثير فضول أي باحث، للوقوف على هذا المشروع، سواء من حيث إشكالاته و الحلول التي خلص إليها ريكور، أو من حيث مدى الجدة التي يتضمنها و الإضافة التي قدمها ريكور للهيرمينوطيقا. و لأجل ذلك سوف يتم التعريف بريكور في (الفصل الأول) من خلال الإشارة إلى أهم المحطات التي مرت بها حياته#SYMBOL 42 \f ”Symbol” \s 16#، إضافة إلى كتبه و ما تناولته من قضايا، ثم يتبعه عرض موجز لأهم تعريفات مصطلح هيرمينوطيقا، و نبذة عامة عن تطورها التاريخي و أهم قضاياها، و ذلك لمعرفة مدى تأثيرها على مشروع ريكور، و مدى تأثيره عليها، فكأي مشروع فكري، لابد أن يكون ريكور، قد استقى أفكارا من سابقيه و معاصريه -قلتْ أم كثُرتْ- و ما مدى قدرته على صهر تلك الأفكار المختلفة في مشروع هيرمينوطيقي متجانس؟
فلقد استعان ريكور بمختلف العصور و المدارس الفلسفية، بدءا بالفلسفية اليونانية خاصة أفلاطون و أرسطو، و التي من خلالها يمكن معرفة، هل حقا استمد ريكور (مثالية) مشروعه من أولئك الفلاسفة؟ ثم بعد ذلك بفلسفة العصور الوسطى متمثلة في أوغسطين، بوصفه أشهر من تناول قضايا اللاهوت في تلك الحقبة (من وجهة نظر ريكور)، للتأكد من أن ريكور أضاف شيئا جديدا للهيرمينوطيقا اللاهوتية غير نقل كتب أوغسطين إلى الفرنسية دون ذكر مؤلفها الأصلي. مرورا بعد ذلك بفينومينولوجيا هوسرل، للبحث عما إذا كان ريكور قد حافظ فعلا على مشروعه الهيرمينوطيقي، على أنه امتداد لها، و المقارنة بين ريكور و بين من شاركوه الاهتمام الفينومينولوجي، أمثال (هيدجر)، و ما مدى تأثير ذلك على البعد الذاتي في هيرمينوطيقا ريكور؟
كما لابد أيضا من الوقوف على المكانة التي تبوأها فرويد و التحليل النفسي في مشروع ريكور، و كيف استطاع ريكور اختزال الجانب الهيرمينوطيقي من التحليل النفسي؟ في مقابل الجوانب المتعلقة بالدين و الثقافة و المجتمع، و ما نوع الارتيابية التي استمدها ريكور من فرويد، و وظفها بعد ذلك في مشروعه؟ و هل هذه الإسهامات تتناسب مع حجم إطراء ريكور عليه؟ أم أن ريكور قد تخلى عنه عندما ولج فعليا إلى حقل الهيرمينوطيقا؟ كل هذه الأفكار مجتمعة سوف تصب في النهاية في مصلحة السؤال الأهم، و هو قدرة ريكور على توظيف أفكار فرويد و إعادة صياغتها، لكي لا تبدو غريبة على مشاريع هيرمينوطيقية سابقة، كمشروع شلاماخير و غادامير؟ فهل نجح في تحقيق الهدف الأساسي الذي يجعل مشروعه ينتمي إلى حقل الهيرمينوطيقا، و هي تحويل الهيرمينوطيقا إلى علم له قواعده الخاصة و المحددة، و تضع خطوطا فاصلة بين جوانبه المختلفة؟
الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب التعرف على مشروع ريكور عن قرب في (الفصل الثاني) و ذلك انطلاقا من بيان أهمية الهيرمينوطيقا اللاهوتية في مشروعه، و كيفية معالجة القضايا و الإشكاليات التي تشكل صلب الهيرمينوطيقا اللاهوتية؟ و ذلك من خلال معرفة موقفه من العلاقة التي تربط بين النصوص الدينية المسيحية، و ما هي الكيفية التي وصّف بها ريكور تلك العلاقة، سواء بين العهد القديم و الجديد، أو بين أناجيل العهد الجديد، و ما مدى تأثير تلك العلاقة على المعنى الذي تتضمنه النصوص؟ و الأهم من ذلك، هل انطلق ريكور في معالجة هذه القضية من منطلقات إيمانية؟ أم استخدم مناهج موضوعية تنتمي إلى الهيرمينوطيقا؟ بمعنى آخر، هل استخدام ريكور للغة الرمزية، و إزالة (الأسطرة)، في تجاوز تلك الإشكاليات، بدءا بإشكالية الشر، و ارتباطها بالإرادة، مرورا بالخطيئة الأصلية و الذنب و الاعتراف، و انتهاء بالحرية و إمكانية أن يفسر من خلالها وجود الشر. هل كان ذلك لتأكيد حقائق دينية موجودة مسبقا؟ أم كان لغرض تحرير النص الديني من سطوة الكنيسة و الخرافة، ليحيله إلى عقلانية المتلقي، كما فعل لوثر من قبله؟ أم هي تطور لمشروعه الإنساني؟ باعتبار أن قضايا الإرادة هي التي كانت تهيمن على هيرمينوطيقا اللاهوت لدى ريكور؟
أما في ( الفصل الثالث) فسوف يتم التعرف على الخطوط الرئيسية لمشروع ريكور الهيرمينوطيقي في جانبه اللغوي، و أهمية هذا الجانب، هو أنه سوف يكشف عن مدى تطور مشروع ريكور، بشكل أكبر مما تسمح به الهيرمينوطيقا اللاهوتية، لأن ريكور يحاول أن يوسع مشروعه و يخلصه من ضبابية قضايا الإرادة التي كانت تشوب الهيرمينوطيقا اللاهوتية. و من خلالها يمكن معرفة ما إذا كان قد تخلص فعلا من قضايا اللاهوت، أم يمكن القول أن نظريته في الخطاب هي امتداد لرؤيته اللاهوتية عن النص الديني؟ و هل ثمة أي تغيير لمفهوم المعنى، عن ذلك الذي قدمه ريكور فيما يخص معنى النصوص الدينية؟ أم أن جدلية المعنى المضاعف هي ذاتها جدلية المعنى الحرفي و المعنى المجازي ذات الطابع اللاهوتي؟ و أن الأمر ذاته ينطبق على كل ما تناوله في قضايا الرمز و الاستعارة و التأويل؟ حيث حصر التأويل في قضايا الاستعارة و الرمز فقط كما فعل سابقا؟
تمثل هيرمينوطيقا النص، التي سيتم تناولها في (الفصل الرابع)، جزءا جوهريا من مشروع ريكور، إذ حاول من خلالها بيان أهمية الهيرمينوطيقا و وضع معاييرها الأساسية، و كل هذا يحدث عندما ينتقل الخطاب إلى نص، و ذلك بفعل الكتابة. و نظرا إلى أن الكتابة تحظى بأهمية كبرى عند ريكور، لابد أن توضع موضع التساؤل، من حيث هل هي إضافة جديدة لهيرمينوطيقا اللغة؟ أم هي تكرار لحالة انتقال التعاليم الدينية الشفهية إلى النص المكتوب، و توضع في خانة اجترار هيرمينوطيقا اللاهوت تحت ستار اللغة؟ و هل حقا تستطيع الكتابة القيام بكل هذه المهام التي أناطها بها ريكور؟ كإقصاء المؤلف و الحالة الحوارية و السياق و المرجعية؟ و هل حقا الكتابة تجعل المعنى عرضة للضياع؟ أم أن أي خطاب يمكنه أن يتعرض لهذه التغييرات قبل الكتابة؟ و التي تعد حينها، مجرد نقلة مزيفة أراد ريكور أن يبرر بها، الصبغة الذاتية للتأويل؟
هل يمكن القول أن ريكور ضيع رحابة الهيرمينوطيقا عندما حصرها في ثنائية الكتابة و القراءة؟ و حرمها من رحابة المرسل و المتلقي؟ بحيث ألزم المعنى بأن يكون محمولا في نص، و الغرض من ذلك هو إعادة امتلاك المعنى و كذلك دمجه مرة أخرى في سياق مختلف يجعل من فهمه ممكنا، و هل استطاعت المحاكاة و السرد، أن تحل إشكالية التمييز بين خيالية المعنى و واقعية الحياة؟ أم احتفظت فقط بالمثالية اليونانية التي أستمدها منها؟ و هل أفلح ذلك في أن يجعل من التأويل شكلا من أشكال تعبير الإنسان عن وجوده؟ و شكلا من أشكال تكوّن ذاتيته؟ أم هو في الحقيقة عودة إلى جمود النص و الإعلان عن موت المؤلف؟
و في إطار هذا الأفكار المتباينة، التي يتبناها ريكور، حيال الذات، و أهمية الذاتية في تشكيل مشروعه الهيرومينوطيقي، يجعل من الضرورة بما كان، التعرف في (الفصل الخامس)، على موقف المدارس و المناهج الفلسفية التي تتقاطع معه، و لعل أبرزها هي البنيوية، و سيكون ذلك من خلال التعريف بالبنيوية و أهم أعلامها و سماتها، و التركيز في عرض أفكارها من خلال أهم ما تتقاطع فيه مع ريكور سواء بالرفض أو القبول، و ذلك ببيان موقف البنيوية من الذات و الحرية، و هل عدائها المطلق للذات، التي عرفت به، يمثل صلب موقفها؟ أم هو في الأصل مجرد ردة فعل تجاه النزعة الإنسانية، من جهة، و التزاما بمنطلقاتها الموضوعية التي تؤكد فيها على البنية و انغلاقها على ذاتها، من جهة أخرى، مما انعكس سلبا على حرية الذات و قدرتها على أن تكون فاعلة.
و يمكن بعد ذلك (في الفصل السادس)التعرف على موقف ريكور من هذه الانعكاسات، و هل حقا أختلف ريكور مع البنيوية؟ و هل وجه لها انتقادات فعليه؟ هل ريكور هو من انتقد البنيوية، أم البنيويون هم من ناصبوا ريكور العداء؟ و فرضوا عليه تلك العداوة؟ و كل هذا يكون بمعرفة أين كان ريكور بنيويا؟ و أين وقف ضد البنيوية؟ كما يمكن النظر من زاوية أخرى إلى دفاع ريكور عن البنيوية، رغم الخلاف بينهما، لنعرف هل كان ذلك بسبب حفاظ البنيوية على استقلالية النص و موضوعيته؟ لأن العلاقات الداخلية للنص، قادرة بمفردها على حفظ المعنى أولا و الإفصاح عنه ثانيا؟ أما كان ثمة هوى لاهوتي يسكن نفس ريكور، و ما كانت البنيوية سوى ذريعة فقط؟ و أن استقلالية النص و موضوعيته، ما هي إلا مرادف لقدسية النص المقدس؟ و هذا يقود إلى تساؤل أخر أكثر جوهرية، يتعلق بدور ريكور في تأكيد الذاتية، هل حقا استطاع ريكور ترسيخ الذاتية؟ بحيث تكون نظرية القارئ التي آلت إليه هيرمينوطيقا ريكور، انتصارا للذاتية؟ أم انتكاسا لها؟ هل تأكيد ريكور على فهم الذات إزاء النص، و فهم الذات بعرضها أمام النص، هو تأكيد للذات أم إعلاء لشأن النص؟ هل أعلن ريكور موت المؤلف مع البنيوية ثم أعلن موت القارئ أيضا لكي يحيا النص؟