Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
شافع بن علي مؤرّخاً( 649-730ه / 1252-1330م )/
المؤلف
اللّافي, إبراهيم أحمد عبد السلام.
هيئة الاعداد
باحث / إبراهيم أحمد عبد السلام اللّافي
مشرف / محاسن محمد علي الوقاد
مشرف / سند أحمد سند عبد الفتاح
تاريخ النشر
2016.
عدد الصفحات
335 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2016
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الآداب - التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 335

from 335

المستخلص

زخر تاريخ الفكر الإسلامي بالعديد من العلماء الذين أناروا طريق العلم، والمعرفة بجهودهم، وإسهاماتهم الجليلة التي عبرت أحسن تعبير عن تاريخ الفكر التاريخي، والذي لا يزال يحتاج إلى المزيد من الاهتمام والدراسات للوقوف على إنتاجهم وعطائهم العلمي، ومن ثم تحديد رؤاهم وتفسيرهم للتاريخ؛ باعتبار أنّ جلّ الجوانب المادية من التاريخ حظيت باهتمام كبير من جانب المؤرخين المحدثين، دون النظر أو التطرّق للجوانب الفكرية من تحديد رؤى، وتعليل، وتأويل أفكار أولئك العلماء .
من هنا تنبع أهمية دراسة المؤرخين بصفة عامة إلى كون الكتابة فيها، تحاول الوقوف على منهجية البحث لديهم، والعوامل المؤثرة في فكرهم التاريخي، والتي بدورها تكشف من وجود رؤى، وتصورات، وقواعد استنبطوها من خلال ولوجهم معترك التاريخ .
لذلك اتجه اهتمام الباحث إلى دراسة أحد المؤرخين دراسة تحليلية ( أفكار، ورؤى، وتفسيرات ) من خلال أطروحة يتقدم بها لنيل درجة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي، وهو المؤرخ ” شافع بن علي العسقلاني ”، الذي عاصر دولة المماليك البحرية، وشهد على وقائعها الجسام فتأثر بواقع عصره، وساهم كقرنائه من المؤرخين في مسيرة الفكر التاريخي؛ إلا أنه لم ينل حظه الكافي من الدراسة كمؤرخ، ولم يتم سبر أغوار كتاباته التاريخية، والتي تعدّ انعكاساً لرؤيته ومنظوره التاريخي، للوقوف على عطائه ، ووضعه في المكانة التي تليق به .
وقد قسم الباحث الدراسة إلى مقدمة، وخمسة فصول، ثم خاتمة، و ذيلت بقائمة المصادر والمراجع؛ بحيث تناول الباحث في الفصل الأول منها دراسة للعوامل المؤثرة في مفهوم التاريخ، التي تركت آثارها على منهجه مستعرضاً بالتفصيل مولد شافع، ونشأته، وثقافته، ومكانته الاجتماعية، والمذهبية، ووظائفه التي لم تكن عائقاً لموهبته وجعلته يمضي في كتاباته، واختتم الباحث هذا الفصل بالانتماء المذهبي لشافع بن علي.
ثم جاء الفصل الثاني للدراسة الموسوم ب( مؤلفات شافع بن علي- التصنيف والمحتوى)، وتم التركيز على مصنفاته المطبوعة و المتوفرة للباحث، أما ما سقط منها طي الضياع ؛ فقد تمر الأيام وتتعاقب الأزمنة، ويماط اللثام عن مؤلفاته الضائعة، فيتسنى من خلالها اكتشاف جوانب جديدة في حياة شافع وعصره آنذاك، أما ما وقع تحت يد الباحث؛ فقد تم استعراض محتواها، وما تحمله من جوانب سياسية، ودبلوماسية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وعمرانية، ودينية .
أما الفصل الثالث؛ فقد خصص لدراسة المرجعية التاريخية لشافع بن علي، وكيف استند في كتاباته إلى مرعيات عدّة منها المشاهدات العينية، والمشافهات، والمساءلات، والسماع، والوثائق الرسمية؛ إضافة إلى اقتباسه من المؤلفات السابقة.
وجاء الفصل الرابع ؛ ليعرض فيه الباحث منهج الكتابة التاريخية عند شافع بن علي، منوهاً من خلاله عن صور الكتابة التاريخية في مصنفاته، مبيناً بالتفصيل منهج الكتابة لديه، موضحاً كافة المناهج التي اتبعها لبناء مؤلفاته، مستعرضاً تقنيات البحث العلمي التي اتبعها في مصنفاته والمتمثلة في اللغة، والأسلوب، الاستشهاد بالقرآن الكريم والأحاديث الشريفة، إضافة إلى استشهاده بالأبيات الشعرية، وكيفية توظيفها في كتاباته التاريخية .
أما الفصل الخامس والأخير، الموسوم ب( التفسير والموضوعية في كتابات شافع )؛ فقد تم فيه التعرض للمقاصد والغايات في مؤلفات شافع، واختتم الباحث الدراسة بخاتمة، أوجز فيها أهم النتائج التي انتهي إليها ، ومنها :
كشفت الدراسة عن ماهية الفكر التاريخي في القرن السابع الذي تعاظم إنتاجه كماً وتردى كيفاً؛ بحيث كثرت المصنفات، وكانت محاكاة لمختلف القرون الإنسانية، وخلت من الابتكار والإبداع في القرن السابع الهجري قيد الدراسة .
اتضح من الدراسة الثقافة الواسعة التي نالها شافع من خلال تلقيه تعاليم مختلفة على يد أسرته أولاً ثم نهله من شيوخ عصره مختلف العلوم، إضافة إلى اطلاعه الواسع، وشغفه بالقراءة، وولوعه باقتناء الكتب في مختلف العلوم، فانعكس ذلك على كتاباته التي تنوعت بين التاريخ، والجغرافيا، والأدب، وعلوم الحديث، والفقه، وغيرها .
يتبيّن من الدراسة أن شافع سليل أسرة علمية ثقافية، امتلكت الجاه، والمال، والحظوة لدى السلاطين، وبذلك يمكن اعتباره من الطبقة الوسطى ميسورة الحال، ذات المال، والسلطة، بحيث مكّنه وضعه الاجتماعي من الوصول إلى وظائف هامة في ديوان الإنشاء، واقتفى أثر خاله محي الدين، وابنه فتح الدين في هذا المجال، فصار كاتب درج للسلطان قلاوون الصالحي، إضافة إلى مكانته مع كبار الشخصيات في الدولة، مكنه ذلك من الاطلاع على وثائق الدولة المعلنة والسرية منها، ساعدته على المضي قدماً في طور الكتابة التاريخية، فكشفت عن وثائق لم ترد في المظان التاريخية السابقة .
كما أثبتت الأطروحة بوادر الحركة الثقافية والدينية في ذلك العصر، ذات المنحى الثقافي الديني ، وليس أدلّ على ذلك من أن شافع وسم بالإمام والفقيه، والأديب، والكاتب، كلها تعطي دلالات على تشبعه بالثقافة الدينية سمة ذلك العصر، في حين أهملت العلوم الدنيوية، فضلاً عن علوم الأوائل من الشيعة، إلا أن الدراسة أثبتت أن شافع لم يتعصب لمذهبه، بل إنه أثنى على زعماء الشيعة، لما له من رسائل مشهورة، وكونه ذا فضيلة أدبية، وبذلك يمكن القول، أنه اطلع على تلك الرسائل وغيرها من كتب الشيعة .
وقد كشفت الدراسة عن أهم الجوانب الغنية في كتابات شافع؛ فمن الناحية السياسية والدبلوماسية، اتضحت العلاقة بين المغول، والصليبيين، والأرمن، إضافة إلى الممالك الأخرى مثل حماة، وبلاد النوبة، وإقليم برقة، ومن الناحية الاقتصادية كشف عن السياسة المالية، التي كانت عليها الدولة بصورة مقتضبة ،إضافة إلى النواحي الاجتماعية بشيء من الاختصار .
كما تبيّن من الدراسة المناهج التي سلكها شافع في مؤلفاته؛ من إتباع المنهج الحولي، وابتعاد عن المناهج السندية، وفي مجملها لم تخرج عن مناهج سابقيه من المؤرخين في ذكر من رووا عليهم أحياناً ، والغفلة عنهم أحياناً كثيرة، وتبين للباحث مدى استخدامه لتقنيات البحث العلمي ( أسلوب الكتابة التاريخية )، من استعمال اللغة، والأسلوب، والاستشهاد بالقرآن الكريم ، وتأثر أسلوبه الذي بات واضحاً في كتاباته التاريخية، ويتبين أيضاً توظيفه للأحاديث النبوية، إلا أن تأثره بالقرآن الكريم كان أكثره ظاهراً، إضافة إلى توظيف الشعر فيما يخدم كتاباته التاريخية بات واضحاً في هذه الأطروحة .
أوضحت الدراسة مقاصد وغايات الكتابة التاريخية لدى شافع، وكانت معرفية تعليمية، مع إلمامه بالاطلاع و ولوعه بتاريخ أحول الناس، إضافة إلى غايات دينية القصد منها النصح، والإرشاد، وإسداء المشورة، كما تبيّن أن النقد في كتابات شافع غلب عليه المنطق، والعقلانية، والواقعية في عرض الأخبار، اتضح ذلك من انتقاده لمحبيه، وأولياء نعمته، فحاول أن ينقد الأمراء، والسلاطين، وأن يمعن الفكر والمنطق، خاصةً في مؤلفه حسن المناقب، أما الفضل المأثور ؛ فقد خلى من النقد وخاصةً للسلطان قلاوون . أما التفسير في مؤلفاته؛ فقد ثبت أنه حاول أن يعوّل على التفسيرات العقلية، وخاصةً في الأحداث التي عاصرها وشارك فيها، وكانت له تفسيرات دينية وأخرى اقتصادية، فكانت رؤية شافع وتفسيره للتاريخ تنطلق من منظور ديني وأخلاقي، وابتعد عن التفسيرات الأسطورية، والخرافية التي عجت بها مصنفات سابقيه من المؤرخين ، كما ثبت عدم تعويل شافع على البعد المذهبي المتعصب .
كما أثبتت الدراسة التزام شافع بالحياد والموضوعية في الغالب الأعم؛ إلا أنه لم يكن كذلك في كل الأحوال؛ فقد سكت عن الطبقة الحاكمة، وخاصة قلاوون، وبرر كل أفعاله، أيضاً من المآخذ تغاضيه عن الطبقات الدنيا في المجتمع، فلم يعير أي اهتمام بها ، فجاءت مؤلفاته تخص النخبة السياسية في المجتمع، إلا أنه من الإنصاف القول، أنه قدم روايات تاريخية لا توجد في غيره من المصادر التاريخية، وحاول أن يكتب بموضوعية، مفسراً الأحداث معلّل الأسباب بالمنطق، والعقل، مبتعداً عن الخرافات، والتنبؤات، والخوارق التي سادت عصره ،فلم يفسر التاريخ تفسيراً أسطورياً خرافياً، وخاصة في مؤلفه الفضل المأثور، الذي خلى تماماً من تلك الروايات المبنية على الصدف، والخوارق، وقدرات المشايخ .