![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص لما كان محور وموضوع بحثنا هو فكرة الحراسة في المسئولية المدنية، أي تحديد الحارس أو المسئول عن فعل الأشياء، ونجد أن المسئولية الناشئة عن فعل الأشياء مرت في تطورها بحقبات أولها كانت عاصفة، فكتب الفقهاء فيها وأكثروا، ورسم الاجتهاد خطوطاً لها في مجال تطبيقها، وكلما ظلَّ البعض على إطار ثابت لها طرأ ما يعيدها إلى الواجهة في البحث القانوني، فهي تتناول حالات متشعبة مختلفة إذ تستهدف الأضرار الناشئة عن الأشياء لتعويض المتضرر عنها، وما أكثر الأضرار التي ترتّد إلى مثل هذا المصدر في حياة الناس الحاضرة وفي نطاق نشاطهم، وما أشد تنوعها وتلونها، ولا يخفى أن من المتضريين من يستند إلى المسئولية عن فعل الشيء سعياً إلى إقرار حقه بالتعويض، فيعرض أضراره ويربطها بالشيء، وليس نادراً أن يكون في ما يعرضه صور متجددة تستثير في كل مرة البحث بها من زاوية المسئولية هذه، وتستلزم من القاضي حكماً قد يكون بدوره منطلقاً لمنافسة أو دراسة تنتهي بكشف أوجه جديدة للمسئولية عن فعل الأشياء، ومن هنا كان التسلسل في أوجهها ولعلَّ هذا التسلسل غير متوقف طالما ظل واقع الناس في تطور وتداخل وتحرك في هذا العصر المتفاعل حيوياً وآلياً، وطالما أن النزعة الملحوظة فيه هي توفير التعويض إلى من تضرر في محيط هذا الواقع أو على هامشه باعتماد القضاء الذي يوفر التعويض قانوناً واجتهاداً وبالفعل تستمد المسئولية عن فعل الشيء مظاهر تطبيقها من الواقع، الذي وصف ومما يلازمه أو ينطوي عليه من أضرار ترجع بمصدرها إلى الأشياء التي هي تحت يد الناس وباستعمالهم لأكثر هذه الأشياء احتمالاً لإحداث الضرر، الآلة في تحركها، والمركبة في سيرها، إضافة إلى مسئولية حارس البناء ومسئولية حارس الحيوان، وحاولنا أن تكون دراستنا جامعة بين خطتين لها تلتقيان تناسقاً، أحدها ذا طابع نظري، والثاني ذا طابع عملي، وذلك من خلال تقسيم خطة البحث إلى فصلين، تناولنا في الأول فكرة الحراسة، وقد بحثنا فيه عن مضمونها والمسئول عنها وانتقالها، وفي الفصل الثاني من الرسالة في تطبيقات فكرة الحراسة وذلك ببحث نطاقها، وإشكالية تجزئتها، وتحديد حارس التكوين، وما مدى نجاعة فكرة التجزئة. |