Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
شعر الزهد عند أبى العتاهية:
المؤلف
محمد, إسلام محمد على.
هيئة الاعداد
باحث / إسلام محمد على محمد
مشرف / عبد المعطى صالح عبد المعطى
مشرف / جلال أبو زيد هليل
مشرف / فريد عبد الظاهر سعيد
تاريخ النشر
2017.
عدد الصفحات
365 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
اللغة واللسانيات
تاريخ الإجازة
1/1/2017
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الألسن - اللغة العربية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 365

from 365

المستخلص

عشت مع أبى العتاهية إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان ، فى هذا البحث فقدت بدأت حياته بداية غير موفقة ، قلقة ، مضطربة ، حيث تعقدت نفسه من جراء الأحداث والظروف التى مرت به . فالزهد كان تجربة مَال إليها الشاعر بعد أن عايش الحياة حلوها ومرها ، وشعره فى الزهد كان مصدر الإعجاب ، ولم يكن سر ذلك الإعجاب راجعًا إلى جودة فى التصوير أو علو فى المستوى الفنى ، وإنما كان راجعاً إلى أمور تتصل فى جانبها الأهم بالمعنى، فالكلمات والتراكيب واضحة المعنى ، كثيرة الاستعمال ، سريعة المثول فى قلوب الناس والتأثير فى نفوسهم.
ـ نجد تنظيم الشاعر على البحور الشعرية كافة ، لكن إيثاره البحور الطوال على غيرها ولعله وجد فى البحور الطويلة متسعاً للتنفيس عن آلامه وأحزانه وانفعالاته ، فيبث شكواه بنفس طويل ، فغفلة الناس عن الموت والانهماك بالدنيا وغرورها تجعله يخاطبهم بهذا النفس الطويل ، كما أن شعر الزهد ذو نزعة خطابية تتميز بالجدية والرزانة وهو ما يحتاج إليه الوعظ والحكم والأمثال كى تستوعب المعانى كافة. ومعنى هذا أن موضوعًا واحداً وهو ” شعر الزهد ” قد نظم فى كل البحور الشعرية ، ولم يختص بحر معين بالنظم فيه دون غيره ، وأن أبا العتاهية مثله مثل شعراء عصره فى الإتيان فى البحور المطروقة والمعروفة التى جاء فيها الشعر العربى فى أغراضها كله. فالتجربة هى التى تختار وزنها بما يتلائم مع طبيعتها وخواصها .
ـ انصب الاهتمام فى دراسة القافية على صوت الروى الذى أضحى فى الحس الإيقاعى صلب القافية وركيزتها إلى الحد الذى أطلق عليه فى بعض التصورات أن الروى هو ذلك الحرف الذى يتكرر فى آخر كل بيت من أبيات القصيدة وبه تسمى القصيدة فى عرف دراسى الأدب العربى كما أن حركة الروى ليست ظاهرة صوتية فقط ، ولكنها تركيبية دلالية فحركة الروى تتوقف على :
أ – صفات الأصوات وحركة البناء : فنلحظ تناسبًا طرديًا بين حرف الروى وبقية أصوات الحروف فى البيت الشعرى ، وفى الغالب تكون حركة الروى من جنس معظم حركات الحروف ، لتعطى للروى مداه من الإيحاء والقوة.
ب- علاقة حركة الروى بالتراكيب النحوية : فثمة علاقة بين حركة الروى والتركيب النحوى داخل القصيدة ، تحدد الدلالة الإيحائية للأبيات ، وتشيع فى الأبيات الجو النفسى الذى أراده الشاعر ، فعندما يكون حرف الروى مكسوراً تكثر التراكيب الإضافية والمجرورات.
ج – توازن العروض والضرب فى الكمية الصوتية : وهناك عامل آخر يتأثر به الروى قوة وضعفاً ؛ ونعنى به حركة الضرب واستقلاله بتفعيلة عروضية لذلك نجد الشاعر يغير حركة الروى إذا كان أقل إيقاعًا من العروض ، فالعروض عنصر مهم من عناصر الموسيقى ، فهو بمثابة روى داخلى يساعد على إبراز موسيقى الروى الأساسى فى نهاية الضرب.
ـ التزم أبو العتاهية بالقافية التقليدية ؛ التى يُلزم فيها بحرف الروى فى آخر كل بيت ، وهذا واضح فى ديوانه.
إلا أن الشاعر تخطى نظام القافية التقليدية ، وتعدى ذلك إلى التنوع فيها، واتخذ هذا التنوع العديد من الصور : كالمزدوجات والمربعات . وهو ما هيأ لظهور الموشحات وشيوعها فى الأندلس، وهى جميعا تتمسك بوحدة الشطر والبيت.
ـ أما التصريع فيأتى فى بداية القصيدة يمنحها ـ بالإضافة إلى العناصر التكرارية ـ الأخرى ـ تكثيفاً موسيقياً يبث تأثيره فى نفس المتلقى ، كما يدل على مقدرة الشاعر وسعته فى أفانين الكلام ؛ حيث يزيد جمال المطلع وإيقاع الموسيقى.
ـ أما بالنسبة للموسيقى الداخلية المتمثلة فى الأصوات اللغوية والبنية المقطعية ، فالصوت والقطع لب الدراسة الصوتية ، والشعر تجربة تتشكل عبر المجاز والموسيقى.
ـ يعد الصوت مفتاح التأثير فى الشعر العربى ، فلا يحدث التأثير التصويرى من خلال الكلمات بمفردها ، وإنما يصحب ذلك عدة علاقات متشابكة لا يمكن فصلها عن التأثيرات التى تكون الصورة ، ومن هذه العلاقات وقع جرس الكلمة على الأذن والعقل والإحساس ، حيث يساهم الجرس الصوتى للكلمة فى تصوير المعنى. فهناك ـ إذن ـ نوع من الدلالة تستمد من طبيعة الأصوات حيث تتولد مدلولات لدى المتلقى تحدثها الكلمات ذاتها ، وهى ما يمكن تسميته مدلولات الكلمات( ).
ـ التكرار الصوتى فى البنيات اللغوية للجملة الشعرية له دور فاعل حيث يتيح للسامع متابعة المعنى بمتابعة تلك الأصوات المكررة التى تشملها الكلمات الرئيسية فى الجملة الشعرية ، فيعطى المستمع القدرة على متابعة الشاعر ، بالإضافة إلى ما يخلفه الانسجام الصوتى النابع من التكرار المدروس للكلمات من خلب للأسماع.
ويلاحظ أن الشاعر تفنن فى إتقان طرق ترديد الأصوات فى الكلمة الواحدة بل فى الكلمات المجاورة أيضا حتى يكون لها نغم وموسيقى ليسترعى القلوب والعقول بمعانيه وتردداته، وهذا يدل على مهارته فى نسج مدلول الكلمات ، وبراعته فى ترتيب الحروف وتناسقها ، والهدف من هذا كله هو العناية بحسن جرس الكلمة ، ووقع دلالتها الصوتية فى الأسماع ؛ فالصوت أشبه بفاصلة موسيقية متعددة النغم .
ـ أما التكرار اللفظى فيعد من الظواهر الأسلوبية التى جاءت لتعكس جانبًا من الموقف النفسى والانفعالى ، ومثل هذا الجانب لا يمكن فهمه إلا من خلال دراسة التكرار بأنماطه المختلفة داخل النص الشعرى الذى ورد فيه ، فكل تكرار يحمل فى ثناياه دلالات انفعالية ونفسية مختلفة تفرضها طبيعة السياق الشعرى ، ولو لم يكن ذلك لكان تكراراً لجملة من الأشياء التى تؤدى إلى معنى أو وظيفة فى البناء الشعرى.
ـ التكرار بأنواعه المختلفة من حيث كون الكلمة أول ما يسمعه المتلقى وآخر ما يعلق بذهنه ـ لم يأت اعتباطاً ـ بل أداة من الأدوات التى يستخدمها الشاعر لتعين فى إضاءة التجربة وإثرائها وتقديمها للمتلقى الذى يحاول الشاعر بكل وسيلة أن يحرك فيه التفاعل مع تجربته ، فالشعور الطاغى لدى الشاعر لم يدفعه إلى اختيار الكلمات فقط ؛ بل إلى تكرارها ، ولو لم يكررها على هذه الشاكلة لما استطاعت أن تنقل تجربته العميقة وأن تثير إحساساً لدى المتلقى . إن التكرار يعتمد في طبيعته على الإعادة لقوالب لغوية متنوعة ومختلفة في إيقاعها وطاقاتها الإيحائية التي تعتمد على اللغة الشعرية ذات الدلالات والطاقات المميزة عن لغة النثر . وقد أدرك بالي ـ أهمية هذا الجانب في اللغة عندما فهم الأسلوبية على أنها بحث ـ أو علم الوسائل اللغوية من زاوية نظر وظيفتها الانفعالية والتأثيرية.
ـ يستمد ” الحذف ” أهميته من أحداث تلك المشاركة اللغوية بين المرسل والمتلقى ، فهو ينشط الإيحاء ويقويه من ناحية ، وينشط خيال المتلقى من ناحية أخرى ، وكأن المتلقى معنىٌّ بإكمال الفراغات مع الشاعر التى تُركت جرّاء حذفه لعناصر النص الشعرى ؛ أى أن الحذف يعطى مساحة لا بأس بها للمتلقين وتخيلاته من أجل إغناء النص وثرائه.
وقد ظهر من خلال مواضع الحذف فى شعر أبى العتاهية أن هناك أموراً لا يمكن تجاهلها فى إدراك الشعر منها السياق والمتلقى ، فهذان أمران يؤديان دوراً مهماً فى إدراك الترابط الذى أحدثه الحذف ، وبدونهما يظل النص مبهمًا.
ـ كما تفنن الشاعر فى استخدام تقنية التقديم والتأخير وفقا للطبيعة الدلالية لأبياته على نحو صعب معه ربطها بدلالات معينة دون غيرها مما دعانا إلى أن نؤكد أن سياق النص وحده هو المحدد لأبعاد تلك التقنية الدلالية .
فأركان الجملة غير محفوظة الرتبة ، فتقديم المفعول قائم برأسه كتقديم الفاعل ، ولا يقتصر دراسة الجملة على دراسة عناصرها اللفظية التى تتألف من الكلمات ، إنما يتجاوز ذلك كله إلى البحث عن العلاقة القائمة بين التفكير والتعبير ، بحيث لا ينسى الكشف عن هذه العلاقة إلا بالنظر فى الفكرة وفى التعبير معاً. فالمبدع يقوم بترتيب مفردات اللغة بطريقة تأليفية معينة من بين مفردات أخرى تتيحها اللغة كان من الممكن أن يصوغها ؛ إلا أنه يفضل استخدام تراكيب بعينها عمن سواها.
والحق أنه ” لا يمكن أن يكون هناك إبداع إلا حيثما يوجد تفكير عميق فى الطبيعة التركيبية للغة ، فالأسلوب يرجع إلى نظام مادى متمثل فى الألفاظ والتراكيب ، ونظام آخر معنوى تألف وانتظم مع النظام المادى فى نفس الشاعر ، معنى هذا أن الأسلوب معان مرتبة قبل أن يكون ألفاظاً منسقة ، وهذا يتكون فى الذهن قبل أن ينطق به اللسان أو يجرى به القلم ، أو كما بيّن الجرجانى فى فهمه لقضية النظم ، حيث إنه ترتيب الألفاظ فى النطق على حسب ترتيب المعانى فى النفس.
ـ تتميز الأساليب الإنشائية الطلبية بروح حوارية ترتفع معها النغمة الصوتية المعبرة عن النشاط النفسى والانفعالى. فهى أساليب تثير الانتباه وتجذب السمع.
ويكون مرتكز هذه الحركة أداة تختص بأسلوب معين من الأساليب الإنشائية (النداء ـ الأمر ـ النهى ـ الاستفهام ..) فتعبر عن موقف خطابى ناشئ من ذات المتكلم ينبع من الصيغ الإنشائية نفسها ، فكلها صيغ لغوية تستدعى وجود المخاطب فى مقابل المتكلم. فالموقف الحوارى يضع المتكلم والمخاطب وجهاً لوجه فى لحظة آمنة.