الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص عندما كان أحد الطلاب يُقدم امتحانًا موضوعه وصف الطوفان، لم يُكلف نفسه عناء كتابة الصفحات العديدة كما فعل سواه، كتفيًا بكتابة هذه العبارة الوجيزة: ” كل شيء ماء ”، مُعبرًا بذلك أصدق تعبير عن كنه الموضوع.هكذا كان بإمكاننا لدى اختيارنا موضوع المسئولية لمعالجته أن نقول ببساطة بهذا الصدد: ” كُل عمل مسئولية ”.لا يختلف في هذا الأمر اثنان: فالحُكم سئولية، والقيادة مسئولية، والعائلة مسئولية، وبالاختصار كُل عملٍ واعٍ مسئولية.جاء في الحديث الشريف عنه : ” كلكم راعٍ وكل راعٍ مسؤول عن رعيته ”( ).وورد في نهج البلاغة: ” المسؤول حرٌ حتى يعد، ومُسترقٌ بالوعد حتى ينجز ”.وكما أنّ الرجل يُولد حرًا ويعيش كأنّه مُكبل بالحديد أينما كان، على حد قول جان جاك روسو، فما ذلك إلاّ لأنّ المسئولية تُلازم أعماله مُلازمة الظل.وكون المرء مسؤول عن عمل يعني أن يقبل به، ويرضى بنتائجه، ويتحمل مسئوليته، وهكذا فإنّ دلول المسئولية مُرتبط ارتباطًا وثيقًا بمدلول حرية الضمير لتضامن.وإنّ مسئولية العامل المعهود به إليه تتوقف على طبيعة الاختصاصات المتروكة له؛ فإذا كان اختصاصه مُقيدًا ولا حرية له في التصرف، بل عليه أن يُؤدي أعباء عمله طبقًا لتعليمات مُحددة، فإنّ مسئوليته في هذه الحالة تنحصر في مدى احترامه لما لديه من تعليمات، ويغدو عمل سلطة التأديب كعمل القاضي الجنائي ينحصر في فحص العمل المسند إلى العامل، ومدى مُطابقته للتعليمات ولقواعد العمل المسلم بها، وهذه الحالة تشمل صغار العاملين عادة الذين يؤدون عملاً نمطيًا لا يترك لهم حرية واسعة للتصرف، بل يقتصر واجبهم على تنفيذ ما يعهد إليهم به من عمل. |