Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
ميكانيزمات التكيف النفسي والاجتماعي للمهاجرين داخلياً مع بيئتهم الجديدة:
المؤلف
عطية، فايق أمين نصير .
هيئة الاعداد
باحث / فايق أمين نصير عطية
مشرف / /مصطفي إبراهيم عوض
مشرف / سوسن إسماعيل عبد الهادي
مناقش / محمود عبد الحميد حسين
تاريخ النشر
2016.
عدد الصفحات
153ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
العلوم البيئية (متفرقات)
تاريخ الإجازة
1/1/2016
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - معهد البيئة - علوم انسانية بيئية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 153

from 153

المستخلص

مقدمة :
إن الهجرة الداخلية تُسبب الكثير من المشاكل للمجتمع الطارد والمجتمع المستقبل لهم وللمهاجرين أنفسهم تتمثل فى صعوبة تكيفهم مع البيئة والمجتمع فى بيئتهم الجديدة مما يدفعهم لاتخاذ أساليب أو ميكانيزمات دفاعية شعورية أو لا شعورية تؤدى بهم إلى مزيد من العزلة الاجتماعية أو العدوانية كما توَلد عندهم شعور بعدم الرضا عن حياتهم ككل.
والدراسة الحالية تتناول هذه المشكلة من عدة أبعاد, فهى تحاول الكشف عن أهم الأسباب التى تدفع السكان بمحافظة سوهاج إلى الهجرة لمحافظة القاهرة , وكذلك أهم عوامل الجذب بمحافظة القاهرة لهؤلاء المهاجرين. كما تحاول الدراسة الكشف عن أهم المشكلات الاجتماعية والنفسية وميكانيزمات التكيف معها. كما تبحث الدراسة قياس مستوى التكيف للمهاجرين وقياس نوعية حياتهم فى بيئتهم الحضرية الجديدة.
مشكلة الدراسة:
تُعتبر الهجرة الداخلية من الريف إلى محافظة القاهرة هى السبب الرئيسى فى نشأة المناطق العشوائية مكونة ما يعرف بالجيوب شبه الريفية أو المجتمع الريفى الحضرى فى العاصمة. فقد أشارت نتائج التعداد السكانى (2006) الى أن حجم الهجرة من محافظة سوهاج إلى خارجها يبلغ حوالى (260) الف مهاجراً خلال الفترة ما بين التعدادين (996 – 2006), كما أن محافظة سوهاج تحتل المركز الأول على محافظات الوجه القبلى كمحافظة طاردة للسكان, كما تشير الإحصاءات والدراسات التى أجراها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن محافظة القاهرة من أولى المحافظات المستقبلة للمهاجرين من محافظة سوهاج.
والمشكلة لا تكمن فقط فى وجود مدينة القاهرة كمركز جذب رئيسى, بل المشكلة الأساسية هى وجود قرى الريف المصرى كمراكز طرد سكانى. فالهجرة الريفية الحضرية تتسبب أيضا فى خلق مشاكل كثيرة متشابكة للمجتمع الطارد للسكان بمحافظة سوهاج, يتمثل أهمها فى نزوح الأيدى العاملة الزراعية المدربة مما يتسبب فى خلق فجوة العمالة الزراعية المدربة مما يكون له أثر سلبى على الانتاج الزراعى وعملية التنمية الريفية. كما تبرز مشكلة صعوبة تكيف المهاجرين من الريف إلى محافظة القاهرة مع بيئتهم الحضرية الجديدة بسبب اختلاف العادات والتقاليد التى نشأوا عليها بالريف عنها فى بيئتهم الجديدة بالقاهرة مما يؤثر سلبيا علي علاقاتهم الاجتماعية وتفاعلهم مع المجتمع الجديد المحيط بهم.
ومعظم الدراسات السابقة فى مجال الهجرة الداخلية تناولت المشكلة بشكل عام من بعد أو بعدين من أبعادها العديدة المتشابكة بالإضافة إلى ندرة الدراسات الحديثة التى تناولت الهجرة من سوهاج إلى القاهرة. من هنا تأتى أهمية هذه الدراسة لبحث وتحليل مشكلة الهجرة المتزايدة من محافظة سوهاج إلى محافظة القاهرة من أبعادها المختلفة.
أهمية الدراسة:
تكمن أهمية الدراسة الحالية فى محاولة توفير بيانات ومؤشرات محددة يرجع إليها الباحثون ومتخذو القرار فى موضوع شائك ومتداخل مع العديد من التخصصات العلمية الأخرى. فالدراسات السابقة التى تمت على هذا الموضوع تناولت مشكلة الهجرة بصفة عامة من أحد أبعادها العديدة والمتشابكة. أما الدراسة الحالية فتركز على الهجرة من المجتمع الريفى وخصوصاً من قرى محافظة سوهاج إلى محافظة القاهرة وتحاول بحث هذه المشكلة من عدة أبعاد. فهى تبحث أهم عوامل الطرد والجذب للمهاجرين من محافظة سوهاج إلى محافظة القاهرة, والكشف عن أهم المشكلات الاجتماعية والنفسية التى تواجههم فى بيئتهم الجديدة وميكانيزمات التكيف معها. كما تقيس مستوى تكيف المهاجرين ونوعية حياتهم فى بيئتهم الحضرية الجديدة. وذلك حتى يمكن الكشف عن أهم المؤشرات التى تساعد على وضع التوصيات والحلول لمشكلة التضخم الحضرى والعشوائيات بمحافظة القاهرة الناتجة عن الهجرة اليفية-الحضرية.
أهداف الدراسة :
تهدف الدراسة الحالية الى تحقيق الأهداف الآتية:
1 – التعرف على أهم الخصائص الديموجرافية والاجتماعية للمهاجرين من محافظة سوهاج سوهاج إلى محافظة القاهرة.
2 – الكشف عن أهم أسباب الطرد والجذب التى تدفع السكان للهجرة من محافظة سوهاج إلى محافظة القاهرة .
3 – التعرف على أهم المشكلات النفسية والاجتماعية التى يواجهها ويعانى منها المهاجرون فى مجتمعهم وبيئتهم الحضرية الجديدة, وأهم ميكانيزمات تكيفهم للتأقلم مع بيئتهم الحضرية الجديدة.
4 – التعرف على مستوى التكيف الاقتصادى والاجتماعى والنفسى والبيئى والأسرى والذاتى للمهاجرين من الريف إلى مدينة القاهرة وقياس نوعية وجودة حياتهم.
5 – الكشف عن مؤشرات ووضع توصيات تساعد متخذى القرار والمسؤلين فى إيجاد حلول عملية قابلة للتطبيق لتخيفيف حدة المشاكل الناجمة عن الهجرة من محافظة سوهاج إلى محافظة القاهرة على الأمدين القريب والبعيد.
تساؤلات الدراسة:
فى ضوء الأهداف المرجوة من الدراسة الحالية فإن الباحث طرح عدة تساؤلات:
1. هل هناك علاقة بين الهجرة من محافظة سوهاج والمتغيرات الديموجرافية والاجتماعية والاقتصادية بالمحافظة.
2. ما أهم العوامل الجاذبة للمهاجرين إلى محافظة القاهرة .
3. ما هى أهم المشكلات النفسية والاجتماعية التى يعانى منها المهاجرون فى بيئتهم الجديدة. وما هى ميكانيزمات التكيف للمهاجرين للتأقلم والتوافق مع بيئتهم الحضرية الجديدة.
4. ما مستوى التكيف الاجتماعى والنفسى للمهاجرين من محافظة سوهاج إلى محافظة القاهرة فى بيئتهم الحضرية الجديدة.
5. ما هى نوعية الحياة للمهاجرين من محافظة سوهاج إلى محافظة القاهرة بعد استقرارهم بها.
فروض الدراسة :
للإجابة عن هذه التساؤلات التى تطرحها الدراسة تمت صياغتها فى الفروض الأربعة التالية:
الفرض الأول : يوجد علاقة طردية بين الهجرة من محافظة سوهاج وكل من العوامل الآتية:
• قلة فرص العمل وعدم انتظامها وانخفاض الأجور
• عدم وجود حيازة زراعية كافية لأفراد الأسرة .
• كبر حجم الأسرة للمهاجرين بمحافظة سوهاج
• قسوة الحياة بالريف بسبب سوء الخدمات والمرافق العامة وتدهور البنية التحتية.
• الاستعداد النفسى للهجرة والتنقل والمحاكاة.
• قسوة قيود العادات والتقاليد بالمجتمع الريفى بمحافظة سوهاج
• عادة الأخذ بالثأر والاضطهاد, أو التمييز بسبب الانتماء أو الدين.
الفرض الثانى : يوجد علاقة طردية بين جذب المهاجرين إلى محافظة القاهرة وكل من العوامل الآتية:
• توافر فرص العمل وانتظامها وارتفاع الأجور النسبى
• وجود أقارب أو أصدقاء للمهاجر بالقاهرة
• سهولة الحياة فى مدينة القاهرة نتيجة الخدمات العامة المتوفرة ووجود مراكز صنع القرار بها
• الحراك الاجتماعى وفرص الترقى الاجتماعى
• التحرر من قيود العادات والتقاليد الريفية
• وجود المؤسسات الثقافية والتعليمية والدينية الكبرى بمحافظة القاهرة
الفرض الثالث : توجد فروق دالة إحصائيا بين فئات المهاجرين من محافظة سوهاج إلى محافظة القاهرة (الذين قضوا (20) سنة أو أكثر بمحافظة القاهرة, والذين قضوا مدة (10 – 20) سنة, والذين قضوا مدة أقل من (10) سنوات), على مقياس التكيف فى متغيراته السبعة.
الفرض الرابع : يوجد فروق دالة إحصائيا بين فئات المهاجرين من محافظة سوهاج إلى محافظة القاهرة, (الذين قضوا (20) سنة أو أكثر بمحافظة القاهرة, والذين قضوا مدة (10 – 20) سنة, والذين قضوا مدة أقل من (10) سنوات), على مقياس نوعية الحياة فى متغيراته العشرة.
مجالات وحدود الدراسة:
المجال الجغرافى والبشرى والزمنى للدراسة :
أجريت الدراسة الحالية على المهاجرين من محافظة سوهاج, الذين استقروا بمدينة القاهرة بصورة دائمة فى عدة مناطق تقع معظمها على أطراف مدينة القاهرة فى المناطق العشوائية ذات المستوى المعيشى والاجتماعى المتدنى مثل: المرج وعزبة النخل وعين شمس ومدينة السلام وأبورجيلة ومنشية ناصر ومنطقة الكيلو (4.5) بمدينة نصر وبعض المهاجرين القدامى بمصر الجديدة وشبرا والزيتون. وأُجريت الدراسة الميدانية خلال النصف الثانى من عام (2014) وأوائل عام ( 2015).
المنهج العلمى للدراسة:
اعتمد الباحث على المنهج الوصفى التحليلى ومنهج المسح الاجتماعى للوصول إلى الأهداف المنشودة للدراسة الحالية من خلال تحليل البيانات ودراسة الحالة. كما أخضع البيانات للتحليل الإحصائى مستخدما لذلك برنامج الحزم الإحصائية للعلوم الاجتماعية (SPSS).
مصادر البيانات والأدوات المستخدمة فى الدراسة:
واعتمدت الدراسة على بيانات التعدادات والمسوحات التى يجريها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ووزارة الزراعة بالإضافة إلى الدراسة الميدانية والتى استخدمت فيها (3) أدوات وهى:
(1) الاستبيان (إعداد الباحث)
(2) مقياس التكيف (إعداد الباحث)
(3) مقياس نوعية الحياة (إعداد الباحث)
الدراسة الميدانية:
تم تطبيق الدراسة الميدانية على عينة عمدية مكونة من (180) مهاجراً مقسمة إلى ثلاث فئات طبقا للفترة التى قضاها المهاجر بمحافظة القاهرة وهى: (60) مهاجراً لمدة (20) سنة أو أكثر ,(60) مهاجراً لمدة (10 – 20) سنة ,(60) مهاجراً لمدة أقل من (10) سنوات.
أهم نتائج الدراسة:
اولا : بعض الخصائص الديموجرافية لمحافظة سوهاج:
تتميز محافظة سوهاج بمعدلات عالية للزيادة السكانية مع قلة مواردها المحلية بسبب عوامل جغرافية طبيعية منها ضيق شريط الوادى وعوامل بشرية منها ندرة المشروعات الصناعية والاستثمارية الكبرى بالمحافظة. وتعتبر مراكز طهطا وجرجا والمنشاة من أكبر المراكز الطاردة للسكان بالمحافظة. وتعانى محافظة سوهاج من ارتفاع نسبة الأمية والذين يقرأون ويكتبون بدون مؤهلات, كما تعانى من ضعف الخدمات العامة متمثلة فى المياه النقية والصرف الصحى والخدمات الصحية. كما تتميز بغياب العدالة فى توزيع الحيازات الزراعية على السكان, حيث يمتلك (8 %) من الحائزين حوالى (80 %) من مساحة الأراضى الزراعية بالمحافظة, فى حين يمتلك (92 %) من الحائزين حوالى (20 %) فقط من جملة الأراضى الزراعية بالمحافظة. هذه الأوضاع المتردية جعلتها تتصدر محافظات الوجه القبلى طردا للسكان.
ثانيا: أهم خصائص أفراد عينة الدراسة الميدانية:
• تراوحت أعمار أفراد العينة ما بين (24 & 73) سنة , والذكور شكلوا (54 %) والإناث (46 %).
• حوالى (80 %) من العينة يقيم فى المناطق العشوائية ذات المستوى المعيشى المنخفض.
• حوالى (90 %) من العينة من معدمى الحيازات الزراعية فى موطنهم الأصلى بسوهاج.
• متوسط حجم الأسرة الأصلية لأفراد العينة بسوهاج بلغ ( 6.89 ) فرد / اسرة.
• حوالى (80 %) من أفراد العينة هاجروا فى سن الشباب والعطاء (أقل من 30 سنة). معظمهم من الأميين وخريجى المؤهلات المتوسطة.
ثالثا: أهم عوامل الطرد بمحافظة سوهاج:
1. الأسباب الاقتصادية المتمثلة فى ندرة فرص العمل وعدم انتظامها بالإضافة إلى انخفاض الأجور فى المهن الزراعية المتاحة فى الريف.
2. عدم ملكية الأسرة أراضى زراعية كافية لسد أحتياجات أفرادها.
3. كبر حجم الأسرة الأصلية للمهاجر.
4. سوء جودة الخدمات العامة الجماهيرية (الصرف الصحى ومياه الشرب النقية والكهرباء والطرق والمواصلات والخدمات الصحية ...إلخ).
5. قسوة الحياة بالريف بسبب مشقة العمل فى المهن الزراعية من جهة وسوء الخدمات الجماهيرية العامة من جهة أخرى.
6. قسوة وقوة قيود العادات والتقاليد الريفية وتوافر العامل النفسى للهجرة ومحاكاة المهاجرين السابقين.
رابعا: أهم عوامل الجذب بمحافظة القاهرة:
1. الأسباب الاقتصادية تأتى فى مقدمة الأسباب التى تشجع على الهجرة إلى محافظة القاهرة. وهو نفس السبب الرئيسى الذى يشكل عامل طرد للسكان من محافظة سوهاج.
2. يشكل وجود أقارب وأصدقاء للمهاجرين بمحافظة القاهرة أحد العوامل الرئيسية لجذبهم نحو الهجرة لمحافظة القاهرة دون غيرها من المحافظات الأخرى.
3. يأتى عامل سهولة الحياة بمحافظة القاهرة كما يتخيلها المهاجرون نظرا لجودة وتوافر الخدمات الجماهيرية العامة بمحافظة القاهرة. مقارنة بالمتاح فى الريف.
4. يلعب عامل الحراك الاجتماعى وفرص الترقى الاجتماعى, خاصة المتعلمين من الفئات المهمشة, دورا مهما فى الهجرة إلى محافظة القاهرة طمعا فى تحقيق مركز اجتماعى .
5. التحرر من قسوة قيود العادات والتقاليد بالريف شكلت عاملا مهما للتشجيع على الهجرة إلى محافظة القاهرة.
خامسا: النتائج المتعلقة بأهم المشكلات النفسية والاجتماعية التى يعانى منها المهاجرون وميكانيزمات التكيف لمواجهتها أو تجنبها:
بيَنت الدراسة أن معظم المهاجرين يعانون من الضغوط والمشكلات النفسية والاجتماعية فى بيئتهم الجديدة بسبب صعوبة التكيف مع المجتمع الحضرى الجديد بالقاهرة مثل الشعور بعدم تقدير الآخرين والتهميش المجتمعى والشعور بالدونية والشعور بعدم الأمان والتوتر والقلق بشأن المستقبل والشعور بالغربة والعزلة الاجتماعية. كما يواجهون صعوبات فى التأقلم والتكيف مع البيئة الحضرية الجديدة, وصعوبات فى مواجهة الغلاء فى مدينة القاهرة. وتزداد حدة تأثير هذه المشكلات بين المهاجرين الجدد. وبمعنى آخر توجد علاقة عكسية بين شدة تأثير هذه المشكلات وطول مدة الإقامة بالقاهرة.
كما بيَنت نتائج الدراسة الحالية أن المهاجر يلجأ لأساليب أو ميكانيزمات لمواجهة هذه المشكلات الاجتماعية والنفسية, من أبرزها السكن بجوار الأقارب والأصدقاء ممن سبقوهم فى الهجرة , وقصر التعاملات اليومية على الأقارب والأصدقاء كلما أمكن ذلك, وكذلك الزواج من الأقارب والأصدقاء, وذلك للتغلب على الشعور بالغربة والعجز عن التكيف مع عادات وقيم المجتمع الحضرى بمدينة القاهرة. وقد يلجأ البعض إلى التنازل عن بعض العادات والقيم الريفية التى لا تصلح فى المجتمع الحضرى بمحافظة القاهرة ومحاولة التأقلم مع عادات وقيم البيئة الحضرية الجديدة.
وللتغلب على الشعور بعدم الأمان فى البيئة الجديدة وشعورهم بالقلق والتوتر بشأن المستقبل فإن البعض يلجأ إلى الإدخار والعمل فى أكثر من وظيفة للحصول على مسكن تمليك أو منزل خاص فى المناطق العشوائية الرخيصة لتأمين المستقبل, أو إقامة مشروع اقتصادى خاص أو الحصول على وظيفة دائمة حتى لو كانت بأجر منخفض, فالمهم عنده هو عدم تعرضه للبطالة.
ونتيجة لعجز المهاجر عن التكيف وحل مشاكله اليومية التى يتعرض لها وشعوره بالدونية والتهميش أو عدم تقدير الآخرين له فإنه ينتابه شعور ناقم على المجتمع المحيط ويميل إلى العدوانية والعنف لرغبته فى الأنتقام من هذا المجتمع غير العادل من وجهة نظره. كما أن تكريس كل وقته لحل مشكلاته اليومية يجعله يهمل علاقاته الأسرية والاجتماعية وينطوى على نفسه. وتتفق هذه النتيجة مع مدخل الانعصاب البيئى لهانز سيلى, ومدخل العبء البيئى لكوهين Cohen & وكابلان Kaplan.
ولمواجهة الغلاء يلجأ المهاجرون إلى السكن فى المناطق الفقيرة العشوائية لرخص أسعارها وإلحاق أطفالهم بالمدارس الحكومية وشراء احتياجات الأسرة من الأسواق الشعبية الرخيصة , بالإضافة إلى الاستغناء عن البنود الكمالية والترفيهية.
سادسا: نتائج تحليل التباين الأحادى والمقارنات المتعددة لمتوسطات متغيرات مقياس التكيف:
توجد فروق دالة إحصائيا بين فئات المهاجرين الثلاثة (المهاجرون لمدة أكثر من (20) سنة & المهاجرون لمدة (10 – 20) سنة & والمهاجرون لمدة أقل من (10 ) سنوات) فى جميع متغيرات مقياس التكيف السبعة. واتجاه هذه الفروق يشير إلى انخفاض مستوى التكيف للمهاجرين الجدد مقارنة بالمهاجرين الأقدم منهم. وبمعنى آخر يتناسب مستوى التكيف طرديا مع طول المدة التى قضاها المهاجر فى محافظة القاهرة.
سابعا: نتائج تحليل التباين الأحادى والمقارنات المتعددة للمتوسطات لمتغيرات مقياس نوعية الحياة:
توجد فروق دالة إحصائيا بين فئات المهاجرين الثلاثة (المهاجرون لمدة أكثر من (20) سنة & المهاجرون لمدة (10 – 20) سنة & والمهاجرون لمدة أقل من (10 ) سنوات) فى ثمانية متغيرات من متغيرات مقياس نوعية الحياة, وهى متغيرات: العمل, والحالة الأقتصادية, والبيئة السكنية, والعلاقات الإجتماعية, والعادات, والصحة والمرض, والثقة بالنفس والطموحات, والمشكلات الحياتية. ويشير أتجاه هذه الفروق ودلالتها إلى أن انخفاض نوعية الحياة للمهاجرين الأحدث فى مدة إقامتهم بمحافظة القاهرة مقارنة بأقرانهم الأقدم فى مدة الإقامة. وبمعنى آخر تتناسب جودة نوعية الحياة طرديا مع طول المدة التى قضاها المهاجر فى محافظة القاهرة.
وهذا يدل على أن المهاجرين فى بداية حياتهم بمحافظة القاهرة يواجهون صعوبات فى التكيف والتأقلم مع بيئتهم الحضرية الجديدة, خاصة أنهم يسكنون فى المناطق العشوائية ذات المستوى المعيشى المتدنى على عكس ما كانوا يحلمون به من حياة سهلة مريحة بمحافظة القاهرة, مما يؤثر على نوعية حياتهم وشعورهم بالعزلة الاجتماعية وعدم الرضا على الحياة مما قد يصيبهم بالانطواء والاكتئاب أو يدفعهم لإتخاذ أساليب دفاعية عدوانية تجاه الآخرين بسبب شعورهم بغياب العدالة الاجتماعية مما يتسبب فى مشاكل اجتماعية كثيرة.
تدلنا هذه النتائج على الحقائق التالية:
1. تتركز أسباب طرد السكان بسوهاج فى قلة فرص العمل وانعدام الحيازة الزراعية وكبر حجم الأسرة والشعور بالتهميش الاجتماعى يقابله بريق الأضواء والحلم بتحقيق حياة كريمة بمحافظة القاهرة.
2. يقيم معظم المهاجرين من سوهاج إلى القاهرة فى المناطق العشوائية الرخيصة ذات المستوى المعيشى المنخفض مكونين جيوب ريفية أو ما يعرف بالمجتمع الريفى الحضرى بالقاهرة.
3. المهاجرون من الريف إلى القاهرة يواجهون مشاكل كثيرة منها اختلاف العادات والتقاليد والثقافة الريفية عنها فى البيئة الحضرية وصعوبات فى مواجهة الغلاء فى العاصمة, كما يواجهون صعوبة فى التكيف بسهولة مع بيئتهم الجديدة مما يجعلهم فريسة للضغوط البيئية والمشكلات النفسية والاجتماعية والتى تشغلهم عن العلاقات الأسرية والاجتماعية ويؤثر سلبيا على تفاعلهم مع الآخرين.
4. يتناسب مستوى تكيف المهاجرين مع الصعوبات والمشكلات التى تقابلهم فى بيئتهم الجديدة وكذلك نوعية حياتهم طرديا مع طول المدة التى يقضيها المهاجر بمحافظة القاهرة.
ترشدنا هذه النتائج والحقائق إلى مجموعة من التوصيات نوجزها فيما يلى:
1. الإسراع فى البدء فى استصلاح أراضى الظهير الصحراوى لمحافظة سوهاج وتمليكها لأبناء المحافظة من خريجى المدارس الثانوية الفنية وكلية الزراعة , ومن ليس لديه حيازة زراعية , مع منحهم قروض حسنة لبدء حياتهم.
2. إعطاء أولوية في الجهود التنموية لمحافظة سوهاج ، وضرورة العمل على تنويع الأنشطة الاقتصادية، وخاصة العمل على تنمية الصناعات الصغيرة, وإقامة مشروعات صناعية كبرى كثيفة العمالة تعتمد على الخامات المحلية, على أن تكون خارج المناطق المأهولة حاليا لخلق مجتمعات جديدة بالمحافظة لاستيعاب الزيادة الكبيرة فى السكان.
3. الإسراع بمد شبكات الصرف الصحى والمياه النقية والكهرباء لجميع المناطق المأهولة بمحافظة سوهاج, والأهتمام بالخدمات الصحية والطرق والمواصلات, والعمل على توفير وسائل الراحة والترفيه للسكان.
4. إتخاذ سياسات فعالة للحد من معدلات الزيادة المرتفعة للسكان بمصر, والاستعانة بتجارب الدول التى سبقتنا فى هذا المجال مثل الصين والهند. منها تقديم الدعم فى التعليم الثانوى والجامعى لفردين فقط للأسرة.
5. الأهتمام بسكان المناطق العشوائية وتوفير مساكن لائقة لهم ووضع سياسات تمنع تكوينها مستقبلا , بدلا من تركها حتى تستفحل وتستعصى على الحل.
6. وضع ضوابط قانونية وإدارية للهجرة الداخلية وذلك بغرض التنظيم وتحسين الفائدة وأتخاذ سياسات من شأنها الحد من الهجرة إلى محافظة القاهرة وإعادة توجيه الهجرة بعيدا عنها عن طريق القيام بحصر دورى للمهاجرين الذين لا يعملون وإعادة توجيههم إلى المدن الجديدة والمناطق التى يتوافر بها فرص عمل ومستوى معيشى أفضل.
7. الاهتمام بالمدن الإقليمية الحضرية بحيث تصبح مراكز حضارية جاذبة لسكان الإقليم بشرط تنميتها ورفع مستواها وعدم طغيان العاصمة المركزية على غالبية الدعم والأهتمام من الدولة.
8. أنهاء مركزية الإدارة من العاصمة بالقاهرة وإعطاء المحافظين كافة الصلاحيات فى محافظاتهم فى إطار السياسة العامة للدولة.
9. تنفيذ مسح نوعي دوري لرصد ظاهرة الهجرة الداخلية في محافظة القاهرة، وإجراء دراسات قادمة تهتم بمقارنة أوضاع وظروف معيشة المهاجرين من جهة وأوضاع السكان الأصليين للمجتمعات المستقبلة من جهة أخرى، لنكون أكثر اقترابا من حقيقة تحسن أو سوء مستوى حياة المهاجرين ما بعد الهجرة.