Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
النظام القانونى لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام :
المؤلف
عامر، داليا عصام ابو الفتوح.
هيئة الاعداد
باحث / داليا عصام ابو الفتوح عامر
مشرف / حازم محمد عتلم
مشرف / محمد رضا الديب
مناقش / محمد شوقى عبد العال
الموضوع
القانون الدولي.
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
1044ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2019
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون الدولي
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 551

from 551

المستخلص

الملخص:
ظهرت عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام على المسرح الدولي وليدة الحاجة والضرورة؛ إذ انعقدت الآمال في شأن تحقيق السلم والأمن الدولي على نظام الأمن الجماعي الذي ضمنه ميثاق الأمم المتحدة، ثم أجهضت إثر الصراع الأيديولوجي بين الكتلتين الشرقية الممثلة في الاتحاد السوفيتي، والغربية بقيادة الولايات المتحدة. وهو الصراع الذي انعكس بدوره على أداء مجلس الأمن – على نحو ما هو معلوم – وكان من انعكاساته الإسراف من قبل القوى الكبرى دائمة العضوية في المجلس في استخدام حق النقض (الفيتو). وقد كان من شأن هذا الوضع أن دفع بالمجتمع الدولي تقهقرًا للخلف، حيث تزايد النزاعات والصراعات التي كان لقطبي النظام الدولي حينها دور كبير في غالبيتها، تزامنًا مع التطور الهائل في أنظمة التسلح، وعجز مجلس الأمن في مواجهة ذلك كله مكبلًا باستخدام القوى الكبرى لحق الفيتو.
وقد كان ذلك المأزق الوجودي الذي مرت به الأمم المتحدة إيذانًا بمولد عمليات حفظ السلام التي شهدت إرهاصاتها الأولى مع هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة، وفريق المراقبين العسكريين للأمم المتحدة في الهند وباكستان، لتترسخ وجودًا مع قوات الأمم المتحدة للطوارئ الأولى في مصر إبان أزمة السويس عام 1956م. حيث ضربت بجذورها ضمن ممارسات الأمم المتحدة، وأرست مبادئها، ووجدت لها مُتكِئً دستوريًّا من خلال الاختصاصات الضمنية التي منحتها أحكام ميثاق الأمم المتحدة ونصوصه لجهازي مجلس الأمن والجمعية العامة بمقتضى تحملهما لتبعات حفظ السلم والأمن الدوليين.
ورغم ما نحته عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام من جنوح للسلم في مستهل قيامها، إذ وجدت – بادئ ذي بدئ – في إطار آليات التسوية السلمية للمنازعات الدولية؛ إلا أنه مع انقضاء الحرب الباردة وما واكبه من تفاقم التهديدات والمخاطر الدولية، وتزايد النزاعات وتباين طبائعها وأنماطها، عمدت عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام نحو التطور في محاولة للتكيف مع تلك المتغيرات، فتوسعت في مهامها وولاياتها نحو إفراز أنماط جديدة من عمليات السلام، انحرفت تدريجيًّا عن المبادئ والأسس الأولية التي استندت إليها عمليات حفظ السلام منذ نشأتها الأولى، واتخذت من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة مُتكِئً بديلًا لها في بعض المهام التي استدعت ذلك.
وهو التوجه رتب بروز العديد من الإشكاليات المتصلة بمدى شرعية إنشاء عمليات السلام بالاستناد إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ومشروعية قرارات مجلس الأمن في هذا الشأن، وقدرة الأمم المتحدة للقيام بهذا الدور. فضلًا عن إثارة مسألة المسئولية الدولية المدنية والجنائية لقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، وإن كانت ليست بالمستحدثة، حيث تعود إلى بواكير عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام وممارساتها إبان الحرب الباردة.
وجدير بالذكر أن عمليات حفظ السلام لم تكن في حقيقتها ابتكارًا خالصًا للأمم المتحدة، حيث اُسْتُدعت من صميم الأنماط الأولية للتدخل التي دَرَجَتْ عصبة الأمم على النهوض بها في مواجهة النزاعات والصراعات الدولية التي عاصرتها. كما وجدت جذورها التاريخية التي انفطرت عنها وجودًا، في مراحل تطور الآليات القانونية لحسم المنازعات الدولية التي مر بها النظام الدولي، انطلاقًا من عمليات توازنات القوى التاريخية التي بلغت ذروتها في أوروبا إبان القرن التاسع عشر، والتحالفات الدولية التي دفعت بالنظام الدولي تطورًا نحو المآل الراهن له.
وهي الرحلة التاريخية التي تجلت انعكاساتها مع نهوض الجهود التنظيمية الدولية لدعم عمليات السلام. إذ لجأت منظمة الأمم المتحدة مع تعقد الصراعات والنزاعات الدولية، وأنماطها المستحدثة، ناهيك عن تدني مقدرات المنظمة عن الإلمام بالعديد منها ومواجهاتها؛ نحو الشراكة مع المنظمات الدولية الإقليمية، والاستعانة بها في تحقيق أهداف ميثاق الأمم المتحدة، من درء لتفاقم المنازعات الدولية، وإقرار للسلم والأمن الدوليين. وقد استندت منظمة الأمم المتحدة في توجهها هذا على أحكام الفصل الثامن من ميثاقها، كأساس قانوني لتفويض المنظمات الدولية الإقليمية بالقيام بالتدابير السلمية لتسوية المنازعات الإقليمية من جانب، واستخدام مجلس الأمن للمنظمات الدولية الإقليمية للنهوض بأعمال القمع من جانب آخر.
ورغم الانتعاش الذي شهدته أروقة الأمم المتحدة عقب أفول الحرب الباردة، وبخاصة مجلس الأمن، فقد عمدت القوى الكبرى المهيمنة على النظام الدولي الجديد نحو الافتئات على دور الأمم المتحدة الرئيس في حفظ السلم والأمن الدوليين، ومزاحمة مجلس الأمن في القيام بمهامه التي أسندها إليه ميثاق الأمم المتحدة. إذ كان من تحركات حلف شمال الأطلنطي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في العديد من بؤر النزاعات والصراعات الدولية دون تفويض صريح – في غالبية تلك التحركات – من مجلس الأمن، محاولة لإزاحة الأمم المتحدة عن موضعها الرئيس في النظام الدولي، ملتحفة بالعديد من الادعاءات، لعل أبرزها مشاركة الأمم المتحدة أعباء حفظ السلم والأمن الدولي.
وفي مقابل تلك المحاولات الغربية نحو قيادة دفة النظام الدولي، بالهيمنة التدريجية على شئون حفظ السلم والأمن الدوليين؛ قبعت جامعة الدول العربية في سكونها المستميت، مكتفية أنظمتها العربية بمراقبة التغيرات التي يشهدها النظام الدولي، وعاجزة عن الوقوف على أواصر الوحدة والتعاون الحقيقي فيما بينها، بعد انقضاء نحو السبعين عامًا تحت مظلة الجامعة العربية. فلم تبدر عن الجامعة العربية إبان فترة قيامها سوى التعهدات الواعدة والمواثيق المبرمة بين الأنظمة العربية، في حين لم تستطع أن تثبت دورًا ملموسًا في مواجهة العديد من الصراعات والنزاعات التي مرت بها دول النظام الإقليمي العربي. ولم يكن لها حضور يُذكر بمشاركة الأمم المتحدة مشاركة حقيقية وفعالة في تسوية النزاعات والصراعات الآخذة في التأجج في النظام الإقليمي العربي؛ نتيجة غلبة الانقسامات السياسية بين دول النظام الإقليمي العربي على مقومات الوحدة والتعاون فيما بينها.
وقد انبثق ذلك كله عن إشكالية رئيسة تتعلق بماهية الأساس النظري والقانوني لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، التي انبجست بدورها عن العديد من التساؤلات الفرعية التي تدور في فلكها، وتتصل بمدى مشروعية اضطلاع الأمم المتحدة بعمليات السلام متعددة الأبعاد السلام ذات الطابع القسري، وكذلك تفويض الأمم المتحدة للمنظمات الدولية الإقليمية للنهوض بها، في الوقت الذي لا تجد تلك العمليات أساسًا صريحًا ومباشرًا لها في ميثاق الأمم المتحدة، بل اتكأت منذ البدء – على نحو ما سلف الإشارة – على أساس ضمني من الميثاق. فضلًا عن التساؤل حول الحد الفاصل بين عمليات الأمم المتحدة للسلام ذات الطابع القسري، وعمليات التدخل الدولي، وانعكاسات التوجهات السياسية للدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن على عمليات الأمم المتحدة للسلام المنشأة بموجب قرار المجلس، من حيث طبيعتها وأنماطها. وكذلك دور الترتيبات والمنظمات الدولية الإقليمية في حفظ السلم والأمن الدوليين بالشراكة مع الأمم المتحدة، وأبعاد هذا الدور وتجاوزاته، والأطر القانونية الحاكمة لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام وضوابطها في مراحلها كافة.
وقد جاء موضوع هذه الدراسة بعنوان: ”النظام القانوني لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام: دراسة نظرية تطبيقية” لتناول تلك الإشكالية وما أفرزته من تساؤلات بالبحث والتمحيص، بالاستناد إلى المنهج التاريخي إلى جانب المنهجين الوصفي والتحليلي؛ ليفصل ذلك من خلال فصل تمهيدي يعقبه بابان تفصيليَّان، ثم خاتمة الدراسة والتوصيات.
وقد تناول الفصل التمهيدي تحليل لتطور العلاقات فيما بين القوة والقانون في تنظيم العلاقات الدولية من خلال ثلاثة مباحث موجزة: ارتكز أولها على التأثير المتبادل بين القانون الدولي والعلاقات السياسية الدولية، وتطرق ثانيها للعلاقات الدولية ما بين الدبلوماسية والحرب، وتعرض ثالثها لدور القوة والصراعات في تطور التنظيم الدولي.
وقد انتقل ذلك الفصل التمهيدي بالدراسة نحو الباب الأول الذي استعرض بالبحث والتحليل آثار العلاقات الجدلية بين القانون والقوة على قيام عمليات حفظ السلام، وذلك من خلال ثلاثة فصول: استعرض أولها تطور الآليات القانونية لحسم المنازعات الدولية، حيث التتبع التاريخي لآلية التحالفات الدولية وتطورها حتى مآلها الراهن، والاستقصاء لآليات درء تفاقم المنازعات الدولية في ظل التنظيم الدولي المعاصر. في حين انتقل الفصل الثاني مباشرة نحو قوات حفظ السلام وفلسفة قيامها وتطورها التاريخي وأسس إنشائها، فضلًا عن تعرضه لوظائفها وصورها.
في حين تطرق الباب الثاني لبحث الإشكاليات القانونية التي تثيرها عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، وذلك من خلال ثلاثة فصول: تعرض أولها للجوانب القانونية لعمليات حفظ السلام، بتمحيص الأساس الدستوري لقيام عمليات حفظ السلام، وأجهزة منظمة الأمم المتحدة المختصة بعمليات حفظ السلام، والنظام القانوني لعمليات حفظ السلام الذي تضمن تشكيل القوات وشمولها بأحكام المسئولية المدنية الدولية، وكذلك شمولها بأحكام المسئولية الدولية الجنائية. وقام الفصل الثاني بتمحيص المبادئ التي تحكم عمليات قوات حفظ السلام، باستعراض قوات حفظ السلام المنشأة بمؤدى الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة ومبادئها، ثم التطرق لقوات الأمم المتحدة المؤسسة بالاستناد إلى الفصل السابع من الميثاق. وقام الفصل الثالث بطرق الجهود التنظيمية الدولية لدعم عمليات حفظ السلام، مقتصدًا في ذلك على مناقشة الجوانب القانونية والسياسية لعملية الشراكة بين الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإقليمية في مبحثه الأول، ثم دور جامعة الدول العربية في ضمان الأمن القومي العربي في المبحث الثاني، وصولًا إلى بحث عمليات التدخل من قبل الأحلاف والتنظيمات العسكرية في المبحث الثالث.
وانتهت الدراسة بعد أن تطرقت لكل تلك الأبعاد التي شملتها عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام إلى الخاتمة متضمنة لعدد من النتائج والتوصيات التي سعت نحو إيجاز ما اُسْتُعْرِضَ في الدراسة، والتركيز على أبرز النقاط ذات الصلة بالإشكالية الرئيسة للدراسة وما تفرع عنها من تساؤلات، وطرح بعض الاقتراحات والتوصيات التي قد يكون من شأنها الإسهام في سد بعض الثغرات التي تفتقت عنها عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام من حيث جوانبها القانونية وممارساتها العملية.