Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الحكم بعدم الدستورية وأثره في حماية
الحقوق والحريات في مصر والعراق :
المؤلف
فرحان، جابر عواد.
هيئة الاعداد
باحث / جابر عواد فرحان
مشرف / محمد رمزي الشاعر
مشرف / محمد سعيد أمين
مناقش / محمد أنس قاسم جعفر
الموضوع
القانون العام.
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
442ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
تاريخ الإجازة
1/1/2019
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - قسم القانون العام.
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 442

from 442

المستخلص

الآونة الأخيرة من أفكار ومفاهيم وطروحات حول الحريات العامة وحقوق الإنسان، يعد انعكاسًا لحقيقة قديمة، مفادها أن كثيرًا من هذه الحقوق مرتبط بوجود الإنسان ذاته؛ وإن كان ظهورها ثمرة تطور فلسفي واجتماعي وسياسي وقانوني طويل.
ومما لا شك فيه أن الاهتمام الحالي بحقوق الإنسان، له أهمية كبرى لسببين:
أولهما: ما أنتجته الحضارات الإنسانية – بما في ذلك الدينية – من قيم ومثل رافضة للظلم الاجتماعي، إذ ظهرت الأديان السماوية لتقيم موازين العدل وتؤسس لعلاقات اجتماعية قائمة على الحق والفضيلة؛ كما قامت الثورات الكبرى – كالثورة الفرنسية والثورة الأمريكية – لتناهض الطغيان والاستبداد، وترسخ ثقافة حقوق الإنسان والحريات العامة، وتحمى هذه الحقوق والحريات بدماء شعوبها، وتصونها من خلال منظومات قانونية متماسكة على مستوى النظم الداخلية.
وثانيهما: زيادة التقارب الدولي وتشابك العلاقات الدولية، على الرغم من أن حقوق الإنسان هي من الموضوعات ذات المنشأ الداخلي أصلاً.
لذلك، فإن من الطبيعي أن تهتم الدول بحقوق الإنسان طوعاً أو كرهاً. وفضلاً عن ذلك، فإن احترام حقوق الإنسان أصبح في عالم العلاقات الدولية معياراً لديموقراطية أنظمة الحكم، ودائماً ما تحرص الدول على تأكيد تمسكها بهذه المفاهيم، على الرغم من اختلاف وجهات النظر حولها.
بيد أن الحريات العامة وحقوق الإنسان، برغم ما فيها بحد ذاتها من قيم سامية للإنسانية، فإنها تظل معرضة لإساءة الاستخدام والتعسف، على الصعيدين الداخلي والدولي على حد سواء.
فالدولة في السابق كان لها نشاط تقليدي، حيث إنها تتدخل للمحافظة على الأمن الخارجي والداخلي وإقامة العدالة، ولذلك كان يطلق عليها الدولة الحارسة، أما الآن أصبحت الدولة تتدخل في جميع المجالات، إذ لم يصبح لها دور تقليدي الحارس أو الحاكم، بل أصبح لها دور اجتماعي فتدخلت في أصغر الأمور، ومع تزايد المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتضخمها احتاج الأمر إلى مزيد من التدخل من قبل الدولة، وبالتالي زادت التشريعات التي تنظم ذلك، وتوالت التشريعات الفردية والعادية التي تحقق الدور الاجتماعي للدولة
وفي هذا الكم الهائل من التشريعات تعرضت الضمانات الفردية والحريات العامة والمبادئ الدستورية والفصل بين السلطات إلى اعتداءات عديدة لما تتصف به هذه التشريعات من عجلة وسرعة في صدورها، هذا فضلاً عن وفرة التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية ؛ بسبب انتشار المبادئ الاشتراكية، وتدخل الدولة في العديد من أنشطة الأفراد لتوفير حاجاتهم المتجددة والتوسع في سياسة التفويض التشريعي، لذلك يجب البحث عن وسيلة لضمان أن السلطة قد راعت حدودها الدستورية المرسومة لها أم لا، وهذا يستوجب وجود سلطة ذات صلاحية من أجل رقابة مدى دستورية النص التشريعي من عدم دستوريته، وذلك لغرض معالجة النص المشوب بعيب دستوري، ولهذا وجدت الرقابة الدستورية باعتبارها من أهم الوسائل التي تستطيع أن تردع السلطة التشريعية، وتلزمها بالسير في حدود الدستورية، وتحقق مبدأ الشرعية باعتبارها الضمان الفعال لحماية الحريات العامة من تعسف السلطة التشريعية في استعمال سلطتها، والتأكيد على مبدأ سيادة القانون الذي هو أساس الحكم في الدولة الذي يستوجب عدم خروج القوانين واللوائح على أحكام الدستور ضماناً لإلتزام سلطات الدولة بأحكامه فيما يصدر عنها من قواعد تشريعية.
فوجود السلطة القضائية يعتبر جهة محايدة لباقي السلطات، إذ هي السلطة الوحيدة التي لا تتأثر بأي اعتبار سياسي، وهنا تأتي رقابتها على السلطتين التشريعية والتنفيذية؛ لكي تفحص مدى مطابقة أعمالهما للدستور من عدمه، فإذا تبين أن هناك مخالفة للدستور جاز لها أن تلغي هذا النص المخالف، وأن تحكم بعدم دستوريته.
وهنا يكون للقاضي دور كبير في حماية الدستور كما هو الحال في دستور جمهورية مصر العربية 2014 , وكذلك دستور جمهورية العراق 2005.
وتتضح أهمية الدراسة من خلال ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص قانوني من حيث سريانه على الأحكام السابقة أو المستقبلية، أي بأثر رجعي أو عدمه وموعد تطبيقه، وهل يسري على جميع الأحكام القضائية؟ وهذه تعتبر من أكثر الأمور التي تثير الجدل الفقهي، والتي تكون لها أثر كبير على الحقوق والحريات.
وكذلك من أهمية موضوع الدراسة أنه يجب أن تكون هناك دولة قانونية بالمعنى التطبيقي للقانون شكلاً وموضوعاً؛ لكي يسود العدل، ويكون هناك اهتمام بالمصلحة العامة التي تخدم أفراد المجتمع.
ومن الأمور المهمة التي يستوجب ذكرها أن اتجاه الدول نحو إنشاء قضاء دستوري مهمته الدفاع عن الدستور من ناحية، وصيانة حقوق وحريات الأفراد من ناحية أخرى، ومن هنا كان وجود المحكمة الاتحادية العليا في العراق بموجب الدستور، مع ملاحظة أن القضاء الدستوري في العراق حديث نسبياً قياساً إلى عدد من البلدان في المحيط الإقليمي، حيث تعتبر المحكمة الاتحادية العليا التي تأسست 2005 هي الميدان الحقيقي للقضاء الدستوري في مجال الرقابة الدستورية في العراق.
إشكالية الدراسة:
تدور إشكالية الدراسة حول اختلاف الأنظمة القانونية، فأساس المشكلة هي أن الأخذ بأنظمة الرقابة الدستورية تختلف حسب النظام الدستوري المتبع، إذ تقرر بعض الانظمة الحجية المطلقة للحكم بعدم دستورية نص تشريعي في حين تقرر بعض الأنظمة الأخرى حجية نسبية، وهذا بحد ذاته يثير مشكلة تحتاج إلى معالجة دستورية؛ من أجل المحافظة على المراكز القانونية.
وكذلك هناك إشكالية في غاية الأهمية، وهي غموض النصوص الدستورية والقانونية وذلك لتنظيم حجية الحكم بعدم دستورية نص تشريعي والآثار القانونية المترتبة عليها وجميع مترتبات الحكم، وقد تكون هناك في بعض الأحيان إشكالية كبيرة؛ بسبب سكوت المشرع، وهذا بالنتيجة يؤدي إلى إثارة الجدل الفقهي بين فقهاء القانون الدستوري.
وأيضاً من الإشكاليات التي أثارتها الدراسة، وهي إثبات دعائم الدولة القانونية ومدى علاقاتها بالأحكام الدستورية متى كانت هذه الأحكام مطابقة للدستور من عدمه.
كما أن الإشكالية الأخيرة في موضوع الدراسة تتمثل في التصدي للتشريعات التي تسنها السلطة التشريعية، وهذه التشريعات يجب أن تحافظ على حقوق وحريات الأفراد، والتي نص عليها الدستور وعدم إهدارها والتسامح في الانتقاص منها.
منهج الدراسة:
المنهج الذي اتبعه الباحث في إعداد هذه الدراسة المنهج التحليلي المقارن، من خلال الاعتماد على تحليل النصوص الدستورية والمقارنة بينها، والمقارنة بين النظام الدستوري المصري، والنظام الدستوري العراقي، والنظام الدستوري الأمريكي، إذ يعرض الباحث موقف المحكمة الدستورية العليا في مصر، وموقف القضاء الدستوري العراقي، وموقف القضاء الأمريكي.
ومن أهم النتائج التى توصلت إليها الدراسة:
13. لا شك أن إنشاء محكمة دستورية تعنى بالرقابة على دستورية القوانين يعتبر من حيث المبدأ كسباً يستحق التقدير؛ لأن في وجود هذه المحكمة يعتبر ضماناً للحقوق والحريات العامة التي جاء بها الدستور.
14. للمحكمة الدستورية العليا صلاحية تصحيح الأخطاء المادية التي ترد في حكمها، سواء كانت تلك الأخطاء مادية بحتة، أم حسابية، وسواء كان ذلك من تلقاء نفسها، أو بناءً على طلب أحد الخصوم، وذلك بقرار تصدره على نسخة الحكم الأصلي، بواسطة كاتب المحكمة، ويجب أن يكون موقعًا عليه من رئيس المحكمة، أما إذا كان الخطأ صادراً عن المحكمة التي أصدرت الحكم في غير الأخطاء المادية، أو الحسابية، فيكون سبيل إصلاحها الطعن بها بطريقة الطعن المحددة قانونًا.
15. إن الحكم الصادر في الدعاوى الدستورية يكون له الحجية المطلقة في حالة القضاء بعدم الدستورية، وتكون له الحجية النسبية في حالة القضاء برفض الدعوى في المسائل الدستورية، التي فصل فيها دون غيرها، فلا يجوز الطعن فيها للسبب نفسه، ويجوز لأسباب أخرى لم يسبق أن تصدت لها المحكمة.
16. من آثار الحكم بعدم دستورية نص تشريعي في الأنظمة الدستورية، والتي تطبق الرقابة القضائية اللاحقة، أما بالامتناع عن تطبيق النص الذي حكم بعدم دستوريته، أو إلغائه، أو الغاء قوة نفاذه، وانعدام قيمته القانونية دون إلغاء النص ذاته.
17. إن حكم الإلغاء قد يترتب عليه إلغاء القانون كله، أو مادة أو فقرة منه، وفي هذه الحالة يحكم ببقاء باقي النص بشروط خاصة.
18. إن حكم الإلغاء من حيث الزمن الأصل فيه وفق ما يستشف من أحكام المحكمة الدستورية العليا هو اعتبار أحكامها منشئة، وليست كاشفة مع مراعاة بعض الحالات.
19. يضمن الأثر الكاشف فاعلية الرقابة على دستورية القوانين، فلا يجوز التمييز بين مراكز قانونية تكونت بفترات مختلفة.
20. يعتبر الامتناع عن تنفيذ الأحكام الدستورية، سواء من قبل السلطات العامة، أو من قبل الأشخاص الطبيعية والمعنوية جريمة يعاقب عليها بموجب القوانين المقارنة، وفي العراق فإن تنفيذ أحكام المحكمة الاتحادية لم يتوفر لها نص قانوني صريح، يبين كيفية تنفيذها والجهة المكلفة بذلك، وإنما الأمر لايزال غير واضح، كما لا توجد قواعد قانونية تعالج موضوع المنازعة التي تحدث عند تنفيذ تلك الأحكام، سواء بالامتناع، أو بالتنفيذ الذي يحرف الحكم الصادر عن غاياته ومراميه التي وردت في فقرته الحكمية، وهذا النقص يعد إشكالاً كبيراً يؤدي إلى عواقب غير محدودة.
ومن ضمن توصيات الدراسة:
1. ضرورة مراعاة الوجود الفعلي للتشريع المحكوم بعدم دستوريته‏،‏ ووجوب التفرقة في أثر أحكام المحكمة الدستورية العليا بين ما إذا تناولت نصًا متعديًا، أو نصًا أصليًا.
2. يلزم تدخل المشرع لتنظيم آثار هذه الأحكام دون تفريط أو إفراط في حق من اكتسب حقًا، أو مركزًا قانونيًا استقر في ظل نص تشريعي نظمه ووضع قواعده‏،‏ ودون إفراط في حماية المحكوم لصالحه على حساب المصلحة العامة، أو مصلحه خاصة، أولى بالرعاية والاعتبار.
3. الابتعاد عن تحصين أي نص قانوني، واعتباره نصاً مقدساً من رقابة القضاء، وإلغاء جميع التحصينات المتعلقة بأعمال السيادة لمخالفتها الدستور.
4. إن موضوع استقلال القضاء الذي ورد في أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 35 لسنة 2003 بشأن إعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى، وقانون إدارة الدولة لعام 2004، ودستور عام 2005 قد تم معالجة موضوع استقلال القضاء العادي دون القضاء الإداري، الذي بقي تابعاً إلى السلطة التنفيذية، وكنت أتمنى من المشرع أن يفصل ارتباط محكمة القضاء الإداري، عن مجلس شورى الدولة ويجعلها، من ضمن تشكيلات مجلس القضاء الأعلى.
5. اختصار اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا بشكل يضممن تركيز جهودها على القضايا ذات الصلة الجوهرية بموضوع تأسيسها، ونعني به الرقابة على دستورية القوانين وتفسيرها.
6. إيجاد قواعد قانونية لمعالجة كيفية تنفيذ الأحكام التي تصدر عن المحكمة الاتحادية العليا، وبيان كيفية فض منازعات التنفيذ، وأن تكون المحكمة الاتحادية العليا، هي المختصة في ذلك؛ لأنها الأكثر دراية من غيرها بمضمون الحكم وغاياته، وهذا معمول به في عدة دول، ومنها قانون المحكمة الدستورية العليا في مصر.
7. وجوب صدور قانون يوجب نشر حكم المحكمة الاتحادية العليا الذي يقضي بعدم دستورية أي نص تشريعي في الجريدة الرسمية؛ لأن هذا الحكم بمثابة إلغاء لقانون أو تعديل في نصوصه، فضلاً عن كونه ملزماً للجميع، مما يدعو إلى أن يطلع عليه الجميع، والنشر في الجريدة الرسمية يمثل القرينة على وصول علم الكافة إليه، ولا يمكن لأي شخص أن يتمسك بالجهل به أو عدم العلم.