Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
بعض مظاهر الحضارة في إقليم المليبار :
المؤلف
أحمد، محمد صبح توني.
هيئة الاعداد
باحث / مـحمـد صبح توني أحمد
مشرف / محـمـد سـيـد كامـل
مناقش / كرم حلمي فرحات
مناقش / أحمد توني عبد اللطيف
تاريخ النشر
2020.
عدد الصفحات
253 ص. ؛
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2020
مكان الإجازة
جامعة المنيا - كلية دار العلوم - التاريـخ الإسـلامي
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 257

from 257

المستخلص

تمّ بحمد الله تعالَىٰ وَتَوفيقه الانتهاء مِن هذه الدراسة الَّتِي تناولت الحديث عن: (بَعْض مَظَاهِرِ الْحَضَاَرةِ فِي إقْلِيمِ المليبار ”مِنْ القَرْنِ الأَوَّلِ إِلَى القَرْنِ العاشِرِ الهِجْريّ/ السّابِعِ إِلَى السّادِسِ عَشَرَ المِيلَادِيّ”). وقد توصل الباحث فِي نهايتها إلىٰ العديد مِن النتائج، وأهمها:
أولًا: تعدَّدت الأسماء والمُصطلحات الجُغرافية التي ارتبطت بإقليم المليبار، وذلك لطبيعة نشاطه المُتميز على طرق التجارة؛ فوردت التسمية بصيغ مختلفة، فقيل بلاد المليبار وبلاد المنيبار وبلاد ملابار، كما وُصفت أيضًا ببلاد الفلفل، لاشتهارها وتميزها بإنتاج هذا النوع المهم من التوابل. وقد عرفَ الجُغرافيين والرحَّالة المسلمين القُدامى بلاد المليبار، وذكروها في كُتبهم الجغرافية، وأطلقوا عليها في أكثر الأحيان ”بلاد الفلفل”.
ثانيًا: علاقة العرب بإقليم المليبار من أقدم العلاقات القائمة بين المليباريين وغيرهم من الأمم والحضارات القديمة، فقد كانت الهند والبلاد العربية على صلة تجارية مستمرة، كما كانت الملاحة العربية معهودة في المياه الهندية قبل الإسلام بقرون عديدة، حتى إن اللغة العربية وصلت إلى سواحل الهند قبل الإسلام بزمن بعيد على يد التجار والملاحين العرب؛ وقد توثقت وتأكدت بعد دخول الإسلام إلى المليبار وانتشاره بها، واستمرت هذه الصلة مزدهرة حتى الغزو البرتغالي للمليبار.
ثالثًا: إقليم المليبار إقليم كبير يشتمل على مُدن كثيرة، يقع في بلاد الهند، وهو يتميز عن سائر بقاع الهند بوضعه الجُغرافي وطبيعته الفذة ومناظره الخلابة؛ ويمكن تقسيم أراضي إقليم المليبار إلى ثلاثة أقسام: الأول: المرتفعات الشرقية وهي التضاريس الجبلية الوعرة المتمثلة في سلسلة جبال الغات الغربية؛ والثاني: وسط الأراضي وهي التلال والسهول المستوية والمنبسطة؛ والثالث: الأراضي المنخفضة الغربية وهي المتمثلة في الشواطئ والسهول الساحلية.
رابعًا: إقليم المليبار مناخه رطب عمومًا في المناطق الجنوبية، بينما يصبح جاف تدريجيًّا كلما اتجهنا إلى ناحية الشمال؛ وعلى الرغم من كون الإقليم لديه مناخ استوائي رطب، مما يجعل جوه شديد الحرارة إلا إن المليبار تتمتع بامتلاكها السواحل البحرية، فيعمل البحر العربي على خفض درجة الحرارة، ممَّا يؤدي إلى تلطيف الطقس، وخاصة مع الحرارة الشديدة للجو، ويخضع عموم الإقليم لمناخ حار مُمطر صيفًا، ودافئ قليل الأمطار شتاءً.
خامسًا: أثّر موقع المليبار الساحلي على بحر العرب وغَنَى أرضها وما تتمتع به من خصوبة عالية في إقامة عدد من المدن والموانئ الزاهرة، وأهمّ هذه المدن: رأس كمهري، بلنجم، كولم، كشي، فاكنور، صيمور، منجرور، هرقلية، هيلي، جرفتان، دهفتان، فندرينه، شنكلي، فناني، كدنكلور، شاليات، قاب قات، قاليقوط أو كاليكوت، كننور، منجيشرم، منجرور، كرملي، هنور، جرفتن، فندرينة.
سادسًا: اعتنق المليباريون عددًا من الدّيَانَات والمعتقدات منها ما وضعي مثل الهندوسية (البراهمية أو البرهمانية) والبوذية والجينية، ومنها ما كان سماويًّا كاليهودية والنصرانية والإسلام.
سابعًا: كانت أول بذرة من بذور وصول الإسلام إلى إقليم المليبار هي إسلام الملك المليباري ”جيرمان بيرمان” وقد قابل هذا الملك المليباريّ النبيﷺ فرحّب به النبيّ وأعطاه اسمًا جديدًا هو ”تاج الدين الهندي المليباري” بعد أن اعتنق الإسلام. وقد تعرَّف هذا الملك على شرف بن مالك، وأخيه مالك بن دينار، وابن أخيه مالك بن حبيب، وهؤلاء المسلمون ذهبوا إلى المليبار وبنوا فيها المساجد، وكان هذا أول ظهور قوي لدين الإسلام في المليبار.
ثامنًا: هناك عوامل عديدة ساعدت على انتشار الإسلام في إقليم المليبار، وأهم هذه العوامل هو مَا قدَّمته العقيدة الإسلام لهم مِن حُرية ومساواة وعدل ونظام ومحبة وإخاء وغير ذلك من المبادئ والقيم الإسلامية العظيمة، والتي كانت بخلاف مبادئ وقيم الديانات أو المعتقدات الأخرى التي كانت تسود ساحل المليبار. وقد أحس المليباريون بعد انتشار الإسلام في بلادهم واعتناقهم له أنهم يعيشون في كنف الإنسانية، وبدأوا يشعرون بآدميتهم؛ وهذا عكس المعتقدات الهندوكية (الهندوسية والبوذية) التي كانت تعتمد على النظام الطبقي العُنصري، وتُقسِّم المجتمع إلى عدة طبقات، فالمجتمع المليباري في ظل سيطرة المعتقدات الهندوكية كان مُقسَّمًا إلى طبقات عديدة بل هُناك أناس لم يضعوهم في الهرم الاجتماعي وهم ”المنبوذين”.
تاسعًا: معظم السكان في المليبار ينتسبون إلى الجنس الهندي الجنوبي الذين يكثر فيهم ”الدراور” وهم سُكان الهند القدماء؛ واللون الغالب على سُكان المليبار هو السمرة القاتمة تخالطها صفرة خفيفة.
عاشرًا: كان لسلاطين المليبار مراسيم اجتماعية في استقبال الوافدين على بلاطهم، وكان من عادتهم أن يُكرِموا كل قادم إليهم بهدية تعادل قيمة ما جُلِبَ لهُم أضعافًا؛ كما فضّلوا الأجانب والغرباء ولاسيما الوافدين إليهم من البلاد العربية، وزيادةَ في تقدير واحترام الغريب فقد أمر السلطان المليباري بتسميتهم ”الأعزة”.
حادي عشر: اِتخذ المليباريون موقفًا متشددًا إزاء عدد من السنن والأحكام منها معاقبة السارق بالقتل أو الغرامة الكبيرة وكذلك عدم شراء المسروق إذ كانت عقوبة ذلك القتل أيضًا، وإن كان السارق أو مشتري البضائع المسروقة من المسلمين أحيل إلى قاضي المسلمين لمُحاسبته وفق أحكام الشريعة الإسلامية. وكان المليباريون بكل طوائفهم يعيشون حياة بسيطة ولكن مع هذا كانوا يحبون الأفراح ومظاهر البهجة، وأبرز أعياد واحتفالات المسلمين في المليبار إقامة العيدين المباركين ”عيد الفطر، وعيد الاضحى” ثم المولد النبوي الشريف، ويوم عاشوراء وليلة النصف من شعبان وقدوم شهر رمضان.
ثاني عشر: ازدهرت الزراعة في إقليم المليبار بشكل كبير خلال القرون الوسطى، ومن أبرز المحاصيل الزراعية الفلفل، والفلفل نوعان الأسود الذي يدخل في تتبيل الأغذية والمشروبات، والأبيض الذي يدخل في صناعة الأدوية ويعالج أمراض عدة. وبجانب النشاط الزراعي وُجدت بعض الأنشطة الصناعية المختلفة، والتي اعتمدت على المواد الخام المتوفرة كالحديد والخشب، وكذلك المحاصيل الزراعية كالقطن وقصب السكر؛ ولكن التطور الصناعي خلال تلك الفترة لم يكن كبيرًا، فقد كانت الصناعات يدوية بدائية في الغالب، ومعظمها مرتبط بالاستهلاك المحلي.
ثالث عشر: كانت تجارة المليبار بمثابة العمود الفقري لاقتصاد عالم العصور الوسطى عامة والعالم الإسلامي على وجه الخصوص، وانتعشت تلك التجارة وعززت قيام طبقة التجار الغنية وخلقت روابط حميمة ومثمرة بين أقطار العالم الإسلامي وأقطار الشرق الأقصى من ناحية، وبينها وبين أوربا من ناحية أخرى.
رابع عشر: غزا البرتغاليون إقليم المليبار في القرن 10هـــ/15م؛ وأدى ذلك إلى خراب الموانئ والسواحل المليبارية بعد أن فقدت تجارتها مع الدول العربية وانقطعت صلاتها بالعالم الخارجي؛ كما أرغم هؤلاء الغُزاة -بالقوة- زوجات وبنات السكان المحليين من المسلمين والهندوس على الزواج منهم، وتحويلهن إلى المسيحية.
خامس عشر: جلبَ الإسلام إلى إقليم المليبار حُرية الفكر والإبداع، فقد كان للدُّعاة المسلمين فضلٌ كبير في ترقية مُستوي التفكير لدى المليباريين، ومِن ثم تحررت عقولهم مِن البدع والخرافات التي رسَّخها فيهم ساسَتهُم الأوائل (الهنادكة)، واهتدوا إلى مَنهج التفكير الواقِعي ودخلوا في دين الله أفواجًا، وتركوا عبادة الآلهة والأوثان التي لا تضر ولا تنفع.