الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص في عرضنا السَّابق كلِّه نجد أن أفكار (يوحنَّا ذهبىِّ الفمِ) متأثَّرة بشكل مباشر بالفكر اليونانيِّ في عرضه لأفكاره ومواعظه اللَّاهوتيَّة، نلاحظ ـــ أيضًا ــــ أن أفكاره كلَّها مترابطة ومتكاملة في الرؤية والوضوح والعرض؛ فنجد قولَه بأن الله خالق الكونَ كلِّه هو مصدر الخيرات وبالتالي الإنسان يجب أن تكون أفعاله كلُّها خيِّرةً، وأما فعل الشَّرِّ يكون منَ الشَّيطان عن طريق غوايته للإنسان على فعل الشَّرِّ، ويقول ــــ أيضًا ـــ إن عناية الله لنا شاملة وتُساعدنا على مقاومة الشَّيطان ليترك فعل الشَّرِّ، وبالرغم من تلك العناية إلا أن الله منحَ لنا حُريَّة اختيار أفعالنا سواء من خير أو شرٍّ، ولكن نجد محبَّة الله لنا تسيطر علينا لفعل الخير وتجنُّب الشَّرِّ؛ ليُظهر لنا محبَّته الخالصة للنَّجاة منَ العقاب الأخروي والفوز بالثَّواب بعد الموت بالسَّعادة الأبديَّة . منَ الملاحظ أن فكر (يوحنَّا ذهبيَّ الفمِ) لاهوتيٌّ صِرف، ولكن في حقيقة الأمر غير ذلك فهو فلسفيٍّ تأثُّره المباشر بالفكر الفلسفي المنبثق منَ الأفكار الشرقيَّة واليونانيَّة فنلاحظ في عرضه لفكرة الخير والشَّرِّ انبثاقها منَ الفكر اليونانيِّ، وكذلك العناية الإلهيَّة، والحبِّ الإلهي، وأيضًا فكرتى الإرادة الحُرَّة، والموت والثَّواب والعِقاب من الفكر الشرقي واليوناني في مواعظه اللَّاهوتيَّة لا تخلو منَ الفكر الفلسفيِّ وإن ظهر لنا إنه فكرٌ مسيحيٌّ لاهوتيٌّ صِرف. |