Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
تغيّر المناخ وأثره على زراعة بعض المحاصيل في مصر /
المؤلف
عبد الوهاب، محمد محمد عبد الله.
هيئة الاعداد
باحث / محمد محمد عبد الله عبد الوهاب
.
مشرف / محمد فوزي أحمد عطا
.
مشرف / كمال الدين يوسف محمد جعفر
.
مناقش / شحاتة سيد أحمد طلبة
.
مناقش / محمد توفيق محمد إبراهيم
الموضوع
المحاصيل الزراعية والطقس. المناخ الزراعي. الجغرافيا الزراعية.
تاريخ النشر
2020.
عدد الصفحات
1 مج. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
علوم البيئة
الناشر
تاريخ الإجازة
4/10/2020
مكان الإجازة
جامعة بني سويف - كلية الآداب - الجغرافيا
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 128

from 128

المستخلص

انتهت تقارير الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) إلى أن الكون يزداد دفئا بسبب احتباس طاقة زائدة في الغلاف الجوي نتيجة زيادة غازات الاحتباس الحراري الناتجة من النشاط البشري المتزايد، حيث زاد المتوسط اليومي لدرجة حرارة الهواء عالميا بمقدار 1.0 درجة مئوية تقريبا قياسا بما كان قبل الثورة الصناعية. كما بينت نتائج هذه الهيئة أن معدل الزيادة في درجات حرارة الهواء على اليابسة أعلى منه على المحيطات، وأن مقدار معدل الزيادة في درجات الحرارة يختلف من منطقة لأخرى.
لذلك يهدف هذا البحث إلى تقدير تغير المناخ في مصر، وكذلك دراسة أثره على مستقبل الزراعة من خلال دراسة أثره على محصولين أحدهما يمثل المحاصيل التي تزرع في الشتاء وهو القمح والآخر يمثل المحاصيل التي تزرع في الصيف وهو الذرة. وهذا من خلال أثر تغير المناخ على تغير فترة بذرهما ونطاق زراعتهما وتغير احتياجاتهما المائية وإنتاجهما. وهذا كله استعدادًا لفهم العلاقة الجديدة بين زراعة المحاصيل وبين تغير المناخ المستمر؛ من أجل المساعدة في تحديد طرق التكيف والتأقلم بهما في مصر.
من أجل هذا تم استخدام بيانات الأرصاد الجوية المحلية: درجات الحرارة العظمى والصغرى والرطوبة النسبية وسرعة الرياح وكمية الأمطار، ثم تم حساب كل العناصر الأخرى المتعلقة بالدراسة باستخدامها. وكانت هذه البيانات شهرية لفترة 58 سنة من 1961 لدرجات الحرارة فقط على ثمان محطات، ولفترة 51 سنة من 1968 لكل العناصر المذكورة لإحدى عشرة محطة.
وكذلك تم استخدام البيانات اليومية من خلال موقع ”ناسا” للعناصر الأربعة السابقة الذكر ولفترة 35 سنة من 1984 إلى 2018 على 52 محطة مفترضة تمثل جميع مناطق مصر. وتمت معالجة البيانات عموما، ثم تصحيح بيانات ”ناسا” من خلال ربطها إحصائيا ببيانات هيئة الأرصاد الجوية. وكذلك تم حساب جميع العناصر الزراعية المتعلقة بالدراسة بما فيها عدد الأيام غير المناسبة والمناسبة لزراعة القمح والذرة. وكذلك مكنَنَا هذا العدد الكثير للمحطات من رسم خرائط خطوط التساوي لمتوسط مدتين كل منهما خمس سنوات أحدهما في بداية فترة الـ 35 سنة والأخرى في نهايتها لتقليل أثر التقلبات المناخية ولإظهار وفهم تأثير تغير المناخ عبر الزمان والمكان في مصر.
وكانت النتائج كما يلي:
تقدير تغير المناخ: شهدت درجات الحرارة بمقاييسها الصغرى والعظمى والمتوسط اليومي اتجاها نحو الزيادة. فكانت الزيادات 1.42 °م، 0.71 °م، 1.02 °م على الترتيب كل 30 سنة (الفترة المناخية القياسية). وأوضحت الخرائط إزاحة ملحوظة لخطوط تساوي درجات الحرارة إلى الشمال بحيث تتزايد المساحات الحارة في جنوب مصر وتزحف نحو الشمال بمرور عقود السنين. وهذا يزيح نطاق زراعة المحاصيل الشتوية إلى الشمال، ويجعل زراعة المحاصيل الشتوية أصعب من جنوب مصر إلى شمالها بمرور العقود.
الزيادة في عدد الأيام التي تجاوزت فيها درجة حرارة المتوسط اليومي 25 °م كانت 17.7 يوم كل 30 سنة وهو ما يمثل 11% من المعدل السنوي المعتاد والذي يبلغ 165 يوم/سنة وهي الأيام التي لا يمكن للقمح أن ينمو خلالها في السنة، وباقي 200 يوم من السنة لنمو القمح، سوف تتقلص بمعدل 17.7 يوم كل 30 سنة حتى تصل إلى ما يقرب من دورة نمو القمح (160 يوم على الأقل) في خلال دورتين مناخيتين. وكذلك زاد عدد الأيام التي تجاوزت فيها درجة حرارة المتوسط اليومي 30 °م بمقدار 20.6 يوم كل 30 سنة وهو ما يمثل 46% من المعدل السنوي المعتاد والذي يبلغ 44 يوم/سنة. وهذه كلها لا شك نتائج مؤثرة جدا على كل المحاصيل الشتوية. كما دلت الخرائط على أن خط الضرر لزراعة القمح (180 يوم أكثر من 25 °م) قد أزيح إلى الشمال بشكل ملحوظ، وقد يصل إلى جنوب الدلتا في غضون ثلاث فترات مناخية قياسية.
لم تشهد الرطوبة النسبية وسرعة الرياح ومدة سطوع الشمس الفعلية تغيرا معنويا أو تغيرا ملحوظا خلال الفترة المناخية القياسية. كما أن كمية الأمطار السنوية قلّت قليلا عبر عقود السنين.
لوحظ في تغير ميزانية الطاقة فوق سطح الحشائش القياسي أنه لا تغير يذكر بمرور العقود في الطاقة الشمسية الساقطة الي سطح الأرض، إلا أنه قد لوحظ أن تغير الإشعاع طويل الموجة العائد إلى سطح الحشائش بسبب غازات الجو هو +0.738 ميجاجول/م2 كل 30 سنة بينما الإشعاع طويل الموجة الخارج منها يتغير بمعدل -0.573 ميجاجول/م2 كل 30 سنة، مما يعني أن تزايد غازات الاحتباس الحراري تُزيد من الإشعاع الأرضي طويل الموجة العائد بمقدار 0.165 ميجاجول/م2 كل 30 سنة في مصر. وهذه النتيجة تبين أن احترار جو مصر هو بسبب زيادة غازات الاحتباس الحراري عالميا في جميع الأجواء، وهي نتيجة متوافقة مع نتائج الـ (IPCC).
تأثير تغير المناخ على الطقس: تتزايد عدد الأيام الحارة صيفا بمرور العقود، فقد ازداد عدد أيام درجة الحرارة العظمى الأعلى من 35 °م بمعدل 13.1 يوم كل 30 سنة، وهو ما يمثل 14% من المعدل، الذي هو 93 يوما في السنة. وازداد عدد أيام درجة الحرارة العظمى الأعلى من 40 °م بمعدل 7.2 أيام كل 30 سنة، وهو ما يمثل 36% من المعدل، الذي هو 20 يوما في السنة. أي أن الطقس يتغير لأكثر حرارة، فسيتضاعف عدد أيام درجة الحرارة العظمى أعلى من 40 °م تقريبا في خلال ثلاث دورات مناخية، حيث سيصير 41 يوما، ويحتمل أن يقلل هذا من إنتاجية محصول الذرة صيفا.
كما تتناقص عدد الأيام الباردة شتاء بمرور العقود، فقد نقصت عدد أيام درجة الحرارة الصغرى أقل من 10°م بمعدل 16.5 يوما كل 30 سنة وهو ما يمثل 21.5% من المعدل السنوي الذي يبلغ 77 يوم، ونقصت عدد أيام درجة الحرارة الصغرى أقل من 5 °م بمعدل 7 أيام كل 30 سنة وهو ما يمثل 50% من المعدل السنوي الذي يبلغ 14 يوما. وهذا يعني أنه بمرور دورتين مناخيتين فقط ستزداد درجة الحرارة الصغرى عن 5 °م، وهذا سيقلل من إنتاجية محصول القمح المحب للبرودة في فترة النمو الأولى ليُكوّن الأشطاء أو الفروع في النبتة الواحدة.
كما دلت الخرائط الجغرافية على أن الطقس الحار يزداد جنوبا، وأن التغير لأكثر حرارة في الجنوب أكثر منه في الشمال. كما أن الطقس البارد يقل جنوبا وقلته في الجنوب أكثر من قلته في الشمال.
تأثير تغير المناخ على البخرنتح القياسي: هناك زيادة طفيفة في كمية البخرنتح القياسي السنوية بمعدل 0.27 ملم كل 30 سنة، بنسبة 4.3% من المعدل السنوي والذي يبلغ 6.26 مم، وتعود هذه الزيادة الطفيفة إلى الزيادة في درجات الحرارة فقط حيث لم تشهد العوامل الأخرى المؤثرة في البخرنتح القياسي تغيرا يذكر. كما بينت الخرائط الجغرافية أنه لا تغير يذكر في كمية البخرنتح القياسي السنوية في شمال ووسط مصر، بينما كان التغير ملحوظا في جنوبها بين بداية ونهاية فترة الدراسة، حيث شهد خطي 8 و9 ملم إزاحة ملحوظة نحو الشمال مع زيادة نطاقيهما في الجنوب.
تأثير تغير المناخ على الاحتياجات المائية للقمح والذرة: الاحتياجات المائية الكلية لأي محصول تمثل نسبة من مجموع البخرنتح القياسي خلال دورة المحصول، لذلك سجلت السلسلة الزمنية للاحتياجات المائية لمحصول القمح زيادة بلغت 49.6 ملم كل 30 سنة بنسبة 9% من المعدل الموسمي الذي يبلغ 533 مم. والخرائط الجغرافية لم تبين تغير يذكر في الاحتياجات المائية للقمح في شمال ووسط مصر، والتغير الملحوظ كان في جنوبها حيث أزيح خطي التساوي 700، 800 ملم إلى الشمال، واتسع نطاقيهما، بالإضافة لظهور خط التساوي 850 ملم في جنوب شرق مصر في آخر فترة الدراسة ولم يكن يظهر في بدايتها. وواضح بأن هذه الزيادة في احتياجات القمح في الجنوب ترجع أساسا إلى زيادة كمية البخرنتح القياسي في هذه المنطقة.
وكذلك لمحصول الذرة كانت الزيادة قليلة حيث بلغت 25 ملم تقريبا كل 30 سنة بنسبة 3% من المعدل الموسمي والذي بلغ 851 ملم. والخرائط الجغرافية بينت أن خطوط تساوي كمية الاحتياجات المائية لمحصول الذرة لم تتغير كثيرا من بداية إلى نهاية فترة الدراسة 35 سنة في شمال مصر، بينما اتضحت إزاحة خطوط التساوي نحو الشمال بشكل ملحوظ في جنوبها بداية من خط 900 ملم وازداد نطاقها، وظهر خط جديد 1200 ملم في آخر الفترة بزيادة 50 ملم عن بدايتها.
تأثير تغير المناخ على فترة البذر الممكنة لمحصولي القمح والذرة: قَلّت الفترة المتاحة لبذر القمح بمعدل 16 يوم كل 30 سنة، بنسبة 35% من المعدل السنوي الذي هو 46 يوم على كل مصر. وبينت الخرائط أن خطوط تساوي فترة بذر القمح تنزاح شمالا بمرور الزمن، فقد ظهرت خطوط 105، 120، 135 يوم في بداية فترة الدراسة ولم تظهر في آخرها، كما أن خط 45 يوم كان ينصف مصر إلى شمال شرق وجنوب غرب قد أزيح شمالا حتى دائرة عرض 29 درجة جنوبي الدلتا. والفرصة الآن ضعيفة لبذر القمح في جنوب شرق مصر،15 يوم فقط، وبعد فترة مناخية واحدة 30 سنة ستنعدم هذه الفرصة. وكذلك ستقل فرصة بذر القمح من الجنوب إلى الشمال بمرور العقود، وبالتالي سيتقلص نطاق بذر القمح إلى الشمال.
بينما زادت الفترة المتاحة لبذر الذرة على كل مصر بمقدار 17 يوم كل 30 سنة، بنسبة 11% من المعدل السنوي والذي يبلغ 157 يوم. وبينت الخرائط أن الفترة الممكنة لبذر الذرة تزداد بشكل عام في كل مناطق مصر بمرور العقود من السنين، وأنها تزداد كلما اتجهنا شمالا نحو البحر المتوسط وشرقا نحو البحر الأحمر. أي أن فترة البذر الممكنة للذرة مناسبة جدا في مصر حاليا ومناسبة أكثر مستقبلا مع تغير المناخ.
تأثير تغير المناخ على إنتاج وإنتاجية محصولي القمح والذرة: لوحظ أن عدد الأيام المناسبة لنمو القمح مناخيا في مصر تقل، وكذلك فترة الزراعة الممكنة لزراعة القمح تقل، ومعدل هذه القلة أكثر في الجنوب، لذلك فإن المساحة والفترة المتاحة للزراعة تنحسر تدريجيا بمرور العقود من السنين من الجنوب إلى الشمال. أي أن الإنتاج الكلي للقمح في مصر سيقل إن لم يتم الـتأقلم بزراعة أصناف جديدة تتحمل الحرارة وتكون دورة حياتها أقل. أما الذرة فإن عدد الأيام المناسبة لنموه مناخيا يزداد، وكذلك فترة زراعته الممكنة تزداد، وبالتالي فيتوقع ألا يتأثر الإنتاج الكلي للذرة ويمكن الزيادة إذا زادت المساحة المنزرعة حتى بنفس الأصناف الحالية.
إنتاجية الفدان الواحد من المحصول تتناسب طرديا مع درجات الحرارة المتجمعة خلال موسم النمو، وبالفعل هي تزداد للقمح في الأماكن التي سيمكن زراعته بها، وللذرة في جميع مصر. ولكن القمح له متطلب نوعي قد يختل مع تغير المناخ، وهو احتياجه إلى فترة برودة خلال نموه المبكر من أجل تفريع وسيقان أكثر في النبتة الواحدة، وبالتالي إزهار أكثر وإنتاجية أعلى. ومع تغير المناخ قد لا يحصل القمح على البرودة اللازمة في الأماكن كلما اتجهنا جنوبا، وقد يحصل عليها كلما اتجهنا شمالا. وبالتالي فإن القمح تزداد إنتاجيته شمالا وتقل جنوبا، أما الذرة فإن انتاجيته قد تزداد في كل مصر طالما تم اختيار ميعاد زراعته بشكل مناسب للمناخ الجديد.
احتمالات تغير المناخ وتأثيره مستقبلاً: بعد 30 سنة تقريبا من (2019) ستزداد درجة الحرارة الصغرى بمقدار 1.25 °م فوق معدلها السنوي الحالي لتصير 17.05 °م، والعظمى ستزداد بمقدار 1.01 °م لتصير 29.61 °م، والمتوسط اليومي سيزداد 1.13 °م ليصير 23.33 °م. وبعد 30 سنة أيضا ستقل كمية الأمطار السنوية عن معدلها السنوي بمقدار 3.32 لتصير 86.68 ملم/سنة. بعد 30 سنة: سيزداد البخرنتح القياسي قليلا بنسبة 4.2% من معدله السنوي، ولكن أثرة على الاحتياجات المائية للقمح واضح، حيث سيزيد بنسبة 9.2% من معدله الموسمي. أما الاحتياجات المائية للذرة فستزيد بنسبة أقل وهي 3.0% من معدله الموسمي، ويرجع هذا إلى أن معدل زيادة البخرنتح القياسي في الشتاء أعلى منه في الصيف.
تغير المناخ سيؤثر على الطقس تأثيرا كبيرا مما سيؤثر سلبا على كل المحاصيل الشتوية. فبعد 30 سنة ستزداد عدد أيام درجة الحرارة العظمى أعلى من 35 °م بنسبة 14.1% من معدلها السنوي الحالي، وأعلى من 40 °م بنسبة 35.7%. وكذلك ستقل عدد أيام درجة الحرارة الصغرى أقل من 10 °م بنسبة 21.5 % من معدلها الحالي، وأقل من 5 °م بنسبة 49.6%. وهذه النسب تنذر بسخونة في الصيف قد تؤثر على إنتاجية المحاصيل الصيفية، وتنذر بدفيء ليالي الشتاء الذي يعاكس المحاصيل المحبة لبعض البرودة مثل القمح.
وخلاصة هذا البحث أن المناخ في مصر يتغير على المدى الطويل ببطيء واستمرار، فتزداد درجات حرارة الهواء القريب من سطح الأرض. والطقس يتغير سريعا لأيام أكثر في الاحترار صيفا وأيام أقل في البرودة والأمطار شتاء، بنسب كبيرة ستؤثر سلبا على جميع المحاصيل الشتوية، كما سيزيد من الاحتياجات المائية للمحاصيل ويقلل من كفاءة استخدام المياه. ويتوقع أن يؤثر تغير المناخ على الزراعة في مصر بشكل كبير خصوصا أن البيئة الزراعية في مصر قاحلة، وري المحاصيل بها يعتمد على مياه النيل المحدودة والآتية من خارج الحدود.
وتوصي الدراسة المؤسسات المعنية بتغير المناخ في مصر بدراسات مفصلة عن تغير المناخ موسميا وفي مناطق مصر المختلفة، مع الاهتمام بأثره على الطقس، وفصله عن دراسة التقلبات المناخية الدورية. وكذلك زيادة اهتمام الزراعيين في استنباط أصناف جديدة للمحاصيل الشتوية تتحمل درجات حرارة أعلى وذات دورة نمو أقل. مع ضرورة المشاركة الإيجابية للدولة في فعاليات تغير المناخ عالميا.