Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
التعويض عن الخطأ المهني
دراسة مقارنةالتعويض عن الخطأ المهني
دراسة مقارنة
المؤلف
عبد الرؤف ,محمد رفعت .
هيئة الاعداد
باحث / محمد رفعت عبد الرؤف
مشرف / محمد نصر الدين منصور
مشرف / فيصل ذكى عبدالواحد
مشرف / عاطف عبدالحميد حسن
مشرف / محمد سامى عبدالصادق
الموضوع
التعويض عن الخطأ المهني
تاريخ النشر
2019.
عدد الصفحات
344ص
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
قانون
الناشر
تاريخ الإجازة
1/1/2019
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية الحقوق - القانون المدنى
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 344

from 344

المستخلص

شهدت المسؤولية المدنية تطورا مهما مرتبطًا بالمجتمع، وكان الخطأ
هو الأساس للمسؤولية المدنية، وخلال القرنين التاسع عشر والعشرين،
تضاعفت الحوادث ؛ وقد أدى ذلك إلى مزيد من الاهتمام لمحنة الضحايا
وتسهيل تعويض الخسائر لمصلحة الآخرين، وقد نهج الفقه هذا التطور لمفاهيم
الخطر أو الضمان على وجه الخصوص، وكانت ترافقه التنشئة الاجتماعية
للمخاطر، من خلال تطوير التأمين أو ضمان الأموال للمضرور، ومن هذا
.( المنطلق يتم تحريك المسؤولية المدنية من خلال هدف إصلاح الضرر ( ١
والأمر لا يتضح في الاصطلاح الوارد في اللغة العربية المخصص
لفكرة جبر الضرر، وهو مصطلح ” التعويض”، فإن استعمال مصطلح
باللغة الفرنسية، والذي يترجم إلى العربية ” بالإصلاح” لا يدع ”réparation”
مجالاً للشك حول نية المشرع بشأن تقرير التعويض للإصلاح وجبر
.( الضرر( ٢
وبالتالى، فالمسؤولية المدنية هي الالتزام بتعويض الضرر المترتب
على الإخلال بالتزام أصلي سابق، والالتزامات الأصلية ينشأ بعضها من العقد،
والبعض الآخر من القانون؛ لذا فقد جرى الفقه على التمييز بين نوعين من
المسؤولية المدنية، فتُعرف المسؤولية الناشئة عن الإخلال بالتزام عقدي
مسؤولية عقدية، والمسؤولية المترتبة عن الإخلال بالتزام قانوني مسؤولية
تقصيرية ( ٣)، ويفترض النوع الأول من المسؤولية قيام رابطة عقدية بين
(1) J. Rochfeld, Les grandes notions du droit privé, PUF 201٤, notion
n° 8: La responsabilité, p. 495 et s.
٢) د. عبد الناصر توفيق العطار، مصادر الالتزام، بدون ناشر، ١٩٩٠ م. )
٣) د. سليمان مرقس- الوافي في شرح القانون المدني في الالتزامات الجزء الثاني في )
. الفعل الضار والمسؤولية المدنية سنه ١٩٨٨ ، ص ١١
المقدمة
- ٢ -
المسؤول والمضرور، أما المسؤولية التقصيرية فتقوم حين تنتفي هذه الرابطة
فيما بينهما، ومتى أخل شخص بالتزام مقرر في ذمته وفقًا لأحد نوعي
المسؤولية المدنية، وترتب على هذا الإخلال ضرر للغير، أصبح مسؤولاً تجاه
المضرور، وملتزما بجبر ضرره وتعويضه عما أصابه من ضرر، وتهدف
الوظيفة الإصلاحية للتعويض إلى جبر الأضرار اللاحقة بالمضرور، دون
حاجة إلى التعويض الكامل الذي ارتبط بتأسيس المسؤولية على الذنب
الأخلاقي، وبابتعاد المسؤولية عن هذا الأساس بدأت فكرة التعويض الكامل
تتلاشى ليحل محلها التعويض العادل.
وتقدير هذا التعويض قد يقوم به المشرع بالنص الصريح أحيانًا أو عن
طريق تحديد المسؤولية بحد أقصى أحيانًا أخرى، وهو التقدير القانوني
للتعويض، وقد يتركه لاتفاق بين طرفى المسؤولية يقومان به وفقًا لما يبدو
لهما من ظروف المعاملات وملابساتها، وهو التقدير الاتفاقي للتعويض، وفي
كلتا حالتي التقدير هاتين يكون القاضي ملزما بهذا التحديد، وقد يمنح المشرع
حرية مطلقة للقاضي لتقديره، وذلك هو التقدير القضائي للتعويض.
والمسؤولية في طريقها لأن تكون نقطة الارتكاز في القانون المدني،
وكذلك أهم ظاهرة في تطور الفكر القانوني في العصر الحاضر، وهي أن
المساواة المدنية أمام القانون كأساس المعاملات أصبحت الآن فكرة مهجورة؛
إذ المساواة المدنية توائم المساواة السياسية التي خلقتها الثورة الفرنسية
بإعلانها لحقوق الإنسان، والقانون المدني الذي قرر المساواة المدنية هو من
وحي تلك الثورة، ولقد ظلت الديمقراطية حريصة علي مبدأ المساواة الذي كان
مهددا من جانب الطوائف التي كانت موجودة آن ذاك، فما أن تجدد هذا
الخوف حتي زال حرصها عليه، ذلك أن نصا واحدا مجردا وعام التطبيق لا
يكفي إلا حماية متواضعة للمصالح المختلفة، ومن ثم تعالت أصوات الطوائف
كل يطالب بحماية مصالحه علي وجه أكمل، وما فتئ هذا التعارض بين حكم
المقدمة
- ٣ -
القانون وبين الحماية التي ينشدها أرباب الطوائف والمهن أن تلاشى بما صدر
.( من تشريعات خاصة وبما بذله رجال الفقه من مجهود في هذا السبيل ( ١
فظهر أن رأينا في بعض القوانين الحديثة لم يش  رع لجميع مواطني
الدولة أو القاطنين في أراضها وإنما شُ  رع لمجموعة من الأفراد تربطهم المهنة
التي يشتركون في مزاولتها، وإذا كان القانون المدني يمنح الجميع الحق في
التمتع بالحقوق المدنية ولا يقر بأي تمييز بين الأفراد والطبقات؛ ولكن القوانين
الحديثة تقر ببساطة بعدم المساواة بين الأفراد في التمتع ببعض الحقوق،
وبإمكان أن يتوجه الخطاب من المشرع في أمر معين إلى طائفة معينة في
أفراد المجتمع، وبذلك تصدع مبدأ المساواة الذي كان عماد التشريع المدني
وقت وضعه، ومن هنا نشأ التقسيم الذي لم ينطوِ عليه القانون المدني الذي
عماده مبدأ المساواة بين الأفراد في التمتع بالحقوق وذلك بأفراد أصحاب المهن
ببعض التشريعات الخاصة التي تحدد مقدار المسؤولية في الأعمال المناط بها
.( أصحاب تلك المهن وكذا حدود تلك المسؤولية والإعفاء منها ( ٢
والقانون المدني حتي في تعديله الأخير لم ينطوِ إلا علي نصوص قليلة
مبينة حقوق الأفراد وواجباتهم بحسب المهنة التي يزاولونها، ومع هذا فإن
النزعة إلى التنظيم النقابي أدت بغير شك إلى تجمع أفراد المهنة الواحدة تحت
لواء واحد حتي أصبحت مهنة الشخص تُقرن باسمه كعنوانٍ لشخصيته.
ومما لا شك فيه أن التنظيم النقابي ليس تقسيما للأفراد من وجهة نظر
القانون الخاص إذ مجرد قيد اسم الشخص في إحدى النقابات لا يقيم دليلاً علي
١) د. عبد الودود يحيى، الموجز في النظرية العامة للالتزامات، القسم الأول مصادر )
الالتزام، دار النهضة العربية، ١٩٩٤ م.
٢) د. محمود السيد عبد المعطى خيال، الحدود الفاصلة بين المسؤولية التقصيرية )
والعقدية، بدون ناشر، ٢٠٠٠ م.
المقدمة
- ٤ -
مهنته إذا أثير حولها الشك في نزاع قضائي وليس تقسيم الأشخاص بحسب
مهنتهم موضع صعوبة، إنما الصعوبة في تحديد آثار المهنة علي مراكزهم من
وجهة نظر القانون الخاص، وهي من ناحية الدراسة أحجم الفقهاء عن طرقها
لتقديسهم مبدأ الحرية المدنية؛ فهم يخشون القول بأن تطبيق القواعد القانونية
منوط بالمهنة التي يزاولها الشخص.
أما الآن، فقد أصبح تجاهل هذه الحقيقة أمرا غير ممكن لأن التميز
بين الأفراد وبحسب مهنتهم ضرورة حتمية لا يمكن إغفالها، ولا يلبث القانون
أن يجد نفسه مجبرا علي الاستجابة لندائها، وهكذا أصبحت فكره نشوء الحق
واستعماله وانتهائه مقرونة بشخص صاحب الحق نفسه، فالأشخاص المجردون
في القانون المدني كالمالك، والدائن، والمدين يجب أن يسبغوا علي أنفسهم
رداء المهنة التي يزاولونها؛ فتتحدد حقوقهم ومدى مسؤوليتهم عن نشاطهم.
لذلك، فالخطأ المهني الجسيم الذي ينسب إلى العامل في إطار علاقة
العمل الفردية لا يمكن معرفته والوقوف عليه بسهولة إ ّ لا من خلال معرفة
النظام القانوني لعلاقة العمل في حد ذاتها، وإذا اعتبرنا تنظيم علاقة العمل
يرجع إلى أساس تعاقدي، فهذا يؤدي إلى القول بأن الخطأ المهني يمثل إخلالاً
من جانب العامل بالالتزامات المفروضة عليه بموجب عقد العمل، وهذا
الطرح لا يخلو من النقد؛ لأنه يستحيل من الناحية العملية الإلمام بكل
الالتزامات المهنية للعامل وتدوينها في عقد العمل أو النظام الداخلي للمؤسسة
حتى وإن اعتبرنا أن هذا الأخير جزء ملحق بالعقد حسب المفهوم التقليدي،
ومن ثمة لا يمكن على ضوء هذا الاتجاه تحديد كل الالتزامات المهنية
.( وبالتبعية تحديد الأخطاء المهنية التي يمكن نسبتها إلى العامل ( ١
١) د. إبراهيم الدسوقى أبو الليل، العقد والإرادة المنفردة، جامعة الكويت، الطبعة الأولى )
.١٩٩٥
المقدمة
- ٥ -
وفي ظل هذا المفهوم لا يمكن القول بوجود خطأ مهني إلا بوجود عقد
العمل، وهذا ما يخالف الحقيقة التي أصبح يقرها القانون، والتي مفادها أن
علاقة العمل كما تنشأ بعقد كتابي فهي تنشأ بعقد شفهي، ويكفي لإثباتها مجرد
العمل لدى مستخدم، وهذا ما جعل البعض يرجع تنظيم علاقة العمل إلى مفهوم
جديد يسمى رابطة العمل، أي أن يرتبط العامل ارتباطًا وثيقًا بمفهوم المؤسسة
باعتبارها خلية اجتماعية، وكل من يكون عنصرا فيها يخضع للقواعد التي
تحكمها، وهكذا تقررت الالتزامات المهنية وفقًا لما يقتضيه حسن سير
المؤسسة ويتحقق الخطأ المهني عند الإخلال بنظام هذا المجتمع المهني.
ورغم الاختلافات الواقعة بصدد هذا الأساس القانوني لتنظيم علاقة
العمل، فإن القانون لم يب َ ق بمنأى عن تنظيم هذه العلاقة، وكان تدخله واضحا
في تنظيمها بقواعد آمرة مع الإبقاء على القواعد المكملة في أضيق الحدود،
مستهدفًا حماية حقوق العامل وفي ذات الوقت مبينًا الالتزامات الملقاة على
عاتقه، والتي تعد حقوقًا مقابلة لرب العمل على اعتبار الحق والالتزام وجهين
لعملة واحدة، ومن ثمة يكون الخطأ المهني محققًا عند إخلال العامل
بالالتزامات التي يفرضها عليه القانون حتى ولو لم يكن منصوصا عليها ضمن
عقد العمل.
والمسؤولية التقصيرية صورة من صور المسؤولية المدنية مضمونها
الإخلال بالالتزام القانوني العام الذي يقضي بعدم الأضرار بالغير وكل إخلال
بهذا الالتزام العام يرتب المسؤولية المدنية علي المخل، ويسأل من جراء
الإخلال بتعويضٍ علي ما ترتب علي فعله من أضرار للمضرور من جراء
هذا الإخلال بالالتزام العام والتطور الذي حدث في نظرية المسؤولية
التقصيرية، وهو تأسيسها على فكرة الضرر، فلا يكفي أن يحدث الضرر بفعل
شخص حتى يلزم ذلك الشخص بتعويضه، بل يجب أن يكون ذلك الفعل خطأ؛
لأن الخطأ شرط ضروري لقيام المسؤولية المدنية بل هو الأساس الذي تقوم
المقدمة
- ٦ -
عليه المسؤولية، فيجب أن يتمسك المضرور بخطأ وقع عليه من الفاعل؛
.( وعليه إثبات ذلك لاستحقاق التعوض لجبر الضرر الذي أصابه( ١
وقد يحدث الضرر بلا خطأ من أحد نتيجة لتطور الآلات الميكانيكية
وانتشار الصناعة الحديثة، مما يؤدي بدوره إلى ضياع حق المضرور إذا
عجز عن إثبات الخطأ ولا تحمل تبعة الضرر للمضرور وإنما يتحملها من
أنشأ الوضع الخطر واستفاد منه وهو صاحب الآلات الميكانيكية.
وقد أغفلت معظم التشريعات تعريف الخطأ تاركة إياه إلى الفقهاء، وقد
حاول هؤلاء منذ تقنين نابليون تعريف الخطأ؛ فكانت تعريفاتهم كثيرة ومتباينة