![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص من الأهميَّةِ بمكانٍ أن يصدرَ حكمُ التَّحكيمِ التِّجاريِّ الدَّوليِّ صحيحًا مُعافًى من أيِّ شائبةٍ تعطِّل تنفيذَه أو تستوجبُ بطلانَه؛ لذلك أوجدت النُّظم القانونيَّةُ للتَّحكيم المؤسَّسيِّ نظامًا لمُراجعةِ حكم التَّحكيمِ، وهو في صورة مشروعٍ لم يخرجْ للحياة بعدُ، فأوجدت غرفةُ التِّجارة الدَّوليَّة بباريس، وكذلك المركز العراقيُّ للتَّحكيم الدَّوليِّ، نظامًا رقابيًّا ذاتيًّا لها يسمح بمُراجعةِ مُسودةِ حكمِ التَّحكيم من قِبل محكمةٍ أو مجلسٍ أعلى حتى يصدر الحكمُ التَّحكيميُّ سليمًا محققًا الفاعليَّة المطلوبة من اللُّجوءِ إلى نظامِ التَّحكيمِ كبديلٍ عن القضاء. كما نظَّم المُشرِّعان التَّحكيميُّ الدَّوليُّ والوطنيُّ نظامًا لمُراجعةِ حكمِ التَّحكيمِ عقِبَ صدورِه من خلال آليَّاتِ إصدارِ أحكامٍ تكميليَّةٍ وتفسيريَّةٍ وتصحيحيَّةٍ، وبذلك يكون الحكم التَّحكيميُّ محلَّ رقابةٍ ذاتيَّةٍ من هيئات التَّحكيم بشكلٍ يسمحُ بصدورِه خاليًا – في الغالب – من أوجه عدمِ التَّنفيذِ أو البطلان، وتلك الرَّقابةُ الذَّاتيَّةُ على حكم التَّحكيم - سواءٌ كانت رقابةً سابقةً أم لاحقةً على صدورِه - كانت محلَّ الدِّراسةِ من قِبل الباحث في الفصل الأول من هذه الدِّراسة. وفي الفصل الثاني كان من الأهميَّة بمكانٍ أيضًا التَّأكيد على ضرورةِ مُراعاةِ هيئة التَّحكيمِ لأحكام التَّشريعاتِ والقوانين الوطنيَّة والدَّوليَّة المُتعلِّقة بأحكام التَّحكيمِ التِّجاريِّ الدَّوليِّ، إذ إنَّ صدورَ حكمِ التَّحكيمِ ليس نهايةَ المطاف، بل إنَّ الحكمَ وسيلةٌ لاقتضاءِ الحقِّ، وذلك لن يكون إلا عن طريقِ إصدارِ الأمرِ بتنفيذ حكم التَّحكيمِ حال عدم تنفيذِه طوعًا، وهنا يظهرُ دورُ محكمةِ الأمر بالتَّنفيذ التي لها سلطةُ مُراقبةِ مدى صحَّةِ حكمِ التَّحكيم، ولها أنْ ترفضَ الأمرَ بتنفيذِه، ولصاحب المصلحةِ التَّظلُّم من أمر الرَّفض. كما يملك القضاءُ أيضًا سُلطةَ النَّظرِ في مدى صحَّة حكم التَّحكيم التِّجاريِّ الدَّوليِّ من خلال دعوى مُبتدأةٍ لها طبيعتها الذَّاتيَّة وخصائصها المُميَّزة، وللقاضي سُلطةُ الحكمِ ببطلان قرار التَّحكيمِ إذا توافرتْ حالةٌ أو أكثرُ من حالاتِ بطلانِ أحكام التَّحكيم. |