Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
حقوق الأنسان البيئية فى التشريع المصري:
المؤلف
أبو زيد, طارق محمود صالح.
هيئة الاعداد
باحث / طارق محمود صالح أبو زيد
مشرف / فيصل زكي عبد الواحد
مشرف / هشام إبراهيم القصاص
مناقش / محمد محي الدين إبراهيم سليم
مناقش / محمد السيد الننه
تاريخ النشر
2020.
عدد الصفحات
335ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
العلوم البيئية (متفرقات)
تاريخ الإجازة
1/1/2020
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - معهد البيئة - العلوم الاقتصادية والقانونية والإدارية البيئية
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 335

from 335

المستخلص

الاستطلاع البيئي في مصر نظمته مجلة ’’البيئة والتنمية’’ بالتعاون مع جريدة ’’الأهرام’’، وذلك عن طريق إستبيان تم نشره في ’’الأهرام’’ و’’البيئة والتنمية’’ بين نهاية سنة (2005) وبداية سنة (2006). وخلال الأسبوع الأول من نشر الاستبيان وردت(2267)إستمارة تم تفريغها ومعالجة بياناتها إحصائياً بواسطة المركز العربي للبحوث والاستشارات، عضو مؤسسة ’’غالوب’’ العالمية. وكان هذا جزءاً من استطلاع شمل (18) بلداً عربياً، وأعد التقرير الاقليمي بنتائجه الدكتور مصطفى كمال طلبه ونجيب صعب، ونشر في عدد تموز (يوليو 2006) من ”البيئة والتنمية”.
العينة المصرية التي تمت دراستها هي في غالبها من قراء جريدة ’’الأهرام’’ ومجلة ’’البيئة والتنمية’’. ومعظم العينة (73٪) من المقيمين في المدن، ونحو (13)٪ من المقيمين في ضواحي المدن، اما الـ (14)٪ الباقية فهي من المقيمين في المناطق الريفية.
وتتضمن العينة نحو (74)٪ ممن تتراوح أعمارهم بين(21)و(50)سنة، و(22)٪ ممن تزيد أعمارهم عن (50)سنة، و(4)٪ ممن تقل أعمارهم عن (20)سنة. والعينة تكونت من (77)٪ من الذكور و (23)٪ من الإناث. أما بالنسبة لمستوى التعليم فكان نحو(81)٪ من العينة من الحاصلين على شهادات جامعية، والباقي من الحاصلين على شهادات من مستويات أقل. ومعظم العينة من ذوي الدخل المتوسط (60٪) والدخل فوق المتوسط (33٪).
احتلت حماية البيئة حيّزا هاما من اهتمامات الحقوقيين في الفترة الأخيرة في مصر بسبب اتجاه الحكومة المصرية لاستخدام الفحم في توليد الطاقة، وهو الأمر الذي أدى الى فتح ملف حماية البيئة في مصر والانتهاكات التي تحدث في هذا الإطار. وتعمل الدراسة على تخصيص عدد من المتطلبات التشريعية لتسليط الضوء على المسائل المطروحة في هذا الشأن. وبتشر هذه المطالب باستعادة لتطور مفهوم الحق في البيئة الصحية السليمة في قانون البيئة ولائحة التنفيذية ، وفي التشريعات التي تحكم هذه المسألة. كما نتناول الأجهزة التنفيذية المناط بها تنفيذ هذه النصوص، وفي مقدمتها وزارة البيئة وجهاز شؤون البيئة
• التطور التاريخي لحقوق الإنسان البيئية في الدستور المصري
تطور مفهوم الحقوق البيئية في الدستور المصري منذ 2007 وحتى 2014. فالنص الأصلي لدستور 1971 لم يتضمن أي مادة تنص على الحق في بيئة صحية سليمة أو عن حماية البيئة. وفي 2007، تم تعديل الدستور ليتضمن مادة خاصة بالبيئة جاء فيها أن: ”حماية البيئة واجب وطني، وينظم القانون التدابير اللازمة للحفاظ على البيئة الصالحة” (مادة 59). ونلاحظ أن هذه المادة جاءت ”بدائية” تؤكد على ضرورة حماية البيئة، من دون أي تفريق ما بين واجب الدولة وواجب الأفراد في هذا المجال
وقد طور دستور 2012 الصادر بعد الثورة هذا المفهوم فنص على أن “لكل شخص الحق في بيئة صحية سليمة. وتلتزم الدولة بصون البيئة وحمايتها من التلوث، واستخدام الموارد الطبيعية، بما يكفل عدم الإضرار بالبيئة والحفاظ على حقوق الأجيال فيها” (مادة 63). وهنا نلاحظ تطور المفهوم من مجرد اعلان هدف أو قيمة معينة الى منظور حقوقي ينص على حق كل انسان في بيئة صحية سليمة. بالإضافة الى ذلك، رتب دستور 2012 التزاما على الدولة بالحفاظ على البيئة وباتخاذ التدابير اللازمة لهذه الغاية. وقد عكس هذا النص تطورا في دور الدولة في حماية البيئة حيث تم التأكيد على التزامها وواجبها ومسؤوليتها في القيام بذلك. كما ذهب هذا الدستور الى حد تعداد الحقوق البيئية: فنص على ”حماية الرقعة الزراعية وزيادتها”، والعمل على ”تنمية الأصناف النباتية والسلالات الحيوانية والثروة السمكية وحمايتها” مع ربط ذلك لتحقيق الأمن الغذائي (مادة 15) مما يعكس فهما عميقا للعلاقة بين حماية البيئة ومقومات الحياة الاساسية للإنسان. كما نص على أن ”الثروات الطبيعية للدولة ملك للشعب” (مادة 18) وألزمت الدولة ”بالحفاظ عليها وحسن استغلالها ومراعاة حقوق الأجيال فيها”، كذلك بالنسبة لنهر النيل وموارد المياه (مادة 19). كذلك تم تخصيص مادة في الدستور لالزام الدولة بحماية الشواطئ والبحار والممرات المائية والبحيرات، بالإضافة الى المحميات الطبيعية (مادة 20). ويعكس هذا التفصيل في الدستور، التعمق في مفهوم حماية البيئة والحقوق البيئية وأهميتها بما استدعى اعطاءها قيمة دستورية .
التوجه نحو تعزيز حماية البيئة في مصر تم تعزيزه في الدستور الحالي الذي تم اقراره في 2014. فبالاضافة الى كل ما تقدم، نص الدستور ولأول مرة في مصر على ”الرفق بالحيوان” (مادة 45). كما أبدى الدستور نظرة أكثر شمولية للعلاقة بين الانسان والبيئة. فربط حماية الرقعة الزراعية بحماية سكان الريف من المخاطر البيئية (مادة 29) كما نص على حماية الثروة السمكية ودعم الصيادين وتمكينهم من مزاولة أعمالهم ”دون الحاق الضرر بالنظم البيئية” (مادة 30). واذ أعاد الاشارة الى ”حقوق الأجيال القادمة”، ربط بين حماية البيئة من جهة وهذه الحقوق وتحقيق التنمية المستدامة من جهة أخرى
ونلحظ أن الدستور المصري تطور على مدار تعديلاته فيما يخص الحقوق البيئية. ولكن المناقشات التي نشرت فيما يخص دستوري 2012 و2013 لم تتناول الحقوق البيئية فتبين أن النصوص المتصلة بالبيئة تم اقرارها دون أي نقاش أو خلاف. وبذلك، نستعرض ماتم طرحة في دستور 2014 علي النحو التالي :
المادة 29
الزراعة مقوم أساسي للاقتصاد الوطني.
وتلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها، وتجريم الاعتداء عليها، كما تلتزم بتنمية الريف ورفع مستوى معيشة سكانه وحمايتهم من المخاطر البيئية، وتعمل على تنمية الإنتاج الزراعي والحيواني، وتشجيع الصناعات التي تقوم عليهما.
وتلتزم الدولة بتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي والحيواني، وشراء المحاصيل الزراعية الأساسية بسعر مناسب يحقق هامش ربح للفلاح، وذلك بالاتفاق مع الاتحادات والجمعيات الزراعية، كما تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الأراضي المستصلحة لصغار الفلاحين وشباب الخريجين، وحماية الفلاح والعامل الزراعى من الاستغلال، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون.
وفق ما ورد بالمادة 30
تلتزم الدولة بحماية الثروة السمكية وحماية ودعم الصيادين، وتمكينهم من مزاولة أعمالهم دون إلحاق الضرر بالنظم البيئية، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون.
حيث جرى نص المادة 32 علي ان موارد الدولة الطبيعية ملك للشعب، تلتزم الدولة بالحفاظ عليها، وحُسن استغلالها، وعدم استنزافها، ومراعاة حقوق الأجيال القادمة فيها.
حماية البيئة ملكية الموارد الطبيعية كما تلتزم الدولة بالعمل علي الاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة، وتحفيز الاستثمار فيها، وتشجيع البحث العلمي المتعلق بها. وتعمل الدولة على تشجيع تصنيع المواد الأولية، وزيادة قيمتها المضافة وفقاً للجدوى الاقتصادية .
الإشارة إلى العلوم ولا يجوز التصرف في أملاك الدولة العامة، ويكون منح حق استغلال الموارد الطبيعية أو التزام المرافق العامة بقانون، ولمدة لا تتجاوز ثلاثين عاماً. ويكون منح حق استغلال المحاجر والمناجم الصغيرة والملاحات، أو منح التزام المرافق العامة لمدة لا تتجاوز خمسة عشر عاما بناء على قانون. ويحدد القانون أحكام التصرف فى أملاك الدولة الخاصة، والقواعد والإجراءات المنظمة لذلك.
وكذا المادة 41 والتي نصت علي انه
تلتزم الدولة بتنفيذ برنامج سكاني يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكاني والموارد المتاحة، وتعظيم الاستثمار في الطاقة البشرية وتحسين خصائصها، وذلك فى إطار تحقيق التنمية المستدامة. وكذا المواد الاتية :
المادة 43
تلتزم الدولة بحماية قناة السويس وتنميتها، والحفاظ عليها بصفتها ممراً مائياً دولياً مملوكاً لها، كما تلتزم بتنمية قطاع القناة، باعتباره مركزا اقتصاديا متميزاً.
المادة 44
تلتزم الدولة بحماية نهر النيل، والحفاظ على حقوق مصر التاريخية المتعلقة به، وترشيد الاستفادة منه وتعظيمها، وعدم إهدار مياهه أوتلويثها. كما تلتزم الدولة بحماية مياهها الجوفية، واتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق الأمن المائى ودعم البحث العلمى فى هذا المجال.
وحق كل مواطن فى التمتع بنهر النيل مكفول، ويحظر التعدى على حرمه أوالإضرار بالبيئة النهرية، وتكفل الدولة إزالة ما يقع عليه من تعديات، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون.
المادة 45
تلتزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية.
ويحظر التعدى عليها، أوتلويثها، أواستخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها، وحق كل مواطن فى التمتع بها مكفول، كما تكفل الدولة حماية وتنمية المساحة الخضراء في الحضر، والحفاظ على الثروه النباتية والحيوانية والسمكية، وحماية المعرض منها للإنقراض أو الخطر، والرفق بالحيوان، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون.
المادة 46
لكل شخص الحق في بيئة صحية سليمة، وحمايتها واجب وطني. وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليها، وعدم الإضرار بها، والاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية بما يكفل تحقيق التنمية المستدامة، وضمان حقوق الأجيال القادمة فيها.
وكذ ايضا المداتين : المادة 78
تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم والآمن والصحى، بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية وتلتزم الدولة بوضع خطة وطنية للإسكان تراعى الخصوصية البيئية، و تكفل إسهام المبادرات الذاتية والتعاونية فى تنفيذها، وتنظيم استخدام أراضى الدولة ومدها بالمرافق الأساسية فى إطار تخطيط عمرانى شامل للمدن والقرى و استراتجية لتوزيع السكان، بما يحقق الصالح العام وتحسين نوعية الحياة للمواطنين و يحفظ حقوق الأجيال القادمة.
كما تلتزم الدولة بوضع خطة قومية شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات تشمل إعادة التخطيط وتوفير البنية الأساسية والمرافق، وتحسين نوعية الحياة والصحة العامة، كما تكفل توفير الموارد اللازمة للتنفيذ خلال مدة زمنية محددة.
المادة 79
لكل مواطن الحق فى غذاء صحى وكاف، وماء نظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة. كما تكفل السيادة الغذائية بشكل مستدام، وتضمن الحفاظ علي التنوع البيولوجي الزراعي وأصناف النباتات المحلية للحفاظ علي حقوق الأجيال
التطور التاريخي لحقوق الإنسان البيئية في القانون المصري
تم اصدار قانون البيئة عام 1994، أي قبل دستور الحق في البيئة، ثم تم تعديله عام 2009 أي بعد تكريس مبدأ حماية البيئة في دستور 2007، ولم يتم تعديله حتى الآن
وينقسم القانون الى عدة أبواب: الباب التمهيدي يتناول الاحكام العامة وتعريف المصطلحات التي يتناولها المشرع في القانون، بالإضافة الى تناول جهاز شؤون البيئة المعني بصورة رئيسية بوضع سياسة حماية البيئة واعداد الخطط ومتابعة تنفيذها مع الجهات الإدارية المختصة. ثم يتناول القانون المواد الخاصة بحماية البيئة الأرضية من التلوث، ويتناول الفصل الأول علاقة البيئة بالتنمية؛ وتحث المواد على ضرورة إقامة مشاتل لإنتاج الأشجار، وحماية الطيور والحيوانات البرية والمائية، كذلك النباتات النادرة، بالإضافة الى الحفريات الحيوانية والنباتية. ثم يتناول الفصل الثاني حظر تداول المواد والنفايات الخطرة وكيفية معالجتها أما الباب الثاني، فيتناول حماية البيئة الهوائية من التلوث، وينص على كيفية حماية البيئة من ملوثات الهواء خصوصا من المنشآت التي تقام بها المشاريع، كذلك يحظر القانون الحرق المكشوف للقمامة والمخلفات الصلبة (مادة 37)، وينظم حرق أنواع الوقود في أغراض الصناعة وتوليد الطاقة (مادة 40). كما يحظر استخدام مبيدات الآفات أو المركبات الكيماوية لأغراض الزراعة أو الصحة العامة بسبب آثارها الضارة على الهواء (مادة 38). كما يمنع ”التدخين في الأماكن العامة المغلقة الا في الحدود المسموح بها في الترخيص الممنوح لهذه الأماكن، ويراعى في هذه الحالة تخصيص حيز للمدخنين بما لا يؤثر على الهواء في الأماكن الأخرى. ويحظر التدخين في وسائل النقل العام” (مادة 46). بالإضافة الى ذلك حظر القانون الاتجار غير المشروع في ”المواد المستنفذة لطبقة الأوزون أو استخدامها في الصناعة أو استيرادها أو حيازتها”
بخصوص حماية البيئة المائية من التلوث، خصص القانون لها بابا خاصا. وقد تناول القانون التلوث من السفن (التلوث من الزيت، التلوث من المواد الضارة، التلوث بمخلفات الصرف الصحي والقمامة) والتلوث من المصادر البيئية وهي التي تنتج بصورة رئيسية من المنشآت التجارية والصناعية والسياحية والمحال العامة القريبة من الشواطئ. وفي سبيل ضمان ذلك، يحظر القانون إقامة أية منشآت على الشواطئ البحرية ”لمسافة مئتي متر الى الداخل من خط الشاطئ الا بعد موافقة الجهة الإدارية المختصة وموافقة جهاز شئون البيئة” (مادة73). كما يتناول الباب الخاص بحماية البيئة المائية الشهادات الدولية التي يجب على السفن أن تحصل عليها لمنع التلوث، كذلك، الإجراءات الإدارية والقضائية المتبعة لمراقبة تطبيق القانون، والتي يجب اتخاذها عند انتهاك مواده. كما يقر القانون في الباب الرابع منه العقوبات المترتبة على انتهاك مواده، والتسبب في تلوث البيئة
نلاحظ أن القانون قد شمل العديد من الأسباب التي تؤدي الى تلوث البيئة، ونص على المواد التي تحمي البيئة من ذلك وتضمن التنمية وحماية حقوق الأجيال القادمة، ولكن تبقى نسبة التلوث في مصر عموما وفي القاهرة خصوصا مرتفعة جدا، بالإضافة الى التعديات الخاصة بإنتاج الطاقة والنتائج المترتبة على حرق الوقود للصناعة وغيرها من التعديات، وهو الأمر الذي يطرح أسئلة مقلقة بشأن مدى فاعلية هذا القانون.
وزارة البيئة: الهيكل التنظيمي لحماية البيئة
منذ 1997، يوجد في تشكيلة الحكومة المصرية وزير متفرغ لشؤون البيئة[، الأمر الذي عكس آنذاك اهتماما متزايدا في اظهار تمسك الدولة بالاعتبارات البيئية. وكان قانون 1994 قد أنشأ قبل ذلك جهاز شؤون البيئة التابع لمجلس الوزراء، والذي يعتبر بمثابة الجهاز التنفيذي لوزارة الدولة لشؤون البيئة. ويعد هذا الجهاز مشاريع القوانين الخاصة بتحقيق أهدافه، كما له الحق في ابداء رأيه في مشاريع القوانين الخاصة بحماية البيئة (مادة 5 من القانون)، كما يقوم الجهاز بإصدار الدراسات والتقارير الخاصة بالوضع البيئي في مصر. كما أن الجهاز هو المعني بوضع الاشتراطات التي يجب على أصحاب المشروعات والمنشآت الالتزام بها قبل انشائها وأثناء التشغيل لضمان عدم تلوث البيئة، كما على الجهاز أن يقوم بمتابعة تطبيق هذه الاشتراطات ميدانيا لضمان التزام أصحاب المشاريع والمنشآت بها، واتخاذ التدابير القانونية عند وجود أي مخالفات .
مشكلة الدراسة
أهم خمسة أسباب وراء التدهور البيئي في مصر خـلال السنوات العشر الماضية هي التالية:
• ضعف اجهزة حمـاية البيئـة،
• عدم الالتزام بتطبيق التشريعات البيئية،
• ضعف برامج التوعية البيئية،
• ضعف الانفاق العام الحكومي على حماية البيئة،
• سوء الحوكمة البيئية (ادارة شؤون البيئة).
ومقارنة مع نتائج الدراسة ، وضع المشاركون في غالبية الدول قضية عدم الالتزام بالتشريعات البيئية في طليعة أسباب التدهور البيئي، يليها ضعف برامج التوعية ثم سوء إدارة شؤون البيئة كل ذلك ساعد على تدهور حقوق الانسان البئية في مصر.
كما تتمركز الدراسة علي التسؤلات التالية :
- ما المقصود بالحق البيئي ؟ وما طبيعته ؟ وكيف جري الخلاف الفقهي حول وجوده ؟
- ما هي العلاقة التي تربط البيئة بحقوق الإنسان ؟ وفيما تتمثل مظاهر وأثار وأبعاد هذه العلاقة ؟
- فيما تتمثل الجهود الدولية المكرسة لهذا الحق ؟ وما هي الآليات الدولية المتخذة لحماية حق الإنسان في البيئة السليمة ؟
- كيف كفل التشريع المصري للفرد حقه في بيئة نظيفة وسليمة ؟ وهل تعتبر الآليات التي عينها المشرع المصري كافية لضمان حماية البيئة ؟
- ما مدى فعالية الحماية المدنية التى كفلها المشرع المصرى لحقوق الإنسان البيئية؟
- هل يمكن إستحداث قواعد قانونية أكثر ملائمة للبيئة المصرية من خلال مقارنة الدراسة بالقوانين والنظم القانونية المختلفة.
أهداف الدراسة
تهدف الدراسة الى مراجعة وتقييم وتقويم قوانين حقوق الانسان البيئة في التشريع المصري والمقارنة بين الحقوق في المجالات الصحية والزراعية والاجتماعية البيئة في الدستور المصري و تطور مفهوم الحقوق البيئية في الدستور المصري منذ 2007 وحتى 2014. فالنص الأصلي لدستور 1971 لم يتضمن أي مادة تنص على الحق في بيئة صحية سليمة أو عن حماية البيئة. وفي 2007، تم تعديل الدستور ليتضمن مادة خاصة بالبيئة جاء فيها أن: ”حماية البيئة واجب وطني، وينظم القانون التدابير اللازمة للحفاظ على البيئة الصالحة” (مادة 59). ونلاحظ أن هذه المادة جاءت ”بدائية” تؤكد على ضرورة حماية البيئة، من دون أي تفريق ما بين واجب الدولة وواجب الأفراد في هذا المجال وقد طور دستور 2012 الصادر بعد الثورة هذا المفهوم فنص على أن “لكل شخص الحق في بيئة صحية سليمة. وتلتزم الدولة بصون البيئة وحمايتها من التلوث، واستخدام الموارد الطبيعية، بما يكفل عدم الإضرار بالبيئة والحفاظ على حقوق الأجيال فيها” (مادة 63). وهنا نلاحظ تطور المفهوم من مجرد اعلان هدف أو قيمة معينة الى منظور حقوقي ينص على حق كل انسان في بيئة صحية سليمة. بالإضافة الى ذلك، رتب دستور 2012 التزاما على الدولة بالحفاظ على البيئة وباتخاذ التدابير اللازمة لهذه الغاية.
أهمية الدراسة
وتأتي أهمية الدراسة في الوصول إلي اوجة القصور في تشريعات حقوق الانسان البيئية وما يتضمنه الدستور ويكفله من حقوق بيئية للفرد في دور الدولة في حماية البيئة حيث تم التأكيد على التزامها وواجبها ومسؤوليتها في القيام بذلك. كما ذهب هذا الدستور الى حد تعداد الحقوق البيئية: فنص على ”حماية الرقعة الزراعية وزيادتها”، والعمل على ”تنمية الأصناف النباتية والسلالات الحيوانية والثروة السمكية وحمايتها” مع ربط ذلك بتحقيق الأمن الغذائي (مادة 15) مما يعكس فهما عميقا للعلاقة بين حماية البيئة ومقومات الحياة الاساسية للإنسان. كما نص على أن ”الثروات الطبيعية للدولة ملك للشعب” (مادة 18) وألزمت الدولة ”بالحفاظ عليها وحسن استغلالها ومراعاة حقوق الأجيال فيها”، كذلك بالنسبة لنهر النيل وموارد المياه (مادة 19). كذلك تم تخصيص مادة في الدستور لالزام الدولة بحماية الشواطئ والبحار والممرات المائية والبحيرات، بالإضافة الى المحميات الطبيعية (مادة 20). ويعكس هذا التفصيل في الدستور، التعمق في مفهوم حماية البيئة والحقوق البيئية وأهميتها بما استدعى اعطاءها قيمة دستورية
التوجه نحو تعزيز حماية البيئة في مصر تم تعزيزه في الدستور الحالي الذي تم اقراره في 2014. فبالاضافة الى كل ما تقدم، نص الدستور ولأول مرة في مصر على ”الرفق بالحيوان” (مادة 45). كما أبدى الدستور نظرة أكثر شمولية للعلاقة بين الانسان والبيئة. فربط حماية الرقعة الزراعية بحماية سكان الريف من المخاطر البيئية (مادة 29) كما نص على حماية الثروة السمكية ودعم الصيادين وتمكينهم من مزاولة أعمالهم ”دون الحاق الضرر بالنظم البيئية” (مادة 30). واذ أعاد الاشارة الى ”حقوق الأجيال القادمة”، ربط بين حماية البيئة من جهة وهذه الحقوق وتحقيق التنمية المستدامة من جهة أخرى
ونلحظ أن الدستور المصري تطور على مدار تعديلاته فيما يخص الحقوق البيئية. ولكن المناقشات التي نشرت فيما يخص دستوري 2012 و2013 لم تتناول الحقوق البيئية فتبين أن النصوص المتصلة بالبيئة تم اقرارها دون أي نقاش أو خلاف. وبذلك، بقيت الأسئلة الكبرى كالعلاقة بين الحفاظ علي البيئة وحقوق الإنسان البيئية من حقة في الصحة البيئية والزراعة والتغذية والعمارة الخضره وحقة في تحقيق اهداف التنمية المستدامة وحق الاجيال القادمة من الموارد وحق التعليم موضع تجاهل وتغييب تامّين .
أهداف البحث.
تسعي هذه الدراسة إلي وضع إطار قانوني لحماية حق الإنسان في العيش ببيئة سليمة ومتوازنة، لتوفير الحماية الفعالة، وهذا من خلال توضيح مفهوم الحق في البيئة وطبيعته ومدي الاعتراف به، وأيضاً جوانب الارتباط بين المجال البيئي ومجال حقوق الإنسان، والذي يمتد إلي معالجة القضايا والمشاكل البيئية المتداخلة مع مختلف جوانب وأنواع حقوق الإنسان، ومن ثم الكشف عن أبعاد وانعكاسات العلاقة بين قضيتين هامتين هما حقوق الإنسان والبيئة ومحاولة تقديم الحلول الممكنة، كما تهدف هذه الدراسة إلي رصد التوجهات الدولية والإقليمية والوطنية المتخذة لمعالجة مختلف القضايا المتعلقة بمسألة التصريح بهذا الحق وسبل التكفل بحماية البيئة، وضمان حماية هذا الحق من طرف مختلف آليات حماية البيئة وحماية حقوق الإنسان علي المستويين الداخلي والخارجي .
وتسعي تلك الدراسة إلي تحقيق العديد من الأهداف من أهمها :-
1. محاولة رصد وتحليل مشكلات حقوق الإنسان البيئية .
2. بيان مدي الحماية المدنية التي كفلها المشرع المصري لحقوق الإنسان البيئية .
3. تقييم الطرق المستخدمة في حماية حقوق الإنسان البيئية، لإستنتاج أفضلها .
4. محاولة ربط وإظهار مدي توافق النصوص القانونية بالواقع المعاش.
5. مبادرة مصر بسن تشريع متكامل يهدف لحماية البيئة، من خلال مقارنة الدراسة بالتشريعات المختلفة دون التقيد بتشريع بعينه، نظراً لطبيعة ذلك الموضوع .
سادساً: فروض البحث.
بناءاً علي الإشكالية التي تم طرحها سابقاً فإننا ننطلق في الإجابة عنها من الفرضية الرئيسية التالية :-
الفرضية الرئيسية الأول: توجد فروق معنوية ذات دلالة إحصائية بين المتوسط الفرضي ومتوسط استجابات عينة الدراسة في أبعاد حقوق الإنسان البيئية.
الفرضية الفرعية الثاني: توجد فروق معنوية ذات دلالة إحصائية بين المتوسط الفرضي ومتوسط استجابات عينة الدراسة في المسؤولية المدنية البيئية الزراعية.
الفرضية الفرعية الثالث: توجد فروق معنوية ذات دلالة إحصائية بين المتوسط الفرضي ومتوسط استجابات عينة الدراسة في دور الدولة في تحقيق وتفعيل قوانين الحقوق البيئية.
الفرضية الفرعية الرابعة: توجد فروق معنوية ذات دلالة إحصائية بين المتوسط الفرضي ومتوسط استجابات عينة الدراسة في حقوق الانسان البيئية التعليمية.
الفرضية الفرعية الخامسة: توجد فروق معنوية ذات دلالة إحصائية بين المتوسط الفرضي ومتوسط استجابات عينة الدراسة في حقوق الانسان في بيئية مشيدة.
الفرضية الفرعية السادسة: توجد فروق معنوية ذات دلالة إحصائية بين المتوسط الفرضي ومتوسط استجابات عينة الدراسة في إجمالي أبعاد حقوق الإنسان البيئية.
سابعاً: حدود البحث .
يتحدد إطار تلك الدراسة في الحدود المكانية والزمنية المحدد لها علي النحو التالي:-
 الحدود المكانية : ستجري هذه الدراسة في نطاق التشريعات الوطنية مع الإشارة لبعض التشريعات في الأنظمة القانونية المختلفة سواء كانت أنجلو سكسونية أو لاتينية وكذلك علي صعيد التشريع الدولي.
 الحدود الزمنية : وسوف نتناول تطور التشريعات الوطنية لحقوق الإنسان البيئية منذ بدايتها مروراً بتطورها وصولاً للوقت الحالي، مع كون الدراسة مقارنة بالأنظمة القانونية المختلفة دون التقيد بتشريع معين لأن المعالجة محل الدراسة هى مسألة ناشئة بالنسبة للقانون المصرى والمقارنة هدفها إثراء التشريعات المصرية بقواعد قانونية حديثة وأكثر فعالية.
منهج البحث.
تم الاعتماد بهذه الدراسة علي عدة مناهج علمية متكاملة فيما بينها، وذلك بغية الإلمام بكافة جوانب البحث وهي : المنهج الوصفي والمنهج التاريخي والمنهج التحليلي، فالأول يقوم علي دراسة ووصف وتفسير الظاهرة من خلال تحديد خصائصها وأبعادها، بهدف الوصول إلي وصف علمي متكامل، وبإنتهاجه تم وصف حماية البيئة وبيان أهميتها في حياة الإنسان وعرض المخاطر المؤثرة عليها .
والمنهج التاريخي الذي يعتمد علي دراسة المسألة محل البحث في النصوص القديمة، من أجل فهم حقيقتها في النصوص المعاصرة، فقد تم اللجوء إليه بغية الكشف عن تطور قانون حماية البيئة بمراحله المختلفة وبيان الإعلانات والمواثيق والتشريعات المصرية التي نصت علي هذه الحماية للوقوف علي تطوراتها المختلفة .
أما المنهج التحليلي فتمثل في تحليل النصوص القانونية لتبيان مدي كفايتها أو قصورها وأيضاً مدي فاعليتها، وتحليل الآراء الفقهية والتوفيق بينها وإعطاء الحلول، بالإضافة لجمع المعلومات المتعلقة بالدراسة وتحليلها، وكذا الاحكام القضائية الصادرة فى هذا الشأن مع استخلاص النتائج المترتبة عليها .
وأخيراً، فقد اتبعت المنهج المقارن والذى يظهر من خلال مقارنة القانون المصرى بغيره من القوانين المختلفة، دون التقيد بتشريع لأن المعالجة محل الدراسة هى مسألة ناشئة بالنسبة للقانون المصرى والمقارنة هدفها إثراء التشريعات المصرية بقواعد قانونية حديثة وأكثر فعالية.
الْإِجراءات المنهجية للدراسة
في سبيل تحقيق هدف الدراسة واختبار فروضها، اعتمد الباحث في هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي وأسلوب الدراسة الميدانية لجمع المعلومات والبيانات اللازمة لإتمام الدراسة.
أما مصدر البيانات فقد تم الحصول عليها من مصدرين هما:
أ – المصادر الثانوية: حيث اتجه الباحث في معالجة الإطار النظري للدراسة إلى مصادر البيانات الثانوية والتي تتمثل في الكتب والمراجع العربية والأجنبية ذات العلاقة، والدوريات والمقالات والتقارير، والأبحاث والدراسات السابقة التي تناولت موضوع الدارسة، والبحث والمطالعة في مواقع الإنترنت المختلفة.
ب – المصادر الأولية: وتتمثل في جمع البيانات الأولية ميدانياً، وذلك من خلال استخدام استبانة تم تصميمه خصيصا ًلهذا الغرض، ووزع على أفراد العينة لجمع البيانات المطلوبة.
الخلاصة والنتائج والتوصيات
1- اعتماد معظم التشريعات على المسؤولية التقليدية بوصفه أساساً لقيام مسؤولية الضرر البيئي, أي اعتمادها على الخطأ أساساً وحيداً لقيام تلك المسؤولية ومنها المشرع المصري وهذا ما لا يتلائم مع طبيعة الضرر البيئي الناتج عن المشاريع الاستثمارية .
2- عدم تأسيس معظم التشريعات محل المقارنه إلى تاريخ كتابة هذه الرسالة لقيام الضرر البيئي بالمسؤولية الموضوعية أساساً لقيامة والتعويض عنه وإن كانت هناك تشريعات ومنها القانون الأردني والذي أخذ بالمسؤولية الموضوعيه أساساً للمسؤولية, والقانون المصري أخذ بالمسؤولية شبه الموضوعية في نظرية مضار الجوار غير المألوفة .
3- إن تطبيق قواعد المسؤولية الخطيئة في مجال المسؤولية عن أضرار التلوث البيئي ستؤدي إلى حرمان المضرور من التعويض في أغلب الأحوال نظراً للصعوبات العديدة التي تفترض إثبات الخطأ في مجال التعويض عن الضرر البيئي ولذلك وبسبب هذه الانتقادات دفع جانب آخر من الفقه إلى البحث عن أساس آخر للمسؤولية عن الضرر البيئي غير فكرة الخطأ الواجب الإثبات ألا وهي الخطأ المفترض.
4- في حال كانت القوه القاهرة السبب الوحيد في وقوع الضرر البيئي تؤثر في مسؤولية المستثمر من حيث رفع المسؤولية أو تخفيفها استناداً لنص الماده (165) مدني مصري وماده (261) مدني أردني وماده ( 211) مدني عراقي, أما في حالة المساهمة بأن تساهم القوه القاهرة مع خطأ المستثمر أو الغير مع المستثمر ففي حالة استوعبت إحدى المسؤوليتين الآخرى نكون أمام قيام المسؤولية المستوعبه, أما في حالة لم يستغرق أحدهما الآخر عندها نكون أمام خطأ مشترك وتوزع المسؤولية بينهما كلاً حسب جسامة الخطأ الصادر منه والضرر الناتج عنه أما في حالة تعذر ايجاد هذه النسبة فتوزع المسؤولية بينهما بالتساوي وهذا على وفق ما جاء بنص الماده (217) مدني عراقي .
5- إن مسؤولية المستثمر عن الضرر البيئي الناتج عن مشروعه الاستثماري هي مسؤولية ذات طبيعة مستقلة عن غيرها وتجد أساسها في فكرة الضرر فتقوم بأسس مختلفة قوامها عنصر الضرر فهي مسؤولية يظهر فيها إنكار فكرة الخطأ المحدث للضرر .
6- تنهض مسؤولية المستثمر ذات الطبيعة الخاصة عن الأضرار الناتجة عن مشروعه الاستثماري والملحقة بالبيئة نظراً إلى الصعوبات التي تواجه تطبيق القواعد التقليدية للمسؤولية المدنية عن الأضرار الاستثمارية الملحقة بالبيئة بالرغم أن هذه القواعد تمثل الثوابت الرئيسية للنظم القانونية اللازمة لمواجهة مخاطر البيئة وذلك بالرغم من المحاولات الفقهية والقضائية والتشريعية لتذليل تلك الصعوبات التي تواجه أعمال أحد أحكام تلك المسئولين في مجالات التلوث البيئي كافة، حتى يستطيع المضرور اقتضاء التعويض المناسب لجبر الضرر الذي أصابه بسبب الضرر البيئي.
7- تلعب الدولة دوراً وقائياً من خلال إجراءات الاجازة الاستثمارية التي تفرضها الادارة والتنسيق بين الهيئات المختصة بحماية البيئة والهيئات الاستثمارية للعمل على رصد المخاطر الاستثمارية المستقبلية .
8- لجهاز شؤن البيئة دور مهم في حماية البيئة ذلك بما تفرضه من تعليمات وما تصدره من ضوابط وما تفعلة من قوانين وما توجده من هيآت متخصصة لحماية البيئة وتتولى متابعة سير النشاط ومراقبة مدى مطابقة ما قدمه المستثمر من دراسة جدوى وما يمكن أن تدخل به الدوله من اتفاقيات تتعلق بهذا الخصوص فلا يمكن إنكار الدور المهم الذي تقوم به للدوله لحماية البيئة .
9- التعويض النقدي عن الأضرار البيئية الناتجة عن التلوث البيئى وحقوق الانسان البيئية يتمثل بأن يدفع الملوث (مبدا الملوث يدفع) مبلغاً من النقود للمتضرر شريطة التوازن مابين الضرر الحاصل وبين المبلغ النقدي, الا أن التعويض النقدي في مجال الاضرار البيئية أضحى مكروهاً من جانب الفقه القانوني الذي يقول إن نظرية التعويض النقدي هي في النهاية نظرية تقليدية, فكيف يمكن أن نعوض بالنقود اختفاء مخلوق قتلة التلوث أو لوحة أو اثر تاريخي تفتت ...الخ, ولذا لا يمكن إنكار الدور المهم للتعويض العيني في هذا النوع من الاضرار .
10- ظهور آليات و وسائل جديدة للتعويض عن الضرر البيئي وإن كانت مصدرها الأساسي المعاهدات والاتفاقيات ذات العلاقة بحماية البيئة ومن هذه الأنظمة التأمين الإجباري وصناديق التعويضات .
11- في الحديث عن دور وسائل التعويض المتطورة يبقى دورها دوراً تكميلياً بديلاً في بعض الأحيان للتعويض ويبقى الدور الرئيسي لمحدث الضرر البيئي والتي تقوم مسؤوليته وتستمر طبقاً لمبدأ ”الملوث يدفع ” حيث يتم إسناد التكاليف المرتبطة بحماية البيئة في حال حدوث الضرر إن أمكن إلى المستثمر مالك المشروع الاستثماري وسد الفراغ أن ظهر عن طريق صناديق التعويضات ويكون من الأفضل لو أن المستثمر قد خضع لتأمين إجباري فهذا يحول من دون ظهور عقبات في حال المطالبة بالتعويض, فتعوضه شركة التأمين في حال غياب االملوث ونارى ان يقوم بهذ الدور صندوق حماية البيئية المنشئة بجهاز شؤن البيئية بتعويض من وقع علية الضرر .
التوصيات
1- نوصي للمشرع المصري أن يتبنى تعريف لحقوق الانسان البيئية ويتم تطبيق التعويض المادى والمعنوي للانسان وذلك عن التلوث البيئى والمساس بوحقوق الانسان البيئية
2- نقترح على المشرع المصري أن يفرض رسوماً على اى شركات تعرض حالة الانسان البيىء للخطر مقابل تكلفة التلوث وبالتالي ستخفض نسبة التلوث إلى أقل درجة ممكنة في سبيل تخفيض الرسوم المقرر دفعها, أي إن تفرض الدولة رسوماً على المستثمرين في حال كانت نشاطاتهم ما تسبب أضراراً للبيئة .
3- نقترح على المشرع أن يتبنى المسؤولية الموضوعية بوصفها أساسا لقيام الضرر البيئي والتعويض عنه ذلك من خلال تعديل نصوص القانون المدني باعتباره القانون الذي ينظم أحكام المسؤولية المدنية, بالاضافة إلى النص صراحة على ذلك في قانون البيئة على الأخذ بهذا النوع من المسؤولية نظراً لانحسار غيرها من انواع المسؤولية على معالجة أساس قيام الضرر البيئي
4- نقترح على المشرع استحداث نص القانوني الخاص بتقدير أنواع التعويض من القانون المدني المصري النافذ فنص المادة يقرر أن يكون التعويض النقدي الأصل والعيني هو الاستثناء وهذا لا يخدم التعويض عن الأضرار البيئية نظراً لطبيعتها . فنقترح على المشرع بأن يكون النص على العكس من ذلك في ما يخص التعويض عن الأضرار البيئية بأن يكون التعويض العيني هو الأصل والنقدي هو الاستثناء في حال تعذر التعويض العيني وهذا المقترح استشف من الواقع المصري الحالي من تدهور واستغلال في البيئة المصرية .
5- نقترح على المشرع اامصري تعديل تشريعي بستحداث نص قانوني يلزم شركات التئامتن او صندوق حماية البيئية المنشاء بجهاز شوان البيئية بتعويض المضرور على ان يرجع على الملوث بما قام به من دفعه .
6- نقترح أن تلزم الدولة صاحب كل منشأة أو شركة على إبرام عقد التأمين مع احد شركات التئامين او دفع حصص في صندوق حماية البيئية على ان يعتبر ذلك شرط الحصول على التريخص او التجديد بحيث يستفاد من تلك المدفعوت في التعويض .
الخاتمة :
يقصد بالتعويض في القانون البيئي المصري التعويض عن كل الأضرار الناجمة عن حوادث التلوث المترتب على مخالفة أحكام القوانين وكذلك الإتفاقيات الدولية التى تكون جمهورية مصر العربية طرفاً فيها ، أو عن حوادث التلوث بالمواد السامة وغيرها من المواد الضارة ، أو الناجمة عن التلوث من الجو أو عن جنوح السفن أو اصطدامها أو التى تقع خلال شحنها وتفريغها ، أو عن أية حوادث أخرى ، ويشمل التعويض جبر الأضرار التقليدية والبيئية وتكاليف إعادة الحال لما كان عليه أو إعادة إصـلاح البيئة .”
لكى يضمن الإنسان بقاءه على هذا الكوكب فإنه يحاول البحث عن سبل للخلاص من الآثار المترتبة على تلوث البيئة والتى تزداد حدتها يومًا بعد يوم ، والتى أصبحت تؤرق بنى البشر، ولن يتأتى ذلك الا عن طريق عقد الاتفاقيات الدولية تارة ، وإصدار التشريعات الداخلية تارة أخرى .
ولقد حاول العلماء والخبراء والمتخصصون بذل قصارى جهدهم سعيًا لحل هذه المشكلات على جميع الأصعدة المحلية والدولية من أجل كبح جماح هذه المخاطر.
ومخطئ من يظن أن التلوث البيئى مشكلة محلية – لأن البيئة فى الحقيقة لاتخضع لنظام اقليمى – وانما هى سماء مفتوحة وهو مايجعلها مشكلة دولية رغماً عن الجميع .
فقضية البيئة باتت قضية حياة أو موت تهدد حياة المجتمع ، فالجميع حكامًا ومحكومين يتنفسون هواءً فاسدًا .
إن حداثة قوانين البيئة في جمهورية مصر العربية ، فضلا عن غلبة الطابع الفني عليها ، جعلها لا تستجيب مباشرة لعلاج المشكلات المترتبة على التلوث البيئي من زاوية تعويض المضرورين فى إطار دعوى المسئولية البيئية.كما ان لا يوجد ما يحدد مدى إمكانية الرجوع على الدولة بدعوى المسئولية لتعويض المضرور عن الأضرار البيئية بصفة عامة فما هو الأساس الذي يمكن أن تقوم عليه هذه المسئولية ؟
فإذا كانت الدولة هي المنوط بها حماية البيئة بما لها من سيادة تمارسها من خلال مجموعة من السلطات على إقليمها ، فإن ذلك يعني أنها مسئولة قانونًا عن هذا الضرر الذي أصاب الأفراد من أي نشاط ملوث للبيئة سواء أكان ذلك مصدره البر أم البحر أم الجو.
وانطلاقا من هذا هل تصبح الدولة هي المسئولة سياسيا واداريا عن هذا النشاط الضار بسبب اهمالها في اتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع وقوع الاضرار البيئية؟! قد يكون المسئول عن حدوث الضرر هو أحد الأشخاص ، أو قد يتعذر تحديد المسئول على وجه الدقة ، هنا يثور التساؤل أيضًا هل يمكن مساءلة الدولة عن تلك الأضرار وإلزامها بدفع التعويض باعتبارها صاحبة البيئة والمسئول عن حمايتها؟ وإذا تم إقرار مسئولية الدولة فى الحالات السابقة ، ما الأساس الذى يمكن أن تقوم عليه هذه المسئولية ؟ هناك العديد من الأنشطة التي تقوم بها الدولة منفردة مثل استخدام الطاقة النووية / أو اعتماد الفحم في توليد الكهرباء وغيرها من الأنشطة العلمية ، وهنا يثور التساؤل أيضا هل تنعقد مسئولية الدولة بسبب عدم توافر تكنولوجيا التخلص من النفايات المتولدة عنها إذا ترتب عليها تلويث للبيئة؟
إن الصورة الكاملة لحالة البيئة المعتدى عليها غائبة عن أذهان المشرعين مما جعل النصوص القانونية غير كافية وغير ملائمة للحاجة التي تتطلبُها تطورات العصر ، كما ان ازدواجية النصوص المتعلقة بالبيئة ، وما ينشأ عن ذلك من عدم الوضوح في اعتماد النص الواجب التطبيق. بالاضافة إلي وجود إزدواجية في عمل المؤسسات المختصة بشؤون البيئة وما ينشأ عن ذلك من تداخل وتنازع في الاختصاصات سواء أكان في مجال الاشراف أم الرقابة أم التنفيذ.
و ترجع أحكام مسئولية الدولة عن التلوث البيئي إلى نظريات عديدة يأتي فى مقدمتها نظرية الخطأ ، وإذا تعذر إثبات الخطأ يمكن الرجوع إلى نظرية المخاطر. والأصل أنه يمتنع على الدولة أن تقوم بأنشطة ملوثة للبيئة سواء أكان ذلك بسبب أجهزتها أم مركباتها أم مشروعاتها ، وبالتالي إذا ترتب على أي مما تقدم إضرار بيئة الإنسان ( عوادم السيارات الحكومية ، نفايات محطات توليد الطاقة النووية .. الخ ) تقوم مسئولية الدولة مباشرة وتتحمل تبعات هذه المسئولية من دفع التعويضات / إعادة الحال إلى ما كان عليه / تطهير المواقع الملوثة.
إن أحكام قانون البيئة لا تسعف في تحديد المسئول عن إحداث الضرر البيئي فى حالة تعدد المسئولين كما انه من الأمور التي استقرت قانوناً في جميع دول العالم أن التدرج الهرمي في القوانين الداخلية يترتب عليه سمو الأعلى على الأدنى ، بمعنى أنه لا يجوز لقانون عادي أن يخالف نص دستوري ، ولا يجوز للائحة أن تخالف أحد النصوص الواردة بقانون عادي وإلا فإن القاعدة الأعلى تلغي القاعدة الأدنى التي تتعارض معها ، مما تقدم يتضح أن القرار الوزاري الخاص بالسماح باستخدام الفحم كمصدر من مصادر الطاقة مخالفاً للدستورالمصري لعام 2012 المعدل في 2014م والذي ينص على حق المواطن المصري في بيئة نظيفة ، ومن المعلوم من التجارب السابقة للدول أن استخدام الفحم في توليد الطاقة وقطاع الصناعة له اضرار صحية وبيئية جسيمة مما حدا بالكثير من دول العالم الى وضع الخطط اللازمة للتوقف عن استخدامه بينما قامت الحكومة المصرية خلال العام الماضي بإقرار استخدامه في مخالفة واضحة للتوجه الدولي.
فإذا كانت جمهورية مصر العربية اعتمدت الفحم بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 954 لسنة 2015 كمصدر من مصادر الطاقة ، وأن دولاً كثيرة قد تحولت عن الفحم إلى مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة حفاظاً على البيئة ، وإذا كانت مصر غير منتجة للفحم ، وأن محطات الكهرباء تعمل حالياً بالغاز الطبيعي ، ولكي تتحول إلى العمل بالفحم يجب تغيير كثيرا من معداتها وآلاتها وهذا بدوره يتطلب توفير موارد مالية كبيرة ، تنعكس سلباً على مستهلكي الكهرباء.
ليس هذا فحسب وإنما سينعكس استخدام الفحم على صادراتنا من السلع إلى كثير من دول العالم خاصة الإتحاد الأوربى والتى اعتمدت البصمة الكربونية لضمان دخول سلع غير ملوثة ، وهذا سيينعكس على الاقتصاد المصري سلباً .
وبالتالي ستتحمل حكومة جمهورية مصر العربية تبعات هذا القرار من مسئوليات إدارية ، سياسية ، وقائية ، قضائية ، حال استمرار هذا القرار ، حماية لصحة المواطنين من الأضرار المترتبة على ذلك الفحم.
علي المستوي الدولي فإننا نري أنه يجب أن تكون مسئولية حماية البيئة الدولية مسئولية تكافلية بين كافة دول العالم ولهذا يجب أن ينص القانون الدولي على الضمانات اللازمة للدول النامية لكي تستمر في تحقيق التنمية لمصلحة شعوبها بما لا يؤثر على البيئة ، كما يجب أن ينص قانوناً على أحقية الدول النامية في الحصول على التكنولوجيات المتقدمة اللازمة لها لتقوم بعمليات التنمية بصورة مستدامة دون أن تضر بالبيئة ، مثل تكنولوجيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ونري ايضا انه يجب أن ينص قانونًا على أحقية الدول النامية في الحصول على الدعم الفني والمؤسسى والتدريب اللازم لأفرادها ومؤسساتها الفنية لتتمكن من مواجهة أخطار تلوث البيئة العالمى .
اما علي المستوي الداخلي او الوطني يجب إلزام الدولة بدفع التعويضات اللازمة للمتضررين من التلوث البيئي استناداً الى نظرية الضمان ، لأنها المسئولة عن الحفاظ على البيئة وضمان نظافتها للمواطنين .
كما يجب أن تتم مراجعة فلسفة قانون العقوبات المصري ، والأخذ بما أقره قانون العقوبات الفرنسي من إقرار المسئولية الجنائية للشخص الاعتبارى ، في مجال الجرائم البيئية.
و يجب دراسة إمكانية وضع فرع من فروع القانون يعنى بدراسة البيئة يطلق عليه ”القانون الجنائي البيئي .
والنظر في كيفية فض الاشتباك بين قانون البيئة والقوانين والتشريعات المتماثلة التي تهدف الى الحفاظ على البيئة ومواردها ، لتصبح مجتمعة ضمن قانون البيئة ، وذلك من خلال جمع شتات القوانين الخاصة بالبيئة في تشريع بيئي موحد ومتكامل ، حيث أن النتيجة التي تترتب على تشتيت القوانين هو فقد هذه القوانين الكثير من فاعليتها .ويجب إقرار مبدأ المسئولية بدون خطأ خاصة وأنها تنعقد استنادا على توافر ركني الضرر وعلاقة السببية ، اتباعًا لما ابتدعه مجلس الدولة الفرنسي . وأن تأخذ الجزاءات والعقوبات في الجرائم البيئية طابعًا مميزًا وإيجابيًا .
واخيرا يجب على المشرع أن يولي مسألة التعويض عن الأضرار البيئية جانب من التنظيم القانوني ، وبصفة خاصة إذا كان موضوع المسئولية عن أضرار التلوث البيئي سواء أكانت مسئولية الدولة في تقصيرها بأداء الالتزامات المفروضة عليها ، أم مسئولية الأفراد والمؤسسات والشركات والمصانع تجاه الأفراد ، ويتضمن ذلك تعديل مهام جهاز شئون البيئة الموضحة بالقانون رقم 4 لسنة 1994