![]() | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص نعيش في هذا العالم بصخبه وجلبته وهدوئه وكل ما فيه من أشياء، على أنه عالم واضح ومفهوم بالنسبة إلينا. لكن هل هو كذلك بالفعل؟ ربما تكون الإجابة نعم إذا نظرنا إلى العالم من الموقف الطبيعي الساذج. لكن عندما تخضع العالم بطريقة فينومينولجية سنجد أنفسنا في مواجهة تساؤلات على غرار كيف تُعطى الأشياء في العالم بوصفها موضوعا للخبرة؟ كيف نفهم خبرتنا بالعالم؟ كيف نستمد ”معنى” العالم من خبرتنا مع الأشياء الموجودة في العالم؟ حينها تدرك أن مفهوم ”العالم” فلسفيًّا ليس واضحا تماما. من خلال منهج الفينومينولوجيا عند إدموند هوسرل نحاول تحليل هذه الأسئلة حول مفهوم ”العالم” ، وخاصة العالم الذي نعيشه ونختبره، ثم نتتبع تطور فكرة العالم الذي نعيشه ونختبره من بعد هوسرل. لكن قبل ذلك نحاول عرض الأسباب التي جعلت هوسرل يلتفت إلى العالم المنسي من قبل علوم عصره. نستعرض هذه الأسئلة من خلال مفهوم ”العالم المعيش” الذي طرحه هوسرل في كتاب ”أزمة العلوم الأوروبية والفينومينولوجيا الترنسندنتالية” (1936). في هذا الكتاب يُحلل هوسرل أزمة العلوم الأوروبية التي أودت إلى إفراغ العالم من المعنى بسبب سيطرة النزعة الموضوعية على جميع المعارف والعلوم، فالموضوعية لا تنظر إلا فيما يُعطى لها من خلال تجارب بكيفية موضوعية وبعيدة عن الذاتية والنسبية. ومفهوم ”العالم المعيش” lived-world أو عالم الحياة Lebenswelt لم يقتصر فقط على هوسرل، إذ امتد المفهوم إلى تلامذته ومن أبرزهم هيدجر وإلى فلاسفة وجوديين آخرين من أمثال سارتر وميرلوبنتي، وكذلك امتد المفهوم إلى علوم أخرى كعلم الاجتماع وعلوم الدين وعلم السياسة. |