الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص كفلت التَّشريعات القانونيَّة المختلفة للحكمِ القضائيِّ في ذاته قوَّة وحجية رفعته لمرتبة أسمى وأعلى من كافة القراراتُ الأخرى الصَّادرة عن هيئاتُ الدَّولةِ المختلفة، وتلك الحجِّيَّةُ مُنحت للحكمِ القضائيِّ لاعتبارات عدة تمثلت في كونه يمثل عنوان الحقيقةَ والعدالة المطلقةَ، قالت عدة أن الحكمِ القضائيِّ متى صدر يظلُّ مُرتبًا لآثاره القانونيَّة، وأهمها حجيَّةً الأمر المقضيِّ ما لم يتم إلغاءه بأحدى طرق الطَّعن المُقرَّرة قانونًا، وبالرغم من ذلك قفد تواترت آراء شرَّاحِ القانونِ وأحكام محكمةِ النَّقض على الاعترافِ بعيوب تلحق بالحكمِ في ذاته، يترتب عليها آثار متعدِّدةِ فهو يُرتِّب آثارًا موضوعيَّة تتمثل في قطع التَّقادُم والتعويض المترتب على بطلان الحكم، وآثارًا إجرائية تتمثل بآثاره على الإجراءات المنفذة في الدعوى، وكذلك يؤدي إلى استنفاذ ولاية محكمةِ الموضوعِ التي أصدرت الحكم، وأخيرًا فإن للحكم الباطل لعيب ذاتي آثارًا عامة، فهو يعتبر عنوانًا للحقيقة ويتمتع بحجية الأحكام مقصورة على أطرافه حصرًا. ففكرة بطلان الحكمِ القضائيِّ لعيب ذاتي تتلخص في كون العملُ الإجرائيِّ المتمثل في الحكم القضائي قد يشوبه خلل جسيم من شأنه ألا يمس شروط صحته فحسب، بل يمتد إلى كيانه، فيؤدي إلى بطلانه بحيث يصل هذا البطلان إلى حد الانعدام، فبطلان الحكم لعيب ذاتي وفكرة الانعدام يتلاقيان في أن كلايهما يهدر الأثر القانوني للعمل الإجرائيِّ المشوب بأحدهما، ولكنهما يختلفان في علة وجودهما فالحكم المنعدم لا يتيح أثره؛ لأنه عمل غير موجود بحسب طبيعته، أما الحكم الباطل لعيب ذاتي فإنه لا يترتب عليه آثاره القانونيَّة إلا استجابة لإرادة القانون وخضوعًا لسياسته الإجرائيِّة في تتنظيم الخصومةِ. |