Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
الطلاق بين القوانين المدنية والتشريعات الكنسية في الإمبراطورية البيزنطية:
المؤلف
عواد ، سهر سمير فريد
هيئة الاعداد
باحث / سهر سمير فريد عواد
مشرف / أحمد إبراهيم الشعراوي
مشرف / ناهد عمر صالح
مشرف / سهير محمد مليجي
مناقش / وديع فتحي عبدالله
مناقش / حاتم عبد الرحمن الطحاوي
تاريخ النشر
2024
عدد الصفحات
229ص.:
اللغة
العربية
الدرجة
الدكتوراه
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
1/1/2024
مكان الإجازة
جامعة عين شمس - كلية البنات - التاريخ - تاريخ عصور وسطي
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 229

from 229

المستخلص

• من أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة ما يلي:
1. رصد هذا البحث كيف ميَّز القانون – سواء المدني أو الكنسي – بين انفصال الزوجين لأي خلاف عادٍ قد يقع بينهما لأي سبب (دون أي إجراء رسمي) تتم بعده المصالحة ليعود بعدها الزوجان لبعضهما، وبين الانفصال النهائي الذي يتم بموجب الإجراءات الرسمية وهو ” الطلاق ”.
2. أبزت هذه الدراسة الدور الذي لعبه الأباطرة البيزنطيون المتلاحقون خلال الفترة (324 – 565م) من خلال قوانينهم المدنية من أجل إيجاد حل وسط ما بين رغبة الشعب في احتفاظهم بحريتهم في الحصول علي الطلاق وفق رغباتهم الشخصية، وبين تشريعات المسيحية وقوانين الكنيسة وكتابات آبائها الآخذة في الانتشار، مما خلق حالًة من الارتباك الواضح في نصوص تلك القوانين.
3. تعقبت هذه الدراسة محاولات الأباطرة من أجل تقنين أسباب الطلاق، ووضع قيود علي ما عُرف باسم ” الطلاق الاتفاقي ”، ووضع أسباب محددة يجب أن يتقدم بها الأزواج من أجل الحصول علي الطلاق.
4. لوحظ خلال هذه الدراسة وعلي مختلف العصور أنه كان هناك تمييز واضح من واضعي ومشرعي القوانين الإمبراطورية، علي اعتبارهم رجال يضعون بنود القانون بأنفسهم، فلم يتمكنوا من أن ينظروا نظرة محايدة علي الدوام تجاه الرجال والنساء، فكانوا في كثير من الأحيان ما يميلون إلي أبناء جنسهم علي حساب المرأة البيزنطية، التي اعتبروها في معظم الأوقات ذات مكانة أقل من مكانة الرجال داخل المجتمع، ونضحت نصوص تلك القوانين بجور في حق المرأة، واعتبروا أن الزنا هو ”جريمة النساء”. وهو الأمر الذي أيدهم فيه الإمبراطور قنسطنطين الأول، وإن رجَّح البعض أن السبب وراء ذلك كان تأثره الشديد بحوادث القصر الإمبراطوري.
5. علي الرغم من القيود التي فرضتها القوانين الإمبراطورية علي شعبها من أجل تقنين مسألة الطلاق الاتفاقي، إلا أنه كان شبه مستحيل أن يلتزم البيزنطيون بالأسباب المقبولة التي وضعها الأباطرة من أجل الطلاق، لذلك سمح الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني بالطلاق في حال عدم وجود أحد هذه الأسباب، لكنه فرض أيضًا عقوبات كانت تطبق علي الطرف الراغب بالطلاق دون أحد هذه الأسباب القانونية، وقد تراوحت تلك العقوبات ما بين فقدان المهر أو هدية ما قبل الزواج وأحيانًا النفي.
6. رتب أيضًا الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني شكل الإجراءات القانونية التي كان علي الراغب في الطلاق أن يتخذها، فعليه أن يتقدم أولًا بطلب رسمي أمام المحكمة من أجل حل زواجه، والمحكمة بدورها كانت تقوم بإرسال إشعار رسمي للطرف الآخر تعلمه برغبة الطرف الأول في إنهاء زواجهما.
185
7. أبرزت هذه الدراسة أيضًا النقلة النوعية التي أحدثها الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني في تشريعاته، فقد حاول قدر الإمكان أن يجعل هناك حالة من المساواة بين الرجل والمرأة في نصوص قوانين الطلاق، فللمرة الأولي وضع قانونًا اعتبر زنا الرجل أيضًا موجبًا للطلاق، ولم يعتبر الزنا جريمة النساء وحدهن، وتجب معاقبتهن عليه بقسوة، وذلك العكس من الجَور الذي لاقته المرأة في قانون قنسطنطين، إلا أن ثيودوسيوس قد أخضع الرجال والنساء لنفس قيود وأسباب الطلاق، وخضع كلاهما لنفس العقوبات في حالة عدم التزامه بالنص القانوني.
8. أوضحت هذه الدراسة محاولات الإمبراطور جستنيان لإلغاء الطلاق الاتفاقي بشكل كامل، وهو أمر كان قد ذهب إليه من قبله خاله وسلفه الإمبراطور جستين الأول، لكن قوبلت تلك الإجراءات برفض شعبي، فقد أراد الرجال والنساء علي حد سواء، الاحتفاظ بحقهم وحريتهم في اتخاذ قرار بإنهاء زواجهم، ولم يتقبلوا هذا المنع القانوني الكامل، مما اضطر جستنيان في نهاية الأمر إلي الخضوع لرغبة شعبه، وألغي هذا القانون، لكنه لم يترك الباب مفتوحًا علي مصراعيه أمام الأزواج من أجل الحصول علي الطلاق، بل وضع كسابقيه قيودًا علي النساء والرجال يجب عليهم التقيد بها قبل اتخاذ قرار بإنهاء الزواج.
9. أبرزت هذه الدراسة أيضًا، روح الإنسانية التي تمتعت بها قوانين جستنيان، فقد تميز هذا الإمبراطور بمحبته واهتمامه برعيته، ساعيًا قدر إمكانه نحو المحافظة علي سلامة الأسرة وحفظها من التفكك باستمرارية الزواج من أجل حفظ الأبناء من التشتت والضياع بعد طلاق آبائهم وأمهاتهم، فقد كان يري جستنيان في نفسه ”أبًا للجميع” عليه رعايتهم، لذا أولي اهتمامًا خاصًا لشعبه من أجل تأمين حياة أفضل ومستقرة من أجلهم.
10. أوضحت الدراسة نقاط الخلاف والاختلاف بين القوانين المدنية والتشريعات الكنسية، ونظرة كل منهم حول موضوع الطلاق، فعلي الرغم من سعي القوانين المدنية لوضع العراقيل أمام الأزواج من أجل الحد من انتشار ظاهرة الطلاق داخل المجتمع، سعيًا من الأباطرة ومشرعي القانون نحو الحفاظ علي استقرار وسلامة الأسرة والمجتمع بأسره، إلا أنهم لم يمنعوا الطلاق علي الإطلاق مثلما فعلت التشريعات الكنسية التي كان الأصل لديها أن الزواج ”سِر مقدس” وما أن يجتمع الزوجان بموجب هذا السِر فلا يعود شئ بإمكانه التفرقة بينهما، ولا لأي سبب من الأسباب، باستثناء علة واحدة فقط كان بإمكانها تدمير هذا القانون الإلهي وتدمير وحدة الجسد الواحد ألا وهي ” علة الزنا ”.
11. أدي ذلك إلي اشتعال جدل كبير بين آباء الكنيسة حول مسألة هامة ألا وهي ” هل زنا الزوجة وحده موجب للطلاق أم زنا الزوج أيضًا ؟؟ ”. وانقسمت آراء رجال الدين إلي فريقين، أقر الفريق الأول بالمساواة التامة بين الرجال والنساء، أما الثاني فقد اعتبر الزنا جريمة النساء لما قد يتسبب فيه ذلك من مشاكل تخص اختلاط الأنساب، أما زنا الرجل غير موجب للطلاق إلا في حال قد ارتكب تلك الجريمة مع زوجة رجل آخر.
186
12. لم يكن بإمكان من انتهي زواجه بسبب ارتكابه لجريمة الزنا أن يتزوج مرة أخري، ولا حتي بالشخص الذي وقع في الزنا معه، بينما أباحت الكنيسة للطرف البرئ أن يعقد زواجًا آخر إن رغب في ذلك.
13. ميزت التشريعات الكنسية بين أمرين هامين ألا وهما ” الطلاق وحل الزواج”، فلم تعتبر الاثنين شيئًا واحدًا، فقد وضعت تلك التشريعات 3 أسباب توجب حل الزواج الشرعي القائم بين زوجين بالفعل.
14. استمر التباين واضحًا بين القوانين المدنية والتشريعات الكنسية حول مسألة الطلاق، فطوال فترة الدراسة (324م – 565م) استمر أفراد الشعب البيزنطي في الحصول علي الطلاق لأسباب كثيرة غير علة الزنا، ملتزمين في ذلك بالقوانين المدنية، وحتي الكنيسة حينها لم ترفض أو تشجب القوانين المدنية، مع أننا نجد بعض آباء الكنيسة من خلال كتاباتهم أنهم قد أوضحوا أن لا طلاق في المسيحية إلا بسبب زنا أحد الزوجين، واستمروا في سعيهم لتقليل الأسباب التي أقرتها القوانين المدنية من أجل الطلاق، حتي نجحوا في مسعاهم هذا في القرن التاسع الميلادي.
15. يتضح من كل ما سبق تناوله من خلال هذه الدراسة، أن وجود النص القانوني شئ وتطبيقه علي أرض الواقع والالتزام به من قِبل الناس شئ آخر، فعلي الرغم من وجود تلك النصوص القانونية وتطورها عبر الزمن بما يتناسب مع روح العصر واحتياجات الشعب، إلا أن التزام الناس بها لم يكن أمرًا مؤكدًا، إما لأنها تخالف أهواءهم الشخصية أو حتي لعدم معرفتهم بالقوانين التي تم تشريعها في الدولة، فنري كثيرًا من قوانين جستنيان تخبرنا بأن عقوبة مخالفة أي قانون تتوقف علي مدي معرفة الشخص بهذا القانون، فإن كان يعي ويدرك جيدًا وجود نصٍ ما يمنعه من ممارسة أي فعل، ويعلم أيضًا بوجود عقوبة تتبع هذا الفعل، ورغم ذلك أصر علي عناده، فيكون الشخص مستحقًا لتلك العقوبات، أما الجاهل بالقانون وعقوبة مخالفته فكان يُعفي من المحاسبة.