Search In this Thesis
   Search In this Thesis  
العنوان
معبود الطقس في بلاد الشام والأناضول حتى نهاية العصر الحديدي /
المؤلف
حسب الله، أسامة لطفي عياد.
هيئة الاعداد
باحث / أسامة لطفي عياد حسب الله
مشرف / عادل السيد عبد العزيز
مشرف / عماد عبد العظيم عاشور
مناقش / عماد عبد العظيم عاشور
الموضوع
qrmak معبود الطقس
تاريخ النشر
2024
عدد الصفحات
292 ص. :
اللغة
العربية
الدرجة
ماجستير
التخصص
التاريخ
تاريخ الإجازة
11/2/2024
مكان الإجازة
جامعة الفيوم - كلية الاداب - التاريخ
الفهرس
يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام

from 291

from 291

المستخلص

عُرفت منطقة الشرق الأدنى القديم بأنها منبع الرسالات السماوية، إذ نجد أن أهل الشرق - وتحديدًا الشرق الأدنى القديم - هم أول من دعوا لوجود المعبودات والقوى غير الملموسة. وقد ساعد الاستقرار الذي عاشه سكان هذه البلاد قديمًا على منحهم فرصة التفكير في أمور الخلق وأعمال الخالق، بل والخالق نفسه، وكان الشرق هو الأسعد حظًا من بين مناطق العالم القديم بهذا الاستقرار الذي وصل من خلاله بتفكيره الدنيوي لإنجاز أعمال حضارية مهمة – لا تزال آثارها باقية حتى الآن، وبتفكيره الديني إلى محاولة توحيد المعبودات في معبودٍ واحد، وأشهر تلك المحاولات محاولة إخناتون نشر عقيدة التوحيد بين المصريين القدماء.
رجح بعض علماء علم النفس أن ظهور فكرة وجود المعبود لدى الإنسان قد ظهرت من خلال عاملين متضادين هما: عامل الخوف وعامل الامتنان، وتفسيرهما أن الإنسان البدائي لما وجد أن بعض الكائنات المفترسة تؤذيه، قرر أن يتعبد لها من خلال دافعين هما: أن يأمن شر هذه الكائنات، وأن يأخذ منها قوتها ويحتمي بها كمتعبد يخافها ويخشاها، وهذا هو عامل الخوف، أما عامل الامتنان، فإن الإنسان القديم لما وجد بعض الكائنات تقدم له الخير -مثل البقرة على سبيل المثال- قرر التقرب لها بالعبادة من خلال دافعين أيضا هما: أن يضمن أنها ستقدم له الخير بصفةٍ مستمرة كمتعبد لها، وتعبيرًا عن امتنانه لها.
لم يتوقف إنسان الشرق الأدنى القديم عند فكرة تقديس الكائنات الحية سواء التي تقدم له الخير أو الشر؛ بل طبق الفكرة نفسها على الظواهر الجوية مثل الرياح والأمطار، وتخيل أن هناك معبودًا مختصًا بالرياح والأمطار، يطلقها متى يشاء ويحبسها متى يشاء، وطبق عليها أيضا دافعي الخوف والامتنان، وما يستتبعهما من أفكار وتخيلات، ومن هنا ظهرت فكرة وجود معبود للطقس يتحكم في الظواهر الجوية من برق ورعد وسحب وأمطار ورياح، وما يستتبعهم من الخير في حالة حدوثه، وما يترتب عليهم من أخطار في حالة امتناعهم، وذلك لاتصال ظواهره بالمطر والماء عامة، ذلك السائل الثمين الذي فيه وبه حياة الكائنات الحية، بالإضافة لتحكمه في الرياح التي تنقل حبوب الطلع للتخصيب والتي قد تتحول -في حالة غضب معبود الطقس- إلى وسيلة لنقل الأمراض والأوبئة أو العصف بالكائنات والأشياء وقد عرف هذا المعبود عند الباحثين بمعبود الطقس ومعبود العاصفة ومعبود الجو ومعبود الرعد ومعبود الرياح وإن كانت التسميات الثلاثة الأولى أكثر انتشارًا وتداولاً.
ظهرت ضرورة وجود معبود للطقس في الشرق الأدنى القديم وأهمية اختصاصاته وظواهره بالنسبة لسكان بلاد الشرق الأدنى القديم، وتحديدًا بلاد الشام والأناضول – نظرًا لشدة اعتماد هذه البلاد على الأمطار كوسيلة للحصول على المياه اللازمة للشرب والزراعة والأنشطة الإنسانية المختلفة؛ فقد انتشرت شهرته وعبادته بصورة كبيرة في العديد من مناطق الشام والأناضول وخارجهما، وقد وصلت شهرته إلى الحد الذي جعل المعتقدين فيه يرفعونه – أحيانًا – من موقعه بين المعبودات إلى رأس مجمع معبوداتهم. وقد انتشرت عبادة معبود الطقس في أغلب بلاد الشرق الأدنى القديم، ورغم اختلاف اسم هذا المعبود في كل منطقة؛ إلا أن وظائفه واختصاصاته وظواهره ظلت كما هي. ومن الأشياء المميزة عن معبود الطقس، اختلاف مركزه بين معبودات كل منطقة، وتأرجح سيطرته في مجمع معبودات كل منطقة، فهو تارةً رئيسًا للمعبودات، وتارةً أخرى يكون معبودًا ينافس على رئاسة المعبودات جميعها، ويلاحظ من خلال هذه الدراسة هذا الانتشار الكبير لمعبود الطقس في بلاد الشام والأناضول وليس أدل على ذلك من الألقاب العديدة والصفات المتنوعة والأسماء المختلفة التي منحت لهذا المعبود في مختلف هذه البلاد وما حولها وغالبية الشرق الأدنى القديم.
أما دراسة عبادة معبود الطقس وصوره، فتتطلب عرضًا موجزًا سريعًا لطبيعة كل منطقة وجدت فيها عبادة معبود الطقس، وكذلك اسمه الذي عُرف به في هذه المنطقة، والآلهة المتصلة به وبعض الأساطير التي ارتبطت بمعبود الطقس في كل منطقة، ومعابده التي تم إنشاؤها لعبادته، وغيرها من العناصر المهمة. ويتميز معبود الطقس بميزتين مهمتين، وهما الديناميكية والمرونة على عدة مستويات، فمثلاً على مستوى التعدد، فهو يُعرف بعدة صور وعدة خصائص، وعلى مستوى آخر من الديناميكية، نجده قد يتم دمج اسمه مع اسم آخر لصورة من صوره، كما أن ارتباطه بالدورة الزراعية ما بين الخصب والجفاف، يعطي انطباع حاد بوجود دورة متكاملة مستمرة للحياة، فهو معبود يسيطر على أشياء متحركة حياتية؛ مما يكسبه طابعها نفسه من حيث الحركة والفاعلية.
من المهم أيضًا ملاحظة أن ازدياد قوة عبادة إله الطقس تحولت بعد مدة من القوة الدينية إلى القوة السياسية، بمعنى أنه مع مرور الوقت صار الحكام الصالحين – من وجهة نظر شعوبهم – هم الذين يهتمون بعبادة معبود الطقس، والذين يقدمون له القرابين ويشيدون له المعابد. وقد تزايدت هذه القوة السياسية تدريجيًا إلى الحد الذي كان فيه نقل تمثال معبود الطقس من بلد إلى بلد أخرى يمثل انتقال السلطة من البلد التي نُقِل التمثال منها إلى البلد التي نُقِل إليها، وبهذا يمكن القول أن عبادة معبود الطقس لم تكن تمثل في قوتها السلطة الدينية فحسب، بل والسياسية والأدبية أيضًا، وهناك وجه آخر لمعبود الطقس وصوره في الشرق الأدنى القديم، فبالإضافة إلى كونه معبود الخصب والنماء، فهو أيضًا معبود الجو الذي يرسل عواصفه المدمرة لإبادة الأعداء، ولا يتورع عن قتل أقرب الأقربين إليه إذا تطلب الأمر، كذلك ما تشمله أساطيره والنصوص التي تتحدث عنه أمور تدل على ذكائه وحكمته التي من خلالهما استطاع التربع على عرش المعبودات وانتشار عبادته.
الدراسات السابقة:
استند الباحث في هذه الدراسة إلى العديد من الإصدارات التي تناولت بعض المعلومات عن معبود الطقس في بلاد الشام والأناضول منها:
الإصدارات العربية، وفي مقدمتها بعض إصدارات خزعل الماجدي التي تتناول المعتقدات والآلهة في بلاد الشام ومنها الدراستين:
- خزعل الماجدي، المعتقدات الكنعانية، (عمان: دار الشروق، ط1، 2001).
والذي يتناول الماجدي فيه الديانة الكنعانية ومجمع معبوداتها، وأيضًا:
- خزعل الماجدي، الآلهة الكنعانية، (عمان: دار أزمنة، ط1، 1999).
يتناول الماجدي في هذه الدراسة الآلهة الكنعانية، ومنها معبود الطقس، إلا أننا نلاحظ من خلال ما كتبه تقديم نسب جديد لمعبود الطقس في كنعان، ومع ذلك لا يفسر الكثير من الأمور والتساؤلات التي يجب الإجابة عليها.
يضاف لما سبق دراسة:
- حسني حداد وسليم مجاعص، أناشيد البعل، قراءة جديدة للأساطير الأوغاريتية، (لبنان: دار أمواج، ط1، 1995).
يتناول حسني حداد وسليم مجاعص في هذه الدراسة العديد من الأساطير الأوجاريتية ومنها ما يختص بدورة بعل الموسمية والتي تمثل عصب فكرة ملكية بعل، ويماثل هذه الدراسة في الأهمية أيضًا دراسة:
- أنيس فريحة، ملاحم وأساطير من اوغاريت (رأس الشمرا)، (بيروت: دار النهار، 1980).
هذه الدراسة تتناول أيضًا أساطير معبود الطقس في أوجاريت، ورغم أهمية الدراستين السابقتين إلا أنهما لا يتعرضان بشرح لطبيعة معبود الطقس بصورة أكثر تفصيلاً.
أما بالنسبة للدراسات الأجنبية فكان منها كتاب:
- Smith, M.S., & Wayne, T.P., The Ugaritic Baal cycle: Introduction with text, translation and commentary of KTU/CAT 1.3-1.4, II, (Leiden, 2009).
في هذه الدراسة يتناول ”سميث” تحليلاً لبعض أساطير معبود الطقس في بلاد الشام؛ إلا أنه لا يتعرض لبقية صوره في مناطق الشرق الأدنى القديم.
من الدراسات المهمة أيضًا التي استفاد منها الباحث دراسة مهمة بعنوان:
- Schwemer, D., “The Storm-Gods of the Ancient Near East: Summary, Synthesis, Recent Studies Part II”, JANER 8, no. 1, (2008): 1-44.
- ــــــــــــــــــــــ, “The Storm-Gods of the Ancient Near East: Summary, Synthesis, Recent Studies Part I”, JANER 7, no. 2, (2007): 121-168.
تتكون هذه الدراسة من جزئين، ويتناول فيهما ”شڤيمر” بعض صور معبود الطقس في بلاد الشام والأناضول وتفتح هذه الدراسة العديد من التساؤلات والنقاط البحثية التي اسثمنها الباحث وحاول الاستفادة منها من خلال محاولة الإجابة على هذه التساؤلات.
كذلك استعان الباحث بصورة كبيرة بالدراسة المعنونة بـ :
- Green, A.R., The Storm-God in the Ancient Near East, (Indiana, 2003).
والتي فيها يقدم ”جرين” بعض صور معبود الطقس في بلاد الشام والأناضول وحاول من خلالها وضع تصور للترابط بينها.
أيضًا مثلت دراسة سميث والتي تحمل العنوان:
- Smith, M.S., The Ugaritic Baal Cycle: Introduction with Text, Translation and Commentary of KTU 1.1-1.2, I, (Leiden, 1994).
مصدرًا مهمًا للباحث في دراسته، حيث تمثل دراسة ”سميث” هذه الأساس لأساطير بعل والتي تمثل عصب ديانة بلاد الشام والمرتبطة ارتباطًا وثيقًا بدورة الخصب المهمة في بلاد الشام.
أهمية الدراسة:
تأتي أهمية هذه الدراسة من خلال كونها تتناول موضوع معبود الطقس في بلاد الشام والأناضول بشكل مكثف ومستفيض ومدعمة بأحدث الاستنتاجات التي توصل إليها العديد من الباحثين الذين تناولوا بعض العناصر المتعلقة بمعبود الطقس، وخلال الدراسة استعرض الباحث ملامح الفكر الديني لدى سكان بلاد الشام والأناضول ومعرفتهم بالآلهة ابتداءً من الإلهة الأم ووصولاً إلى معبود الطقس، كما حاول الباحث تقديم عرض شامل لصور معبود الطقس في بلاد الشام والأناضول بصورة موسعة شملت أسمائه واختصاصاته ووظائفه وأشكاله وما يتصل به من آلهه ونصوص وأساطير، بالإضافة لنماذج من معابده. كل ذلك بجانب توضيح الدور الديني والسياسي والاجتماعي المرتبط بعبادة معبود الطقس. كذلك عمل الباحث على تقديم صورة مرتبة زمنيًا –قدر الإمكان – لعبادة معبود الطقس وذلك رغم صعوبة تتبع تطور صور معبود الطقس زمنيًا في بلاد الشام والأناضول بسبب حركة التبدلات والتحركات والهجرات الشعوبية بين أجزاء بين الشام والأناضول، بالإضافة لذلك حاول الباحث جاهدًا ربط موضوع الدراسة بالعديد من العلوم المساعدة في دراسة التاريخ كتطبيق عملي لاستخدام منهج البحث التاريخي فاتصلت الدراسة بعلوم: الآثار والجغرافيا والدين والسياسة والجيولوجيا واللغة وغيرها من العلوم التي رأى الباحث أهمية استخدامها لتفسير طبيعة عبادة معبود الطقس في بلاد الشام والأناضول.
تقسيم الدراسة:
قسم الباحث هذه الدراسة إلى أربعة فصول، تناول الباحث في الفصل الأول بعض ملامح الديانة في بلاد الشام والأناضول وأهم عناصرها من النظام الكهنوتي وتقديم القرابين والعرافة والتنجيم والسحر والوحي والصلوات والموت والدفن وعاداته وعبادة الأسلاف وغيرها من العناصر الدينية، أما الفصل الثاني فقد استعرض فيه الباحث تطور عبادة معبود الطقس في بلاد الشام وإرهاصات ودوافع عبادته وعلاقة عبادته بمناخ وطبيعة وخصوبة المنطقة من أقدم العصور وحتى الألفية الأولى قبل الميلاد مع بيان أهم الآلهة المرتبطة به وصوره وأساطيره مع توضيح كيفية تصويره على النقوش والمنحوتات والأختام، بينما كان موضوع الفصل الثالث عن عبادة معبود الطقس وأهم صوره والآلهة المقترنة به مع تصويره على النقوش والأختام في بلاد الشام خلال الألفية الأولى قبل الميلاد بالإضافة لشرح أنموذج لأحد معابده الشهيرة في حلب، أما الفصل الرابع والأخير فقد خصصه الباحث لدراسة معبود الطقس في بلاد الأناضول وعلاقة بيئة الأناضول الطبيعية بظهور عبادته مرورًا بنظرة الحيثيين للمعبودات وأهم المعبودات المتصلة بمعبود الطقس وإشكالية اسمه وصوره وأساطيره وتصويره مع تناول معبده في خاتوشا كأنموذج لمعابده بالأناضول، وأختتم الباحث الدراسة بمجموعة من النتائج التي توصل إليها خلال البحث.
أخيرًا من عمق القلب يسرني ويشرفني أن أتقدم بأسمى آيات الشكر والعرفان والامتنان لجميع الأساتذة والأهل والأصدقاء الذين رافقوني خلال رحلة البحث حتى يكتمل العمل ويظهر بهذا الشكل وأخص بالذكر:
أستاذي حضرة الأستاذ الدكتور/ عادل السيد عبد العزيز، أستاذ تاريخ وحضارة مصر والشرق الأدنى القديم بقسم التاريخ – كلية الآداب- جامعة الفيوم، والذي أشرف على هذا العمل بصدق واهتمام بالغ وزودني بكل الدعم وكانت ملاحظاته سببًا في إثراء هذا العمل.
كما أتقدم بعظيم الشكر والعرفان والتقدير إلى أستاذي حضرة الأستاذ الدكتور/ عماد عبد العظيم أبو طالب، أستاذ تاريخ وحضارة مصر والشرق الأدنى القديم بقسم التاريخ – كلية الآداب –جامعة الفيوم، والذي تابع هذا العمل من بدايته إلى نهايته، وعاملني كأخ وكان لي مصدر دعم وإلهام وتحفيز وقدم لي كل التوجيهات والمعرفة والأدوات التي ساعدتني في إخراج هذا العمل، أما تواصله الدائم معي ومتابعته المستمرة بصورة شبه يومية للعمل فهو أمر لا أجد كلمات مناسبة تعبر عن مدى شكري وامتناني له عنها.
لا يفوتني أيضًا أن أشكر أساتذتي الأجلاء: حضرة الأستاذ الدكتور/ عبد الجواد مجاهد، الأستاذ بقسم الآثار– كلية الآداب – جامعة بني سويف، وحضرة الأستاذة الدكتورة/ حنان عباس الأستاذ بكلية الآداب – جامعة أسيوط، لتكرم حضرتهما بالموافقة على مناقشة هذا العمل وتحملا في سبيل هذا جهدًا كبيرًا في تدقيق ومناقشة الرسالة بالإضافة لمشقة السفر للمناقشة، لحضرتهم مني كل الشكر والامتنان.
كذلك لا يسعني أن أقدم شكري لأسرتي الكريمة وأصدقائي الغاليين، الذين ساندوني طوال مدة الدراسة واحتملوا معي متاعب وصعوبات دراستي، فلهم مني كل تقدير وحب وشكر وامتنان، داعيًا الله أن يعوضهم جميعًا - وكل من تعب معي- بالخير والسعادة عن كل ما قدموه لي في سبيل إخراج هذا العمل للنور.
ختامًا، أرجو من الله أن أكون قد وفقت في تناول هذا الموضوع بصورة علمية لائقة، معتبرًا إياه مجرد دعوه للتفكير والبحث عن المعرفة بروح التساؤل والاستكشاف واضعًا عن مجهود هذا العمل ثقتي في الله الذي لا ينسى تعب الذين يعملون بأمانة واجتهاد في طريق العلم والإيمان.