الفهرس | يوجد فقط 14 صفحة متاحة للعرض العام |
المستخلص فإن علم الفقه من أشرف العلوم؛ إذ هو قوام حياة الناس، وإليه مرجعهم في عباداتهم ومعاملاتهم، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾( ) وهو من علامات توفيق الله لعبده، وإرادته به الخير قال النبي غ: ”من يُرد الله به خيرًا يفقهه في الدّين”( ). فالاشتغال به من أفضل القربات، وأجل الطاعات، وهو خير ما تنفق في تعلمه وتحصيله الأوقات. ومن كرم الله وفضله أنْ هيأ لهذا العلم رجالاً أفذاذًا، نذروا أنفسهم لخدمته، وصرفوا هممهم للتصنيف فيه، وشرح مختصراته، وتهذيب مطولاته، فيسَّروا قطوفه دانية لكل طالب علم، وأثروا المكتبة الإسلامية بنفائس المصنفات وتمموا بجهودهم ما بدأه أئمة المذاهب من قبلهم. ومن هولاء الفقهاء ابن حجر الهيتمي – رحمه الله - قَدِمَ إلى مكة في آخر سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، فحج وجاور بها، ثم عاد إلى مصر، ثم حج بعياله في آخر سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، ثم حج سنة أربعين وتسعمائة، وجاور من ذلك الوقت بمكة، وأقام بها يدرس ويفتي ويؤلف ( ). ومن مؤلفاته: ”شرح المشكاة” و” شرح المنهاج ” وشرحان على ”الإرشاد” و”شرح الهمزية البوصيرية” و”شرح الأربعين النواوية” و”الصواعق المحرقة” و”كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع” و”الزواجر عن اقتراف الكبائر” و”نصيحة الملوك” وشرح مختصر الفقيه عبد الله المسمى ”المنهج القويم في مسائل التعليم” و”الأحكام في قواطع الإسلام” و”شرح العباب” المسمى بـــــــ”الإيعاب”. وأخذ عنه من لا يُحْصَى كثرة، وازدحم الناس على الأخذ عنه، وافتخروا بالانتساب إليه، وممن أخذ عنه مشافهة شيخ مشايخنا: البرهان بن الأحدب. وبالجملة فقد كان الهيتمي – رحمه الله - شيخ الإسلام خاتمة العلماء الأعلام، بحرًا لا تكدره الدلاء، إمام الحرمين كما أجمع عليه الملأ، كوكبًا سيَّارًا في منهاج سماء الساري، يهتدي به المهتدون تحقيقًا لقوله تعالى: ﴿وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾( )، واحد العصر، وثاني القطر، وثالث الشمس والبدر، أقسمت المشكلات ألا تتضح إلا لديه وأكدت المعضلات ألا تنجلي إلا عليه، لا سيما وفي الحجاز عليها قد حجر، ولا عجب فإنه المسمى بابن حجر( ). |